نصر أيوب في مجموعته القصصية «حبوب زرقاء»
رغم أن ما ورائيات تماسّ نصر أيوب الخفيف مع الجنس والسياسة والدين في مجموعته القصصية الجديدة، تم من خلال المجازات والاستعارات والرموز، واحتاج في بعض الأحيان للتحليل والتأويل، إلا أن اختلافه عن غيره من مبدعي القصة، جعل القارئ واحدا من الشخصيات التي تمارس أحداثها، حتى وهو يتذاكى على ذلك المتلقي ويـُقدم له بعض ما حدث له في مسيرته الحياتية وتجاربه الشخصية، فإن الشأن العام كان يتقدم.
نصر أيوب، قاص متميز، لم يتأثر بغيره من القاصين، ولكنه لم ينفصل عن التراث، فتجده في بعض قصصه يقتطف ما يغريه من سورة يوسف، ومن كتابات الجاحظ، وابن المقفع، وعند حبكة القصة التراثية نقرأها، ولكن بنكهة عصرية، والجميل أن السرد فيها يحلّ عقده وحده، والنهايات كلها كانت تجعل نار القصة بردا وسلاما على أبطالها وعلى قارئها معا.
فن القصة عند نصر أيوب، وسيلة لغزو القلوب، ولإحداث بلبلة في العقول والصدور والجيوب.
كشف نصر أيوب أسرار المرأة ، المرأة التي يحتضن منديلها عطر عاشقها، والتي تـُطرّز اسم حبيبها على الأطراف السفلية المخفية من زوايا ثوبها، والمرأة التي تـُقدّم عقارب ساعة الحبيب خمس عشرة دقيقة، وحين يتأخر عليها الدقائق نفسها، ويظن نفسه قد خدعها، يجد نفسه بين يديها في الوقت المحدد دون أن يدري.
المرأة عند نصر أيوب، تأخذ حقها من الرجل بيدها، وتدفعه لأن يتكامل دوره مع دورها، وإلا فإنها ستجبره وسترغمه على أن يحقق ذلك التكامل، بالقوة حينا، وبالخدعة في أحيان أخرى.
المكان والزمان والأحداث في قصصه، تلتقي في بعض الأحيان وكأنها مادة بصرية أو سينمائية متحركة تـُعرض على شاشة الحياة، وترتقي في أحيان أخرى إلى الـ»ميتاقص»، فالقاضي يقول لبطل القصة» (حدد نهاية قصتك يا رجل).
نصر أيوب، أديبٌ في عز الشباب، ولكنه يسير على خطى رواد أدبنا المعاصر، الرواد الذين كانوا شموليين في كتاباتهم، فتجد الواحد منهم شاعرا وقاصا وروائيا وكاتبا للمسرح ولأدب الأطفال وغيرها من الأجناس الأدبية والفكر، وهكذا كان نصر أيوب في «حبوب زرقاء».
المصدر: الدستور