Ana içeriğe atla
بالقرب من الحياة.. ترصد الواقع المأزوم للمهمشين والمنسيين

بالقرب من الحياة.. ترصد الواقع المأزوم للمهمشين والمنسيين

 

فالبطلة سيدة بسيطة بالفعل لا ينتبه إليها أحد إذا رآها فى الشارع، فهى تمثل كل إنسانة عادية أو موظفة حكومية بسيطة، وفى الوقت نفسه لا تمثل أحدا بعينه.

 

هى الكتابة على المشاع إذن، التى تتسع لتشمل الجميع ولا تمثل أحدا بعينه، لكن فى النهاية تطرح أحلام وآمال وهواجس وتخوفات طبقة أو شريحة كبيرة من المصريين، بداية من حلم التحقق ذاتيا، وانتهاء بالإحباطات المتتالية التى تجدها فى كل خطوة تخطوها فى أبنائها وفى زوجها وفى جسدها ولا تجد فى النهاية سوى النوستالجيا أو الحنين للجدة خضرا وحكاياتها السحرية كمعادل موضوعى للعالم السحرى الذى كانت تحلم به البطلة ولم تجد منه شيئا على أرض الواقع.

 

المعاناة اليومية لبطلة الرواية تظهر فى التفاصيل البسيطة التى تقوم بها فى رحلة عملها اليومية أو فى رحلتها إلى أحلام أو رحلتها إلى الأسرة التى أشفقت عليها وقررت أن تجمع ما تيسر من أهل الخير وترسله إليهم من طعام وملابس وأموال، فكأنها تستعيض بهذه الأعمال الخيرية عن حلم قديم لم يتحقق، أو تستعيض بها عن مساحة من الفراغ الروحى تسرب إليها تلقائيا مع الحياة الروتينية، فقررت أن تعيد ملء تلك المساحة بالتوجه نحو الغير ومحاولة خدمتهم.

 

فى المقابل يطل الجسد بين حين وآخر، لكن هذه الإطلالة لا تكاد تخرج عن إطار الهواجس النفسية أو الأحلام، وتستعيد حياتها أيام الجامعة وزميلتها التى سافرت إلى الخارج وعادت، تحاول أن تعقد مقارنة بين حياتها البائسة الفاقدة للروح وللمعنى، وبين الحياة التى تمنت أن تعيشها، وبين حياة صديقتها التى اعتبرتها أكثر حظا منها، لكن فى النهاية تظل حياتها هى المحور الرئيسى والمركزى للحكاية، وكأنها حكاية بنت عادية من شوارع وحوارى مصر، بكل ما يمكن أن تجده فى طريقها من إحباطات وتداخلات وظروف تؤدى بها إلى تغيير مسار أحلامها، ولا تجد فى النهاية سوى الاستسلام للأمر الواقع، والتعامل مع الأمر باعتباره المصير المحتوم.

 

ولذلك وربما بسبب ذلك تحديدا تبدأ علامات الشيخوخة المبكرة تزحف إلى أوصال تلك الشابة دون أن تدرى، فلا تكاد مفاصلها تتحملها وهى تمشى فى الشارع، لتصبح نموذجا حيا لفكرة الأحلام المحبطة، وكأنها فعلا لم تعش الحياة، بل اضطرت اضطرارا إلى العيش بالقرب من الحياة. فى ظل واقع مأزوم ملىء بالحكايات المؤلمة عن حياة المهمشين وعن طموحاتهم التى تصطدم بواقعهم الأليم.

 

 

 

المصدر: خبر مصر 

08 Ara, 2020 01:55:38 PM
0