شعر حافظ جميل من السيرة إلى وسائل التعبير الفنية - دراسة نقدية -
يعد حافظ جميل من الرعيل الأول بعد الشاعرين الرُصافي والزهاوي وقد توقعا له مستقبلاً شعرياً زاهراً، وقدم عطاءً شعرياً ثراً على مدى نصف قرن من الزمان تصدى من خلاله للأنظمة الجائرة التي تعاقبت على حكم العراق، فحاولت تلك السلطات إسكات صوته والنيل منه بالمطاردة والنقل حتى كاد اسمه يختفي من الساحة الأدبية. وبعد ذلك حظي بالدعم والتشجيع واتجه إلى التعبير عن وجدان أبناء شعبه وأمته، وكان حضوره متميزاً في المناسبات الوطنية والقومية رغم شيخوخته ومرضه، مما أثر في عطائه الشعري في آخر أيامه.
لم أعثر على دراسة مستقلة عن الشاعر سوى كُتيِّب عنوانه (الوطنية في شعر حافظ جميل) لمحمود العبطة، ولكنه يفتقر إلى منهج البحث الأدبي ويمثل مجموعة عواطف شخصية تجاه صديقه الشاعر، كما انه لا يخلو من المبالغة والمعلومات الخاطئة في طياته.
أما دراستنا فقد اعتمدت دواوين الشعر بالدرجة الأولى، وما نشر من قصائد في الصحف والمجلات وما عثرت عليه في مكتبته الخاصة. وقد حاولت الإفادة من منهج الناقد الفرنسي "سانت بيف" الذي يقول: "يجب أن يؤخذ من دواة كل مؤلف الحبر الذي يراد رسمه به"( )، فيجب النفاذ إلى روح الشاعر وبيان أثر حالته الصحية والنفسية في شعره وما ينتج من تفاعل بين شخصية الشاعر والظروف المحيطة به. حاولت الابتعاد عن شرح النصوص قدر الإمكان وعدم الحكم على العمل الأدبي إلا بعد الربط بين العناصر بعضها بالبعض الآخر والوقوف على ما وراء النص لتسجيل موقف الشاعر من هذه الظاهرة أو تلك.