Pasar al contenido principal

نهاية العالم أوشكت وعدم الاطمئنان يسود: سيكولوجية ٢١ ديسمبر ٢٠١٢

ينتج عن دوران الأرض حول نفسها، وزاوية ميلها، ودورانها حول الشمس، اتِّساقٌ فلكي وأرصادي. وتسمح لنا حالات الاتساق هذه باستخدام مجموعة متنوعة من النظم الرياضية الاعتباطية نسبيًّا من أجل توفير تواريخ لكل أنواع الأحداث ذات النفع، مثل المواسم الصحيحة للزراعة. ورغم ذلك، في ضوء الطبيعة الاعتباطية لهذه النظم، من البديهي ألا يكون لتواريخ معينة داخل أي نظام محدد أية دلالة على حدوث تغير كاسح في عالم البشر أو العالم الطبيعي.

يقودنا هذا إلى سؤال نفسي مثير للاهتمام: لماذا تتسبَّب هذه التواريخ الاعتباطية في إصابة هذا العدد الكبير من البشر بالهيستريا؟

تخبرنا حاليًّا بعض المصادر الإعلامية بأن العالم سينتهي في ٢١ من ديسمبر من عام ٢٠١٢. يُشار إلى أن هذا قد تنبَّأ به شعب المايا؛ نظرًا لأن هذا التاريخ يتزامن مع نهاية نظام تقويم معروف باسم «باكتون» في نظامهم «للعد الطويل». يُشار أيضًا إلى أن هذا التاريخ يتزامن مع «محاذاة في المجرة»، وهي ظاهرة يبدو أن وجودها يعتمد على مصطلحات غامضة أكثر من اعتماده على علم فلك فعلي (كروب، ٢٠٠٩)، لكن هذا — وإن كان حقيقيًّا — لن تكون له أية دلالة أرضية على الإطلاق. ومن الحقيقي أيضًا أن هناك وثيقة واحدة على الأقل للمايا تذكر هذا التاريخ دون إعطائه أية دلالة تتعلق بنهاية العالم على الإطلاق (باور، ٢٠١٢).

إلا أننا قيل لنا أيضًا إن هذا التاريخ كانت له دلالة لدى شعب الهوبي في الجنوب الغربي الأمريكي. وبالطبع حافَظَ تجار المسافات الطويلة — البوتشتكاتل (الأزتك) المكسيكيون — على شبكة تجارية تمتد على الأقل من دولة المايا إلى الحدود الجنوبية للجنوب الغربي الأمريكي. وليس من المستحيل توقُّع عبور بعض الأفكار المتعلقة بالتقويم، مع حجر التورمالين والسبج وببغاوات أمريكا الوسطى، عبر طرق التجارة هذه.

ورغم أن هذه الإمكانية تمثِّل مسألة مثيرة للاهتمام لعلم الآثار، فإن التَّزامن المزعوم لشعبَي المايا/الهوبي في التواريخ لا يقدِّم — ببساطةٍ — سببًا كافيًا حتى تبيع منزلك وتنتقل إلى الجبال بعيدًا عن الحضارة الهالكة، وتأخذ معك بندقية وعددًا هائلًا من السلع المعلَّبة. وهذا صحيح على وجه الخصوص في ضوء حقيقة أن البشر لديهم تاريخ سيئ للغاية في التنبؤ بالمستقبل. وبالطبع هذا ليس مثيرًا للدهشة؛ نظرًا لأن المستقبل لم يحدث بعد. إلا أنه منذ عرافي دلفي وكوماي، ووصولًا إلى التوقعات الخاطئة على نحوٍ مثير للدهشة بشأن النتائج المحددة لتغير المناخ في العصر الحديث، سعى الناس دائمًا نحو الوصول إلى معرفة دقيقة بتفاصيل المستقبل. وقد تكرر فشل البشر، وكان لهذا الفشل أحيانًا تبعات مروِّعة.

