البشر على اختلاف أهوائهم وأفهامهم، يظلون — ما داموا أحياءً — معلَّقي الأعين بالسماء، سواءٌ وعَوا ذلك أو لم يعُوا. إنه الغيب الذي يخبِّئ الغد، وتتمدَّد فيه الأبدية، والأهم؛ إنه يحتوي تلك القطعة الأخيرة من الأحجية، والتي ما إن نملكها حتى يكون بإمكاننا معرفة سرِّ الإنسان والأكوان والزمن. أمَّا «فدا»؛ بطل هذه المسرحية، فلم يركن إلى مهادنة الغيب وتجنُّبه كما هو شأن عامَّة القوم، بل قام لمجابهته، لانتزاع الحقيقة من بين غيومه المُلغِزة. والمؤلِّف «بشر فارس» وعبر تقنية مسرحية وحوارية فريدة، يورِّط قارئه في حكاية الغيب والشهادة، حكاية حبِّ الأرض الواطئة والشوق إلى السماء العالية، فيجد القارئ نفسه متحوِّلًا إلى شخص فاعل من شخوص العرض، يصعد مع «فدا» إذ يصعد إلى الأعلى، ليتلمَّسا معًا «جبهة الغيب».