Pasar al contenido principal
أليساندرو فانولي.. استعادة صقلية الإسلامية

يركّز الباحث الإيطالي أليساندرو فانولي (1969) على التأثيرات العربية الإسلامية في بناء حضارات البحر الأبيض المتوسط، منذ العصر الأموي وانتهاء بالدولة العثمانية، واستعادة التفاعل بين المسلمين والمسيحيين في الأندلس والجنوب الإيطالي الذي كان له دوره الكبير في تطور الفكر والثقافة والفنون الأوروبية.

 

ووفق هذا المنظور تبدو الحضارة الإسلامية امتداداً لما سبقتها من حضارات قديمة وحلقة وصل لما أتى بعدها، مثلما يوضّح Alessandro Vanoli  في عدد من مؤلّفاته مثل "الكلمات والبحر. ثلاثة اعتبارات تتعلق بالخيال السياسي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط " (2005)، و"العرب والنورمانديون في صقلية" (2005/ مشترك)، و"هجرات البحر الأبيض المتوسط. بحر ينعكس فيه العالم" (2017)، و"طريق الحرير" (2017/ مشترك)، وغيرها.

 

لعبت الجزيرة دوراً في نقل العلوم بين العالم الإسلامي وأوروبا

 

صدرت حديثاً النسخة العربية من كتابه "صقلية المسلمة" عن "دار المأمون" في بغداد بترجمة استاذ الدراسات الإيطالية والباحث العراقي بهاء نجم محمود، وكانت الطبعة الأولى من الكتاب نُشرت بالإيطالية عام 2012، وترجمت إلى لغات عدّة.

 

يشير المؤلّف إلى الموقع الجغرافي المتفرّد لجزيرة صقلية الإيطالية في البحر المتوسط، والذي دفع المسلمين إلى السيطرة عليها بعد انتزاعها من الإمبراطورية البيزنطية في القرن التاسع الميلادي ليستمر حكمهم فيها حتى القرن الحادي عشر حين غزا النورمانديون الجزيرة وأقاموا دولتهم فيها.

 

يدرس فانولي الحضور الإسلامي الذي لا يزال قائماً في صقلية على المستوى التاريخي والأثري والمعماري والثقافي، حيث لعبت الجزيرة دوراً كبيراً في نقل العلوم والآداب والفنون والعمارة والأزياء والأطعمة بين أوروبا وممالك إسلامية عديدة طوال تلك المدة.

 

الصورة

غلاف الكتاب

 

يتناول الفصل الأول العلاقات بين الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية والغربية، والصراع بينهما على صقلية والذي انتهى إلى سيطرة الأولى عليها، لكنها ستتحوّل إلى قاعدة عسكرية شهدت توترات دائمة في وقت لاحق، ثم يضيء الفصل الثاني صعود الإسلام والهوية العربية الأمازيغية المختلطة في شمال أفريقيا والدول المتعاقبة على حكم المنطقة وصولاً إلى الأغالبة.

 

يوضّح الفصل الثالث العلاقات بين الصقليين والمسلمين خلال الحكم البيزنطي حيث الرحلات الاستكشافية الأولى والتواصل التجاري، بينما يقدّم الفصل الربع مرحلة الحكم الإسلامي للجزيرة وما حولها من جزر مثل مالطا، وكيف وُلد مجتمع صقلي جديد.

 

يستعرض الفصل الخامس حكم الأغالبة للجزيرة الذي اعتمد على المذهب المالكي في القضاء، ويبيّن الفصل السابع فترة حكم الفاطميين لصقلية، ثم يدرس فانولي في الفصل الثامن تعريب الجزيرة وأهمّ مظاهره الثقافية، وينتقل في الفصل التاسع إلى إضاءة دور اليهود في تلك الفترة، ويكشف الفصل العاشر عن طبيعة حكم المسلمين وإدارتهم لشؤون الزراعة والمياه والصناعة.

 

ويناقش الفصل العاشر مدن صقلية خلال الحكم الإسلامي وأبرز الشخصيات من سياسيين وتجار وقضاة وأطباء ومدرسين وكيف بُنيت العاصمة باليرمو، ويتطرق الفصل الحادي عشر إلى صورة المسلمين في صقلية لدى الغرب من خلال ما تركوه من إرث حضاري، بينما يدرس الفصلان الثاني عشر والثالث عشر حركات التمرّد التي وقعت في الجزيرة خلال تلك المرحلة وصولاً إلى سقوطها في يد النورمانديين.

 

يُختتم الكتاب بالفصل الرابع عشر الذي يوضّح الدور الذي لعبه المسلمون خلال الحكم النورماندي في مجال الترجمة بين اللغات السريانية والعربية إلى اللاتينية، ومساهمة العلماء والمهندسين والفنانين المسلمين في تشييد العديد من المعالم التاريخية، كما يفصّل أبرز كتابات الجغرافيين والرحّالة العرب عن الجزيرة خلال تلك الفترة، وكيف انتهى الوجود الإسلامي فيها.

 

 

 

المصدر: الشرق الأوسط 

12 Ene, 2022 12:53:04 PM
0