Ana içeriğe atla

هل فهمت الصورة؟ دور العقل في التذوق الفني

«بإمكان طفلي الصغير رسم لوحة كهذه!» خطأ … يوضح لنا «علم الجمال العصبي» سبب إعجابنا بالفن التجريدي.

 

هل تشعر بأي شيء عند رؤيتك لوحة جاكسون بولوك «الصيف: رقم ٩أ»؟

هل تشعر بأي شيء عند رؤيتك لوحة جاكسون بولوك «الصيف: رقم ٩أ»؟

أثناء وقوفي أمام لوحة جاكسون بولوك التي تحمل اسم «الصيف: رقم ٩أ» في أحد الأيام، انتابني شعور غريب. فما اعتبرته من قبل مجموعة قبيحة من بقع الألوان العشوائية بدا لي الآن احتفاءً مبهجًا بالحركة والحيوية. يذكرني اللونان الأزرق والأصفر الزاهيان بضحكة خالية من الهموم. كانت تلك لحظة فاصلة في حياتي؛ فلأول مرة يثير مشاعري عمل فني تجريدي. شأني شأن الكثير من الناس، اعتدت نبذ هذه الأعمال باعتبارها مضيعة للوقت والجهد. كيف يمكن لأحد أن يجد معنى فيما يبدو مجموعة من بقع الألوان المنثورة عشوائيًّا على لوحة زيتية عرضها خمسة أمتار ونصف. لكن ها أنا ذا، في معرض «تيت مودرن» بلندن، وقد أثارت إحدى لوحات بولوك مشاعري.

منذ ذلك الحين صرت أقدر أعمال العديد من الفنانين الأكثر حداثة الذين يعبرون عن مستويات مختلفة من التجريد في عملهم، وبخاصة بيت موندريان الرائع، وبول كلي، والفنان المعاصر هيروشي سوجيموتو. ومع ذلك، عندما أحاول تفسير ذوقي، تخذلني الكلمات. لماذا تجذبنا اللوحات والمنحوتات التي تبدو لا علاقة لها بالعالم المادي؟

لم أكن أعلم أن الباحثين قد شرعوا بالفعل في محاولة الإجابة عن هذا السؤال. فأخذوا يبحثون في كيفية إدراك العقل للفن من خلال دراسة استجابات المخ للوحات المختلفة. ومع أن عملهم لم يتمكن بعد تفسير الفروق الدقيقة في أذواقنا، فقد ألقى الضوء على بعض الأساليب الفريدة التي يمكن لهذه الأعمال الفنية المميزة أن تأسر بها النظام البصري بالمخ.

هذه الدراسات جزء من فرع معرفي ناشئ يُعرَف بعلم الجمال العصبي. وضع الأساس لهذا العلم سمير زكي، الأستاذ بجامعة يونيفرستي كوليدج لندن، منذ ما يربو قليلًا عن ١٠ أعوام فحسب. وتمثلت فكرته في إضفاء موضوعية علمية على دراسة الفن، في محاولة للعثور على أسس عصبية للأساليب التي أتقنها الفنانون على مدار السنين. وقد قدم أفكارًا متعمقة بالفعل حول الكثير من الروائع الفنية. على سبيل المثال، التصوير الضبابي للوحات الانطباعية يداعب على ما يبدو لوزة المخ التي تعمل على الكشف عن التهديدات في الحلقات المبهمة للرؤية المحيطية لدينا. وبما أن لوزة المخ تلعب دورًا محوريًّا في المشاعر والأحاسيس، فقد تفسر هذه النتيجة السبب وراء شعور الكثير من الناس بأن هذه الأعمال الفنية مؤثرة للغاية. لكن هل يمكن للمنهج ذاته إخبارنا بأي شيء عن الأعمال الفنية المثيرة للجدل التي بدأت في الظهور من نهاية عهد الانطباعية منذ ما يزيد عن ١٠٠ عام؟ سواء تراكيب موندريان ذات الطابع الهندسي القوي والألوان الأولية أو التقنية الخلافية لتقطير الألوان على اللوحات الزيتية لبولوك، فإن السمة المميزة للفن الحديث هي إقصاء كل شيء تقريبًا يمكن تفسيره بالمعنى الحرفي.