على سبيل المثال؛ في أثناء الحرب اليونانية/الفارسية، لم يُفلح توقع عرافة دلفي — بأن الشعب الأثيني سيكون بمأمن خلف «حائطهم الخشبي» — مع الأثينيين الذين بَنَوْا مثل هذه الجدران حول أكروبوليس (هضبة) أثينا وتعرَّضوا للذبح فورًا على يد الفارسيين (حيث إن الجدران الخشبية قابلة للاشتعال على نحوٍ مذهل). وقد قام الأميرال البحري ثيميستوكليس على الفور بتعديل هذه النبوءة، فجعلها تشير إلى سفنه في معركة سلاميس (هيرودوت، ٢٠٠٦)، التي لا يمكن إنكار أنها صُنعت من الخشب، إلا أن السفينة تختلف عن الحائط، وادِّعاء أنهما متماثلان كان — ولا يزال — ضربًا من الخيال.

ظهرت التواريخ المتعلقة بنبوءة نهاية العالم واختفت عدة مرات؛ ففي السنوات الأخيرة رأينا هيستريا «بوابة السماء» (فيك، ١٩٩٧)، حيث قام الناس ببيع ممتلكاتهم وتجمَّعوا تحت قيادة قائد ذي شخصية كاريزمية، واستعدوا لترك الأرض على متن أطباق طائرة كانت تختبئ فيما يبدو خلف مُذَنَّب هيل-بوب (وهو أمر مستحيل فيزيائيًّا). وبصرف النظر عن الفيزياء، ارتكب أنصار فكرة «بوابة السماء» انتحارًا جماعيًّا حتى ترحل أرواحهم على الأقل إلى السماء — الجنة — أو أي مكان آخر؛ حيث تطير إلى هذه اللانهائية غير المحددة في صحبة كائنات فضائية افتراضية على متن مركبتها الفضائية التي لا تخضع لقوانين الفيزياء.

تقدم ظاهرة «مشكلة عام ٢٠٠٠» مثالًا آخر موثقًا لإيحاء نهاية العالم (نولتي، ٢٠٠٩)، حيث باع كثير من الناس كل ما يملكونه واتجهوا إلى التلال؛ لأن جميع أجهزة الكمبيوتر — بطريقةٍ ما — سيصيبها العطل؛ مما يقدم أساسًا لنهاية الحضارة.

من الواضح أن هذه الأشياء لم تحدث.

إلا أنه بالرغم من هذه الحقائق، ظل كثير من الناس مرتبطين بفكرة نبوءة نهاية العالم. فتغمرنا حاليًّا برامج في القنوات الفضائية عن نهاية العالم الوشيكة. وشاهد كتَّاب هذا المقال — مع باقي العالم — كثيرًا من البرامج الوثائقية التي «تثبت» دلالة يوم ٢١ ديسمبر ٢٠١٢، فيما يتعلق بنهاية العالم؛ جمعت هذه البرامج كل شيء بدايةً من شعبَي المايا والهوبي وحتى تنبؤات نوستراداموس وحتى تأثير الكائنات الفضائية.

ما هو الأساس النفسي لهذه الظاهرة؟ وما الذي يظن الناس بالفعل أنه سيحدث في ٢١ من ديسمبر؟

عزمنا على أن نعرف.

سيكولوجية عام ٢٠١٢

أنهى مائة وعشرة طلاب جامعيين في إحدى جامعات كاليفورنيا عدة دراسات طُلب منهم فيها تصنيف درجة اعتقادهم بأن تغيرات كبرى في العالم ستحدث في ٢١ ديسمبر ٢٠١٢. سُئلوا أيضًا عن مصادر اعتقادهم هذا، وعن معتقداتهم في عدد من المجالات ذات الصلة، منها أنواع مختلفة من النبوءات، وعن معتقداتهم الخاصة بشأن ما يُفترض أن يحدث تحديدًا في هذا التاريخ المشئوم، وأخيرًا عن سماتهم الشخصية. وكانت إحدى هذه السمات تقع ضمن نطاق الانفصال.

