Salta al contenuto principale

شريحة بلاستيكية تبرد أي شيء تلمسه

إذا لم تكن من هواة السخونة فأفرح: ربما توفر لك رقاقةٌ من البلاستيك قريباً بعض الراحة من شمس الصيف الشديدة، فالشريحة المصنوعة من البلاستيك الشفاف ومحشوةٌ بكراتٍ زجاجيةٍ صغيرة الحجم لا تمتص أي أشعةٍ من الضوء المرئيّ تقريباً، إلا أنها تعمل على امتصاص الحرارة من أي سطحٍ تلمسه. ولقد أظهرت المادة الجديدة فعلاً أنها قادرةٌ على امتصاص الحرارة بمعدلٍ يصل إلى 10 درجاتٍ مئويةٍ عند دمجها مع رقائق فضيةٍ شبيهةٍ بالمرايا، ويمكن استخدامها لتبريد المباني والإلكترونيات مثل الخلايا الشمسية التي تعمل بكفاءةٍ أكبر في درجات الحرارة المنخفضة، وذلك لأن من الممكن صناعة أحجامٍ كبيرةٍ بتكلفةٍ قليلةٍ.

خلال النهار، تمتص معظم المواد كالخرسانة، الأسفلت، والمعادن، وحتى الناس، الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء من الشمس، وتثير تلك الطاقة المُضافة الجزيئات لتكسبها طاقةً حراريةً، وتنبعث تلك الطاقة للخارج مرةً أخرى مع مرور الوقت على شكل فوتوناتٍ ذات أطوالٍ موجيةٍ أكبر، والتي تكون عادةً في وسط مدى طيف الأشعة تحت الحمراء، ويساعد ذلك المواد على الرجوع لحالة البرودة خاصةً في الليل، أيّ عندما لا يكون هناك امتصاصٌ للضوء المرئيّ ولكنها تضل تُشع الفوتونات تحت الحمراء.

في السنوات الأخيرة، حاول الباحثون زيادة تأثير “التبريد السلبيّ” هذا عن طريق صناعة موادٍ تمتص أقل ما يمكن من الضوء المرئيّ ولكنها تواصل إصدار ضوءٍ وسط مدى الأشعة تحت الحمراء. على سبيل المثال، قام باحثون في عام 2014مـ بقيادة المهندس الكهربائي في جامعة ستانفورد في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا شانهوي فان بصنع رقاقةٍ شبيهةٍ بالشطيرة من ثاني أوكسيد السيليكون (الزجاج) وثاني أكسيد الهافنيوم، والتي تعكس تقريباً كل الضوء الساقط عليها بينما تشع بشدةٍ ضوءاً وسط مدى الأشعة تحت الحمراء، وهو مزيجٌ سمح لها بقدرةٍ على تبريد الأسطح بمقدارٍ يصل إلى خمس درجاتٍ مئويةٍ. ومع ذلك، كان على فان وزملائه استخدام غرفةٍ نظيفةٍ لصناعة الشرائح، وهي عمليةٌ مكلفةٌ ولا تعمل بشكلٍ جيدٍ على نطاقٍ واسعٍ.

عندما رأى عالم المواد في جامعة كولورادو في مدينة بولدر تشيوبو يين أبحاث فان، لاحظ أن المواد عملت جزئياً من خلال تشجيع ارتداد فوتونات الأشعة تحت الحمراء ذهاباً وإياباً بين طبقات الرقاقة، وذلك بطريقةٍ جعلت منها باعثاً أقوى للأشعة تحت الحمراء. وتساءل يين ما إذا كان هناك طريقةً أسهل للقيام بذلك، ومن عمله السابق عرف يين أن الأجسام الكروية يمكن أن تعمل كغرف رنينٍ صغيرةٍ، تماماً مثل مربع صوت الغيتار الذي يشجع موجاتٍ صوتيةً ذات ترددٍ معينٍ لترتد ذهاباً وإياباً في الداخل. وتمكّن هو وزملاؤه من حساب أن الخرز الزجاجيّة البالغ قطرها حوالي ثمانية ميكرو متر (أي أكبر قليلاً من خلية الدم الحمراء) ستكون رناناتٍ قويةٍ للأشعة تحت الحمراء وبواعث قويةٍ للأشعة تحت الحمراء.

لذلك اشتروا حزمةً من مسحوق الزجاج من مورّدٍ تجاريٍّ وخلطوه مع موادٍ لبدء تصنيع بلاستيكٍ شفافٍ مُسمّى بـ “بولي ميثايل بنتين”، ومن ثم شكّلوا مادتهم على شكل رقائق يبلغ سمكها 300 مللي متراً وعززوها بطلاءٍ رقيقٍ من الفضة أشبه بالمرآة. وعندما فُرشت على موادٍ أثناء ظهور شمس منتصف النهار، عكست الطبقة السفلية من الفضة كل الضوء المرئي الذي ضربها تقريباً: إذ امتصت الشريحة حوالي 4٪ فقط من الفوتونات الواردة، وفي الوقت نفسه امتصت الشريحة الحرارة من أيّ موضوعةٍ عليه وأطلقت تلك الطاقة بترددٍ وسط الأشعة تحت الحمراء قدره 10 ميكرو مترٍ. ولأن قلةً من جزيئات الهواء تمتص الأشعة تحت الحمراء عند ذلك التردد، انجرف الإِشعاع نحو الفضاء الفارغ دون رفع درجة حرارة الهواء أو المواد المحيطة به، متسبباً بتبريد الأجسام بمقدارٍ يصل إلى 10 درجاتٍ مئويةٍ. وبنفس القدر من الأهمية، أشار يين أن الشريحة الجديدة يمكن تُعد في لفاتٍ بتكلفةٍ تصل من 0.25 إلى 0،50 دولارٍ للمتر المربع الواحد.

يقول فان الذي لم يعمل على المشروع الحاليّ: “إن هذا عملٌ جميلٌ جداً ويظهر طريقاً نحو تطبيقاتٍ واسعة النطاق لمفهوم التبريد الإشعاعي”. ويقول يين أنه هو وزملاؤه يعملون بالفعل على أحد التطبيقات كهذه، وهو تبريد المياه التي يمكن بعد ذلك أن تُستخدم لتبريد المباني والمنشآت الكبيرة الأخرى. ويمكن أن يكون هذا مفيداً بشكلٍ خاصٍ في محطات توليد الطاقة الكهربائية، حيث أن تبريد المياه حتى لبضع درجاتٍ يمكن أن يزيد من كفاءة إنتاج الطاقة بواقع نقطةٍ مئويةٍ واحدةٍ أو اثنتين، وهو “مكسبٌ كبيرٌ”، كما يقول يين. ويضيف أنه حتى بدون دعامة الفضة، يمكن لشرائح البلاستيك أن تزيد من توليد الطاقة في الخلايا الشمسية، والتي تعمل بشكلٍ أكثر كفاءةً في درجات الحرارة المنخفضة.

 

 روبرت سيرفيس.

19 Giu, 2017 12:00:49 PM
0