التايوانية «لي آنغ» تمثل جيلا جديدا من الكاتبات
التايوانية «لي آنغ» تمثل جيلاً جديداً من الكاتبات
كان العنف ضد المرأة يتخذ مساحة كبيرة في المجتمع التايواني، وقت صدور رواية «زوجة الجزار» للكاتبة التايوانية «لي آنغ» التي تكتب بلغة حادة، لكسر القيود الاجتماعية، وتحليل سيكولوجية شخصيات أعمالها، لعرض القضايا الاجتماعية الشائكة، وتدور أحداث معظم رواياتها حول الحب والمشكلات الأخلاقية، التي تواجه الشباب، أثناء فترة التحول الاجتماعي، وقد فسرت الكاتبة هذا الأمر في أحد حواراتها الصحفية قائلة: «الهدف النهائي للأدب هو الكتابة عن الذات البشرية، لكن الذات البشرية مقيدة بأغلال اجتماعية، وأنا أتوق إلى استكشاف مشكلات الذات البشرية التي قيدتها القيود الاجتماعية».
يقول النقاد عن «لي آنغ» إنها جاءت من أقدم وأكثر المجتمعات الأسطورية التايوانية، وهي مفعمة بحماسة بالغة نحو العالم الجديد، وتمتلك أسلوباً جريئاً في كتاباتها، لاستكشاف المشترك بين الخيال الغامض وسخرية الواقع، حيث شعرت بقلق كبير إزاء الظواهر المختلفة، التي نشأت في المجتمع التايواني، ولاحظتها بعناية وانعكست في أعمالها.
زوجة الجزار
تأثرت لي آنغ بكتابات شقيقتيها الكاتبة «شي شو» والكاتبة «شي شو تشينغ» وفي عام 1983 فازت روايتها «زوجة الجزار» بالجائزة الأولى لمجلة «يونايتد ديلي نيوز» وأحدثت ضجة كبيرة داخل أوساط الأدب التايواني آنذاك، فقد اتخذت الرواية من الريف التايواني خلفية درامية، وراحت تستكشف طبيعة النفس البشرية والصراع بين الإنسان والطبيعة.
عقب إصدار هذه الرواية أصدرت «لي آنغ» رواية «ليلة مظلمة» وأحدثت ضجة أيضاً، فقد كشفت عن الجانب المظلم في المجتمع الصيني، وأظهرت ملامح وسمات الأدب التايواني الحديث، وكشفت عن تعاطف الكاتبة مع الضحايا الأبرياء، فوصفها أحد النقاد بأنها: «أشبه بساحرة تتلاعب بالحبر وتستدعي القراء إلى عالم من التحولات والانعطافات، يسوده الحزن والشر، فتقيأت ببذاءات القراء بدلًا عنهم، وجلست إلى مخاوفهم وأوهامهم، التي يخجلون منها».
تناولت الكاتبة عبثية الوجود والأفكار اللاعقلانية، وحصدت العديد من الجوائز الأدبية ومن أشهر أعمالها: «زوجة الجزار» و«موسم الزهور» و«شبح مرئي» و«الحب والخطيئة» و«بط بكين وجبة الربيع» و«دموع النساء» و«عالم خاص جداً» و«الحديقة المفقودة» و«تجربة الحب» و«أيامنا الحلوة» وغيرها من الأعمال القصصية والنثرية الكثيرة.
ولدت الكاتبة «لي آنغ» في عام 1952 واسمها الحقيقي «شي شودوان» وتخرجت في جامعة الثقافة الصينية في تايوان قسم الفلسفة وحصلت على درجة الماجستير في الدراما من جامعة أوريغون الأمريكية، وبدأت في دخول عالم الكتابة الإبداعية في سن السادسة عشرة، وكانت لا تزال في المدرسة الثانوية، وقد تلقت تعليمها في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات في تايوان، فاتسمت أعمالها بوعي غربي كبير، وهي تمثل الجيل الجديد من كتاب تايوان.
كانت «لي آنغ» مثلها مثل بعض كاتبات جيلها؛ تعالج القضايا الإنسانية والذات البشرية في كتاباتها، وبعد التسعينات عكست أعمالها التاريخ المظلم للنساء المهمشات، ومصائرهن المأسوية، وشنت هجوماً ضارياً على المجتمع اللاإنساني، فروايتها «زوجة الجزار» تتناول المقاومة البائسة للمرأة، التي تحولت إلى قاتلة، حكم عليها بالإعدام، وفي الوقت الذي صدرت فيه الرواية، كانت هناك قوانين بصدد تجريم العنف ضد المرأة، التي كانت تحتاج إلى قوانين عادلة تضمن لها حقوقها.
نكهة أسطورية
تكشف الرواية عن قبح الطبيعة البشرية، فهناك الزوج جزار الخنازير الذي يشعر بالنشوة عند الذبح، كما أنها تعرض نموذجاً آخر للقبح، وهي العجوز، التي عانت طوال سنوات الحرمان والكبت العاطفي، حتى صارت تضطهد النساء الأخريات.
تحتفي الرواية بأجواء غامضة وبدائية، عند سرد بعض التفاصيل، التي جعلتها تحمل نكهة أسطورية خاصة، يمكن رؤيتها من خلال النصب التذكاري للخنازير، الموضوع أمام المذبح، وشبح الموت والأساطير الخرافية، التي تتنبأ بمصير أبطال الرواية.
لماذا ترجمة هذا العمل؟ هذا السؤال تجيب عنه المترجمة «ميرا أحمد» قائلة: «إن الأعمال الأدبية التي تتسم بقيمة أدبية كبيرة، تفرض نفسها بقوة، وربما قيمة العمل الأدبية، هي ما أثارت حماستي لترجمة هذا العمل، وربما الكاتبة التايوانية «لي آنغ» ذاتها، كونها أهم كاتبات تايوان في الأدب الصيني المعاصر، وطبيعة كتاباتها المثيرة للجدل، فأثارت فضولي، وربما يكون الحافز موضوع الرواية الشائك والأسلوب السردي المتفرد والمشاعر الإنسانية، التي زخرت بها أحداث وتفصيلات العمل، والسؤال الذي عادة ما أطرحه: هل العمل الأدبي هو الذي يُخلد صاحبه، أم إن صاحبه هو الذي يخلد اسمه في الذاكرة؟ ربما حققت الرواية هذه المعادلة الصعبة.
المصدر: الخليج