ويُقاس الانفصال بواسطة «مقياس التجارب الانفصالية» الذي يتعامل مباشرة مع هذه السمة النفسية. يؤدي الانفصال إلى تقليل التقييم النقدي للواقع. وكما ذُكر سابقًا في مقال بمجلة «سكيبتيكال إنكوايرر» (شاربس، ٢٠١٢)، فإن الأشخاص الذين يعانون من الانفصال ربما يشعرون «بشعور غريب» بشأن أنفسهم والعالم من حولهم. ربما يكون لديهم تصور غريب بشأن مرور الوقت أو بشأن خبراتهم الشخصية. وربما يبدو العالم «غير واقعي تمامًا أو … متفككًا» (كاردينا، ١٩٩٧، ٤٠٠). ويشعر كل شخص تقريبًا بتلك الأحاسيس — إلى حدٍّ ما — من وقتٍ لآخر، فالانفصال في حد ذاته ليس مرضًا عقليًّا. إلا أن الانفصال عن الواقع ربما يدفع من يعانون من مستويات غير مَرضيَّة من الانفصال — المستويات النمطية لدى كثير من عامة الناس ولا تشخص على أنها مرض عقلي بأي حالٍ من الأحوال — إلى معالجة الأشياء المستحيلة أو غير المحتملة بمستوًى عالٍ من السذاجة (انظر دي برينس وفرايد، ١٩٩٩).

هل هذا الافتراض صحيح؟ في بحث نُشر من قبل (شاربس وآخرون، ٢٠٠٦ – شاربس وآخرون، ٢٠١٠)، بالإضافة إلى مقال نُشر مؤخرًا في مجلة «سكيبتيكال إنكواريرر» (شاربس، ٢٠١٢)، تعامل مختبرنا مع دور الانفصال في المعتقدات الخرافية. وقد اكتشفنا أن المصابين بالانفصال ليس من المحتمل فقط أن يؤمنوا بالأشباح والمخلوقات الفضائية و«المخلوقات الخرافية» — مثل «بيج فوت» — لكن يزيد احتمال رؤيتهم في الواقع لهذه الأشياء وتفسيرهم للمؤثرات الغامضة، على أنها ذات طبيعة خارقة. فبينما يرى الآخرون أن «بيج فوت» ما هو إلا خدعة، يراه المصابون بالانفصال على أنه حقيقة. ومن المهم تكرار ذكر أن الميول الانفصالية متوطِّنة لدى عامة الناس؛ فأي شخص في أي مجال في الحياة يحتمل أن يمتلك ميولًا انفصالية تؤثر في حُكمه الدقيق على الواقع.

نظرًا للعلاقة بين العمليات الانفصالية والمعتقدات في عالم «الخوارق»؛ فمن المتوقع أن يقع من يعانون من الميول الانفصالية فريسة للمعتقدات الخارقة — مثل تلك التي تحيط بظاهرة عام ٢٠١٢ — بمستوًى أعلى ممن ليس لديهم مثل هذه الميول.

هل يؤمن الناس حقًّا بنهاية العالم في ٢٠١٢؟

يشارك الخاضعون لهذا البحث — وهم طلاب جامعيون — باستمرار في التقييم العلمي للمعلومات النموذجية والمصادر الإعلامية، بالإضافة إلى مشاركتهم في دورات تدريبية تعزز التفكير النقدي. حتى مع هذا، أظهر الخاضعون للبحث مستويات غير متوقعة من السذاجة في حالة نبوءة نهاية العالم في ٢٠١٢. وعندما سُئلوا عما إذا كانت «تغيرات كبرى» ستحدث نتيجة ٢١ ديسمبر، أجاب ٤٤٫٦ في المائة أنهم لا يتوقعون مثل هذه التغيرات، أو أن حدوث مثل هذه التغيرات سيكون بعيد الاحتمال للغاية، إلا أن ٩٫٨ في المائة توقعوا أن حدوث مثل هذه التغيرات إما محتمل للغاية أو مؤكد، في حين أقر ٤٥٫٦ في المائة بأن مثل هذه التغيرات ممكنة، دون إبداء رأي قوي في جانب معين. نستنتج من ذلك أن أكثر من نصف الخاضعين للبحث هؤلاء — ٥٥٫٤ في المائة — متأثِّرون على الأقل إلى حدٍّ ما بالمزاعم المبالغ فيها لعام ٢٠١٢، إما بتصديقها أو على الأقل بالتفكير في فرضية حدوث تغيرات كبرى للأرض ولطريقة حياة البشر عليها على إثر هذا التاريخ.