مع أن هذه الأعمال تُباع عادةً مقابل مبالغ هائلة من المال — بيعت على سبيل المثال لوحة بولوك «رقم ٥» مقابل ١٤٠ مليون دولار في عام ٢٠٠٦ — فقد جذبت حولها العديد من المتشككين الذين يدَّعون أن فناني العصر الحديث يفتقرون إلى المهارة أو الجدارة التي تمتع بها الأساتذة الذين سبقوهم. فعلى خلاف ذلك، هم يرون الأعمال الحديثة انعكاسًا لحالة خطيرة من التقليد الأعمى للآخرين، مؤمنين بأن الناس قد يزعمون إعجابهم بهذه الأعمال لأنها تجاري الصيحة السائدة فحسب. وحسب الوصف اللاذع للكاتب الأمريكي الساخر آل كاب، فإن هذه الأعمال «نتاج عمل أفراد يفتقرون إلى الموهبة، يبيعه آخرون يفتقرون إلى المبادئ لجمهور مشوش الفكر تمامًا».

شمبانزي أم روثكو؟

لا شك أن لدينا نزعة قوية لمسايرة الجماعة. على سبيل المثال، عندما يُطلَب من الناس اتخاذ قرارات إدراكية بسيطة، مثل المطابقة بين شكل ما وصورته المُدارة، يختارون غالبًا إجابة خاطئة تمامًا إذا رأوا آخرين يفعلون ذلك. ومن السهل الاعتقاد بأن عقلية القطيع ستؤثر على نحو أكبر على مبدأ غامض كالتذوق الفني الذي لا توجد فيه إجابات صحيحة وخاطئة.

جاء رد أنجيلينا هاولي-دولان، الأستاذة بكلية بوسطن في ماساشوستس، على هذا الجدال بتصميم تجربة طريفة تلاعبت فيها بتوقعات المتطوعين حول الأعمال الفنية التي كانوا يرونها. كانت مهمتهم سهلة؛ فهم يشاهدون أزواجًا من اللوحات؛ إما أعمالًا لفنانين تجريديين مشاهير، أو رسومًا عبثية لهواة وأطفال وقردة شمبانزي وفيلة. وكان عليهم بعد ذلك تحديد أي اللوحات أعجبتهم. لم يحمل ثلث اللوحات تعليقًا، في حين حمل العدد الباقي بطاقات تعريف. تمثلت الحيلة في خلط بطاقات التعريف أحيانًا، وذلك كي يعتقد المتطوعون أنهم يشاهدون آثارًا فوضوية لاستخدام شمبانزي لفرشة رسم، في حين أنهم يشاهدون في الواقع لوحة تعبيرية للفنان مارك روثكو. وقد يجادل بعض المتشككين في أنه من المستحيل تحديد الاختلاف، لكن في كل مجموعة من التجارب، فضَّل المتطوعون بوجه عام عمل الفنانين البشر المشاهير، حتى عندما ظنوا أن من رسمها حيوان أو طفل (سيكولوجيكال ساينس، مجلد ٢٢، الصفحة ٤٣٥). وبطريقة أو بأخرى، يبدو أن المشاهد يمكنه إدراك رؤية الفنان في هذه اللوحات، حتى إن لم يستطع تفسير السبب وراء ذلك.

بوضع ذلك في الاعتبار، تجولت مؤخرًا في أحد المعارض الفنية بمتحف جرانت في جامعة يونيفرستي كوليدج لندن حيث تُعرَض أعمال الفيلة وقردة الشمبانزي بجوار أعمال الفنانة التجريدية كاثرين سيمسون التي تذكّر أعمالها القائمة على المكعبات بأعمال روثكو، لكن على نطاق أصغر وبمزيد من التنوع في الألوان. وتحديت نفسي في تخمين أي الأعمال احترافية، تجولت في المعرض متأملة اللوحات قبل قراءة التعليقات. وتمكنت من التخمين الصحيح في كل مرة.

الإعجاب بالفن التجريدي لا يمكن تفسيره إذن بضغوط الأقران. بيد أن تجربة هاولي-دولان لم تفسر كيفية اكتشافنا للمسة الفنية البشرية، ولا سبب إعجابنا باللوحات. في الصور الواقعية، يمكن أن نتعاطف مع التعبير المرسوم على وجه شخص ما، أو نرى رمزية في حياة ساكنة. لكن كيف يأسر الفنان انتباهنا بصورة لا تتشابه مع أي شيء على الإطلاق في العالم الواقعي؟

