Перейти к основному содержанию

نشر حكايات الأخوين جريم الخرافية

في ٢٠ ديسمبر عام ١٨١٢ شهد الأدب الشعبي نشر عمل فريد من نوعه.

ولد جاكوب وفيلهلم جريم في مدينة هاناو في مقاطعة هيسن كاسل في ألمانيا في عامي ١٧٨٥ و١٧٨٦ على التوالي. كانا أعظم شخصيتين في الاهتمام الفكري الحديث بالحكايات الشعبية الذي نما في عصرهما. اشتمل أول مجلد لهما بعنوان «الأطفال والحكايات المنزلية» الذي نشر في عام ١٨١٢ على ٨٦ قصة. وقد زيد هذا العدد بسبعين قصة إضافية في المجلد الثاني الذي صدر في عام ١٨١٤. تلا ذلك العديد من الطبعات، بحذف بعض القصص وإضافة أخرى، فيما عرف بعد ذلك في اللغة الإنجليزية باسم حكايات الأخوين جريم الخيالية. أثارت هذه الحكايات إعجاب ورعب أجيال من الأطفال في أكثر من ٧٠ لغة، وكانت مصدر إلهام لمؤلفين وفنانين وملحنين وصناع أفلام، بالإضافة إلى خلقها مجالًا فرعيًّا للنقد والتأويل يتضمن تحليل فرويد ويونج.

في عام ١٦٩٧ نشر فرانس تشارلز بيرو ما أصبح فيما بعد حكايات خرافية كلاسيكية للأطفال، التي من بينها «سندريلا» و«القط ذو الحذاء الطويل» و«ذات الرداء الأحمر»، لكن كانت نسخته من هذه القصص موجهة للعائلات الأرستقراطية رفيعة المستوى. كان أسلوب الأخوين جريم مختلفًا تمامًا. فكانا يؤمنان بأن القصص الشعبية، التي تنتقل شفهيًّا من جيل لآخر عبر قرون لا حصر لها، حفظت الأفكار والمعتقدات وردود الفعل الجوهرية تجاه التجربة الإنسانية «للعامة». كانت القصص التي تعبر عن آمالهما وأفراحهما ومخاوفهما وأحزانهما، لها دلالة عميقة للأطفال والبالغين على حد سواء. استقى الأخوان القصص من بيرو وكثيرين غيره، لكن طريقتهما كانت مختلفة في الغالب.

مثال على هذا قصة «سندريلا»، حيث لم تظهر شخصية الجنية الطيبة التي قدمها بيرو. فبعد أن تدهور الحال بالبطلة لتصبح خادمة الأسرة في المطبخ بعد وفاة والدتها وزواج والدها للمرة الثانية، أطلقت عليها زوجة أبيها وابنتاها لقب «أشينبوتل» (بمعنى الفتاة المتربة بالألمانية) وهو ما اشتق منه اسم سندريلا في الإنجليزية. تزرع البطلة غصنًا من شجرة بندق على قبر والدتها، لينمو ويصبح شجرة بعد أن تسقيه بدموعها. ترسل إليها والدتها من السماء حمامتين عند الشجرة لتساعداها عندما تطلب العون بشأن الحفل الملكي الراقص، فتسقطان عليها ثوبًا أبيض وحذاءً حريريًّا لارتدائهما في الليلة الأولى من الحفل الراقص. وتحصل من أجل الليلة الثانية على ثوب فضي أكثر بهاءً وحذاء فضي، وفي الليلة الثالثة ترتدي ثوبًا ذهبيًّا رائعًا وحذاءً ذهبيًّا. أصبح الأمير الآن متيمًا بها وعندما سقطت منها إحدى فردتي حذائها الذهبي وهي تهرب، استخدمها في البحث عنها والتعرف عليها بمساعدة الحمامتين، اللتين هبطتا وأعمتا أختيها الشريرتين غير الشقيقتين من خلال نقر مقلتيهما.

كما في هذه الحالة، تشتمل العديد من نسخ قصص الأخوين جريم على نوع من القسوة، عادةً ما كانت تُحذف فيما بعد في أثناء التحرير، عندما زادت شهرة القصص كحكايات للأطفال. من التغييرات الأخرى — التي غالبًا ما حدثت عرضيًّا — تحويل الأم الشريرة في القصص إلى زوجة أب شريرة، وهو الأمر الذي اعتُبر بوضوح أكثر ملاءمة.

كان الأخوان جريم مؤيدين متحمسين للقومية الألمانية. لقد كانا يريدان رؤية المقاطعات الألمانية المتعددة موحدة في دولة واحدة، كما كانا يؤمنان بأن الحكايات الشعبية تظهر الهوية الألمانية القومية. فكانا يريان أن قصصًا حتى مثل «ذات الرداء الأحمر»، التي تُروى بنسخ متنوعة وبلغات عدة، ترجع أصولها إلى الحكايات الجرمانية القديمة، وتسلط الضوء على أفكار وأحداث ورد ذكرها في الخرافات وعلم الأساطير الجرمانية اعتقدا أن أصداءها قد انعكست في الحكايات الشعبية. استحسن النازيون بشدة أعمال الأخوين جريم التي استغلوها «للتأكيد على السيادة العنصرية والقومية للشعب الألماني»، بحسب ما ذكر البروفسير جاك زايبس في كتابه عن الأخوين جريم.

بعد تخرج جاكوب وفيلهلم من الجامعة في ماربورج، أمضيا عدة سنوات في العمل أميني مكتبة في كاسل. وبسبب تأثرهما بصديقيهما كليمنس برنتانو وأخيم فون أرنيم، اللذين نشرا مجموعة من الأغاني الشعبية في عام ١٨٠٥، وبفضل تشجيعهما لهما بدآ يجمعان الحكايات الشعبية من الرواة القرويين والأصدقاء والعائلات من الطبقة الوسطى وخدمهم، ومن التراث الأدبي الأوروبي. فمثلًا حصلا على قصتي «الجمال النائم» و«هانزل وجريتل»، من صديقة تدعى دورتشن فيلد وأسرتها ومربيتها. تزوج فيلهلم من دورتشن في عام ١٨٢٥، لكن جاكوب لم يتزوج قط وعاش مع أخيه وزوجته.

وبجانب الحكايات الشعبية، نشر الأخوان جريم بين عامي ١٨١٦ و١٨١٨ مجلدين للأساطير الألمانية، ومنذ عام ١٨١٩ بدأ جاكوب في نشر عمل ضخم عن قواعد اللغات الجرمانية. وفي عام ١٨٣٠ انتقل الأخوان جريم إلى جامعة جوتنجن ليعملا أستاذين وأمينَيْ مكتبة بها، ونشر جاكوب كتابًا له تأثير كبير عن علم الأساطير الألماني. وفي عام ١٨٤٠ دعاهما ملك بروسيا فريدريك ويليام الرابع للانتقال إلى العمل في الجامعة في برلين، حيث ظلا هناك حتى وفاتيهما، وهما يضعان قاموسًا ضخمًا للغة الألمانية. توفي فيلهلم عن عمر يناهز ٧٣ عامًا في عام ١٨٥٩، وتلاه جاكوب عن عمر يناهز ٨١ عامًا في عام ١٨٦٣. في هذا الوقت كانا قد وصلا في القاموس إلى حرف F وكلمة Frucht التي تعني فاكهة.

17 дек, 2015 03:35:28 PM
0