جدل النص التسعيني دراسة عن الجيل التسعيني في الشعر العراقي وعلاقته بالاجيال الاخرى
الثقافة وبضمنها الشعر وسائر الفنون، مسؤولةٌ عن صنع مزاجنا ومعرفتنا وخبرتنا.. هكذا نقول دائما، وصناعة المزاج من قبل الثقافة لا سبيل لها سوى بالمعرفة وأنساقها المتغيرة على الدوام، لذا ستخضع ذواتنا لتلك المتغيرات مرغمة في أحيان كثيرة، بسبب إننا نسعى لتلك الثقافات بمحض إرادتنا.، مرة ً لتعلقنا بها، بأعتبارنا مشاريع إنتاج أدبي في طور التشكـّل والنموّ، ومرة لأننا كسائر الناس نبحث عن المتعة والدهشة في متغيرات الأدب ذاته، وفي كلا الحالتين نحن نساهم كما منتجي الثقافة في سموها وانحطاطها..، ألسنا نحن أدواتها ومتلقي أفكارها على اختلاف سعيها في مناكب اللغة ومن ثم الخيال، وصولا إلى الجمال الذي شيدت له آداب العالم مسلات عالية واحتفت به أيما احتفاء؟
لا تسعى هذه الدراسة للتقليل من شأن أي من الأجيال الشعرية في العراق، ولا إلى الترويج للنص التسعيني بأعتباره النموذج الذي استقرت عليه ذائقتنا الجمعية المترامية النظرة إلى الأدب والفن حد التنافر، إنما تحاول أن تساهم في جدلٍ لن يستقر او يهدأ في محاكاة ظواهر الشعر العراقي ذات الحراك الفاعل في الثقافة العراقية والعربية.. كما لا تسعى هذه الدراسة الى تقديم رؤية نقدية متخصصة، اعني خضوعها الى "منهج محدد" وإن عملت على شيء منه (المنهج التاريخي والمنهج التحليلي) برؤية جدلية في معظم الاحيان، لكنها تعمل على كشف جزء من بواطن التجربة وتحليل بواعث النشوء والولادة، ومن ثم التقاطع مع أجيال أخرى، وهو جهد يصعب على الشاعر ويخف كثيرا على الناقد، فالشاعر يحمل انفعاله وعاطفته وقلقه في كل ما يكتب – نصا أو بحثا أو شهادة –، فيما يتجرّد الناقد بحياده المعروف من كل ذلك وفق النظرة القديمة والكلاسيكية لجهد الاثنين على حد سواء..