الميول الانفصالية

كما أشارت أبحاثنا السابقة، لعبت الميول الانفصالية دورًا في هذه الظاهرة؛ وعليه أُجريت سلسلة من تحليلات الانكفاء تختبر الانفصال وعلاقته بالمتغيرات المذكورة آنفًا.

ونتج عن ذلك بعض الأخبار الجيدة؛ إذ لم ترتبط الميول الانفصالية بالاعتقاد بأن تغيرات كبرى — سواءٌ فيزيائية أو اجتماعية — ستحدث. إلا أنه كانت ثَمَّةَ أخبار سيئة أيضًا؛ فقد أظهرت تحليلات الانكفاء أن من لديهم سمات انفصالية أكثر قد مالوا إلى الاعتقاد في أن نبوءات المايا ونظام تقويمهم قد توقعا حدوث هذه التغيرات — إذا وقعت هذه التغيرات فعليًّا.

لم يقر المصابون بدرجة أكبر من الانفصال بالقدرة التنبُّئية لنبوءات الهوبي، أو النبوءات الإنجيلية أو نبوءات مثل نبوءات نوستراداموس. كذلك لم يكن من المرجح تصديقهم عودة المعبود «كيتزالكواتل» أو أي مسيح أو مجيء مخلوقات فضائية. كذلك ظلت تنبؤات معينة بنهاية العالم غير مصدق عليها، ومنها الأسباب الأرضية مثل الاحترار العالمي، وكذا الحال بالنسبة للأسباب التي يكون البشر مصدرها (مثل الحرب والإرهاب)، والتي يكون مصدرها من خارج الأرض (مثل الكويكبات). إلا أن الانفصال قد تنبَّأ بالاعتقاد في قدرة نبوءات غير محددة، منها «الدينية» أو المستمدة من «محاكاة الكمبيوتر».

وعند وضع هذه النتائج معًا نجدها تقدم نمطًا معقدًا لكنه يكشف لنا الكثير. فعلى الرغم من أن الانفصاليين لا يُظهرون — بوضوحٍ — اعتقادًا في التغيرات الفيزيائية أو الاجتماعية الكبرى نتيجةً لحلول ٢١ ديسمبر، فإنهم صدقوا قدرة نبوءات المايا على توقع هذه التغيرات، وهو نوع من التناقض المعرفي الواضح. في الوقت نفسه، لم يقروا أية نبوءات محددة أخرى عدا نبوءات المايا. ومع ذلك فقد أقروا بالقدرة التنبُّئية لمجالات تنبؤ أكثر شمولية (مثل الدين والكمبيوتر وغيرها) لم تُقدم ملامح معينة بشأنها. كيف لنا أن نفسر هذا النمط النفسي؟

الجشطالت وعمليات التركيز على الملامح

ناقشنا في أبحاث سابقة (شاربس ونيونز، ٢٠٠٢ – شاربس، ٢٠٠٣ – شاربس، ٢٠١٠) سلسلة من الأفكار المتعلِّقة بالمعالجة البشرية للمعلومات. تتراوح هذه السلسلة من المعالجة التي تركز على الملامح — التي يتعرض فيها مفهوم معين إلى فحص ملامحه الخاصة — إلى المعالجة الجشطالتية؛ التي يغيب فيها هذا التفكير القائم على الملامح؛ ومن ثَمَّ تكون غير ذات أهمية، ويُختزل فيها التفكير المنطقي في التفاصيل المحددة لصالح تقبل أكثر شمولية وغير نقدي للظاهرة المعنية بأكملها.

