رسائل الشاعر محمد القيسي بين الذاتي والثقافي
محمّد القيسيّ من أعظم الشعراء الغنائيين في الشعرية العربية الحديثة، وإذا كانت شخصيته الإشكالية ـ وقد كان يتحاشاها الجميع في حياته ـ مثيرة للجدل على مستويات عديدة، فلأنه شاعر كبير وإشكاليّ، وليس شاعراً خانعاً يبحث بمراوغة ونفاق عن الفرص كي يستغلّها، وينقر بلا وصوصة كما يقول المثل الشعبيّ، ولأنه يشهر نفسه كما يجب أن يشهر نفسه كلّ شاعر كبير لا يبالي سوى بشعريته وشاعريته وقصيدته، لا يحني رأسه في الخفاء أمام مكاسب صغيرة، وأوهام تافهة، ونجاحات مفبركة مزعومة، ومدعومة بإعلام شخصيّ مزيّن بهالة لا تتجاوز حدود الفايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعيّ إذ بوسع الكثير افتعال ذلك، والتهويم بنجاحات محلية وإقليمية ودولية غير موجودة إلا على الورق، ولأنه شامخ أبداً مثل قامته، يصرّح بحبه مثلما يصرّح باستهانته ومقته وكرهه، ولأنّ حياته كلّها كانت في خدمه شعره، فمرحى للأصدقاء والأعداء ولأولئك الذين يتقلّبون في مواقفهم بين بين، وهم ينسون الكبير محمّد القيسيّ، أو يتناسونه، أو يغيّبونه قصداً، لأنه يقلقهم حتى وهو بعيد عنهم كلّ هذا البعد، غير أنّ شعره العظيم سيبقى شاهداً عليه وعليكم أبداً.