مستويات اللغة السردية في الرواية العربية
النص هوية معرفية.. تتشكل أبعادها عبر ممارستها لفعل المقروئية، وبذلك تنتج هذهِ الهوية مستويات متعددة ومختلفة تبعًا للأبعاد التي تقرأ فيها، وإذا كان الأمر بهذا التوصيف فإِنَّ من الممكن القول أَنَّ اللغة هي المحور الأكثر تأثيرًا وانسجامًا بالوقت نفسه مع الهوية وأبعادها، وبعد أَنْ تحولت من كونها جهازًا مفاهيميًا صوتيًا إلى كيان عبر صوتي في أحيان أُخرى إذا أخذنا بنظر الاعتبار (لغة الكتابة) أو إلى هسهسة لغوية ينتشر فيها الدال الصوتي والعروضي والنطقي انتشارًا تتجلى فيه كل فخامته.. من غير أنْ يكون المعنى مقصيًا بفظاظة، كما يقول بارت لذة النص 20 ، وبعد أنْ تعدت اللفظة إلى مفهوم النظام كما تعدت الجملة إلى النص.
وفي أي حال من الأحوال فإِنَّ اللغة لا تنفصل عن أداء مهمتين: جمالية واديولوجية ولاشك أَنَّ لهاتين المهمتين سياقات تتحكم فيها أجناس الكتابة وأنماطها، وإذا افترضنا مع سعيد يقطين أَنَّ الأدبية تنقسم على قسمين شعرية وسردية وأَنَّ كلا منهما تحولت من كونها علمًا جزئيًا إلى علم كلي (الكلام والخبر) فإِنَّ للسردية جمالياتها واديولوجياتها وهكذا الشعرية، وهذا الأمر مناسب لنا للقول – وفقًا لهذا التصور – إِنَّ اللغة السردية لغة تقيم دعائمها الخاصة، وهو أمر لا يلغي بتاتًا مجموعة من العوامل المشتركة بينها وبين لغة الأنواع أو الأجناس والأنماط الأخرى، وهو ما دعانا لتسميتها باللغة الموازية التي يتبناها هذا الكتاب.