ترتبط هذه السلسلة ارتباطًا وثيقًا بنموذج النتائج الملاحَظ هنا؛ ففي هذا البحث نرى علاقة لها دلالة إحصائية بين الميول الانفصالية والميل إلى معالجة ظاهرة ٢٠١٢ كوحدة جشطالتية كاملة، دون الانتباه إلى التفاصيل (المعالجة المركزة على الملامح) التي ربما كانت ستؤدي — لولا ذلك — إلى ظهور شك منطقي. يبدو هذا التفاعل بين الجشطالت والعمليات الانفصالية مصدرًا رئيسيًّا للسذاجة وعدم الاتساق المعرفي الأساسي الذي يجعل المعتقدات في نبوءة نهاية العالم ممكنة.

ما الدليل على نمط المعالجة المعرفية هذا؟ كما ذكرنا من قبل، فإن وجود عدم اتساق كبير هو أمر بديهي وواضح؛ فقد أدى الانفصال إلى تقبل نبوءات المايا بشأن نهاية العالم، حتى مع عدم تصديق نبوءة نهاية العالم المتوقعة. فقد صدَّق أصحاب الميول الانفصالية نبوءات المايا، لكنهم لم يصدقوا الظاهرة التي توقعتها هذه النبوءات.

كذلك كان ثمة غياب ملحوظ للمعالجة المركزة على الملامح في النظم المعرفية المستخدمة. فلم يحدث إقرار لأسباب محددة للتغيير (مثل الحرب والاحترار العالمي). بعبارة أخرى، عندما «تحددت» الأسباب المعينة لنبوءة نهاية العالم على نحوٍ يركز على الملامح، لم يمِل الانفصاليون إلى تصديق أن أي شيء سيحدث. حتى عندما كانت النبوءات المعنية محددة (إنجيلية، نوستراداموس … إلخ)، لم يكن أي إقرار لنهاية العالم وشيكًا. إلا أنه عندما تركت النبوءات دون تحديد (بمجرد إشارات جشطالتية مبهمة لأجهزة «الكمبيوتر» أو «الدين»)، فإن الميول الانفصالية تنبأت بمعتقدات مهمة متعلقة بنهاية العالم.

ما الذي يجعل المايا مميزين؟

ربما يبدو أن هذه الحجة يناقضها الإقرار بنبوءات المايا الموضحة، إلا أن «نبوءات المايا» تعد تأكيدًا كبيرًا على كل أنواع الهراء المتعلق بنبوءة نهاية العالم، والذي يغزو حاليًّا قنوات التليفزيون والإنترنت. ووفقًا لطريقة استدلال التوفر (تفرسكي وكانمان، ١٩٧٣)، فإن مصادر المعلومات المتاحة نسبيًّا تؤثر على الأرجح في حكم الإنسان حتى في حالة عدم وجود أساس واقعي لهذا التأثير، وفي الوقت الحالي لا تمثل الإشارة — غير المحددة وشبه الغامضة — إلى المايا شيئًا، إن لم تكن متاحة. كذلك فإن المؤمن العادي بهذه النبوءات عادةً ما لا يكون باحثًا في المايا. ونظرًا للافتقار إلى المعلومات التي تركز على الملامح في الخبرات ذات الصلة؛ فمن المتوقع أن يتعامل الشخص العادي مع إشارة المايا إلى ٢٠١٢ بأسلوب جشطالتي مع غياب الأفكار المركزة على الملامح التي تولد شكًّا منطقيًّا.

الخلاصة

رأينا في هذه الدراسة أن الميول الانفصالية — في مستوًى غير مَرضيٍّ ولدى عامة الناس — تدفع الناس إلى عدم اتساق معرفي، وأن الانفصاليين يؤمنون بنبوءات نهاية العالم، حتى عندما لا يؤمنون بنهاية العالم نفسها. فيوجد إيمان بنبوءات نهاية العالم في المستقبل، حتى مع غياب الاعتقاد بأن تغيرات فيزيائية أو اجتماعية كبرى ستحدث بالفعل.

كيف يكون مثل عدم الاتساق هذا ممكنًا؟ تكمن الإجابة في نظرية الجشطالت/التركيز على الملامح. فمن يميلون إلى الانفصال يفشلون بوجهٍ عام في ديناميكا التركيز على الملامح التي تؤدي إلى وجود شك منطقي. بدلًا من ذلك، فإنهم يتعاملون بأسلوب المعالجة الجشطالتية، التي يسمح فيها الغياب النسبي لملامح مميزة وبنية معرفية محددة بتبنِّي أفكار متعارضة في وقتٍ واحد. وقد ظهر هذا في هذه الدراسة في رفض آراء محددة متعلقة بنهاية العالم، حتى من جانب المصابين نسبيًّا بالانفصال، لصالح تنبُّؤات عامة بالهلاك أقل تبلورًا. ظهر هذا واضحًا من خلال التقبل الانفصالي العام لنبوءات المايا، بسبب كلٍّ من استدلال التوفر (تفرسكي وكانمان، ١٩٧٣) والفهم غير الواضح نسبيًّا وغير المادي لتفاصيل فكر المايا وثقافتهم.

كيف نشجع الشك المنطقي؟

تقدم هذه النتائج تفسيرًا مترابطًا علميًّا للمعتقدات الحالية فيما يتعلق بنبوءة نهاية العالم في عام ٢٠١٢. ويوجد مصدر هذه المعتقدات بالكامل في علم النفس البشري العلمي، أكثر من وجوده في الباراسيكولوجي أو في العوامل الغامضة غير المعروفة. إلا أن هذه النتائج — ذات الأهمية الكبرى المحتملة — ربما تشير أيضًا إلى طريقة التقليل من التفكير غير المعقول أو الغامض أو المتعلق بنهاية العالم في المستقبل. تجدر الإشارة إلى أنه حتى المصابون بدرجات مرتفعة من الانفصال لم يقروا «النبوءات» عندما أصبحت هذه الأمور واضحة وعرضة للمعالجة المركزة على الملامح.

معنى هذا أن مفتاح تجنب التفكير الخرافي — بما في ذلك التفكير في نبوءة نهاية العالم مثل الموجود في سخافة عام ٢٠١٢ الحالية — يكمن في تشجيع المعالجة المركزة على الملامح وتيسيرها. فإذا تجزأت المفاهيم وفقًا لملامحها وعناصرها وعملياتها، فلن يوجد مكان للأفكار الغامضة الجشطالتية التي تؤدي إلى هراء مثل التقبل دون تمييز لمفاهيم غير مادية مثل «نبوءات المايا» و«نهاية العالم».

إن هذه الفكرة ليست جديدة، فقد طالب أفلاطون بإصرارٍ مماثل بتعريفٍ محدد للمصطلحات (مركز على الملامح) (كورنفورد، ١٩٥٧). إلا أنه في هذا البحث يظهر أن مثل هذا الانتباه للتفاصيل — إلى طبيعة الحجة المركزة على الملامح — يؤدي إلى القدرة على رفض مثل هذه المفاهيم الجشطالتية الغامضة مثل «تنبؤات المايا بنهاية العالم»؛ ومن ثَمَّ يؤدي إلى بداية التفكير العقلاني وأساسه.

المعنى واضح؛ فالتعليم الأفضل فيما يتعلق بالأساس العلمي للواقع، وعلى وجه التحديد تأمل الحقائق بأسلوب يركز على الملامح، يمكن أن يقلل المعالجة المبهمة الجشطالتية، ويمكنه حتى تقديم دفاع ضد النزعات الخرافية المتأصلة في الميول الانفصالية. وإننا نأمل أن تدفع النتائج الحالية المعلمين إلى تقديم تحليلات تركز على الملامح للمفاهيم غير المادية المتعلقة بنبوءة نهاية العالم، مثل تلك المتأصِّلة في هيستريا عام ٢٠١٢ الحالية؛ ومن ثَمَّ تقلل عدم الاتساق المعرفي لدى المنشغلين بهذه الادِّعاءات المبالَغ فيها، وتزيد من تعزيز التفكير المنطقي في حقائق العالمين الطبيعي والاجتماعي.

06 Dic, 2015 02:21:14 PM
0