يخاطبنا، بالطبع، الأسلوب الفريد لكل فنان على نحو مختلف، لذا لا يمكن أن تكون هناك إجابة واحدة. مع ذلك، فقد تناول عدد قليل من الدراسات هذا الموضوع من زوايا متعددة. على سبيل المثال، عمل روبرت بيبريل — وهو فنان يعمل بجامعة كارديف في المملكة المتحدة — مع ألوميت إيشاي، الأستاذة بجامعة زيورخ في سويسرا، لفهم الأسلوب الذي نتعامل به مع الأشكال الغامضة. يقول بيبريل إن هذه الأشكال قد تبدو مألوفة، لكنها «لا تؤدي إلى شيء يمكن تمييزه مباشرةً». وكما هو الحال مع أعمال فاسيلي كاندينسكي أو لوحات محددة لجيرهارد ريختر، فإن لوحات بيبريل — التي تأخذ أحيانًا بنية الروائع الفنية الأقدم عهدًا — ليست تجريدية كليةً، لكن لا يمكن تفسيرها أيضًا بسهولة كرسم تمثيلي.

الألعاب الذهنية

في إحدى الدراسات، طلب بيبريل وإيشاي من المتطوعين أن يقرروا ما إذا رأوا شيئًا مألوفًا في العمل الفني أم لا. وفي ربع عدد الحالات، زعم المتطوعون أنهم أدركوا شيئًا حقيقيًّا، حتى عندما لم يكن هناك شيء محدد يمكن تعيينه. كان عليهم أيضًا الحكم على مدى «قوة» العمل الفني من وجهة نظرهم. واتضح أنه كلما زاد الوقت الذي استغرقوه للإجابة عن هذه الأسئلة، ارتفع تقييمهم للعمل الفني محل الفحص. ويبدو أن فترة التأخير تذخر بنشاط عصبي واسع الانتشار، مثلما أوضح في وقت لاحق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. ومن هذه النتائج، يمكن الاستنتاج أن العقل يرى هذه الصور كلغز؛ فيناضل من أجل «فك رموز» الصورة. وكلما ازدادت صعوبة التوصل للمعنى، زاد الشعور بالرضا لحظة التوصل إلى النتيجة (فرونتيرز إن هيومان نيوروساينس، مجلد ٥، الصفحة ١).

لا يخبرنا ذلك بالضرورة بالكثير عن الأعمال الأكثر تجريدًا لروثكو أو بولاك أو موندريان؛ لأن هؤلاء الفنانين لا يقدمون أقل لمحة ممكنة عن جسم يمكن التعرف عليه ليتعلق به المخ. لكن يمكنهم، بدلًا من ذلك، جذب انتباهنا من خلال تراكيب متوازنة جيدًا تجتذب النظام البصري بالمخ.

لتنظر مثلًا إلى فن موندريان، الذي يتكون عمله حصريًّا من خطوط أفقية ورأسية تحيط بكتل ملونة. (كانت قناعته بهذا المبدأ قوية للغاية حتى إن قرار زميله الفنان ثيو فان دوسبيرخ باستخدام الخطوط القُطرية أنهى صداقتهما.) إن فن موندريان بسيط على نحو مخادع، بيد أن دراسات تعقب العين تؤكد أن النماذج مركبة بدقة، وأنه فور تدوير اللوحة يحدث تغيير جذري في الطريقة التي نراها بها. عند النظر للوحات الأصلية، كانت عيون المتطوعين تتوقف لفترات أطول على أماكن معينة في الصورة، أما في اللوحات المُدارة، فكانت أعينهم تتحرك بأنحاء اللوحة على نحو أسرع. ونتيجة لذلك، اعتبروا الصور المعدلة أقل إمتاعًا عند تقييمهم للعمل فيما بعد (جورنال أوف فيجَن، مجلد ٧، الصفحة ١٤٤٥). وتغيير الألوان بلوحات موندريان له تأثير مماثل: في أحد الأمثلة، جاء مربع أحمر كبير في إحدى الزوايا متوازنًا مع مربع أزرق صغير بالجانب المقابل وهو ما يتباين تباينًا قويًّا مع اللون الأبيض المحيط بهما. وعندما بدَّل الباحثون هذين اللونين، قضى ذلك على التوازن، ما أدى إلى تراجع استمتاع المتطوعين بالعمل الفني (فرونتيرز إن هيومان نيوروساينس، مجلد ٥، الصفحة ٩٨).

ربما ينطبق الأمر نفسه على الكثير من الأعمال الأخرى. على سبيل المثال، طلب أوشين فارتانيان الأستاذ بجامعة تورنتو بكندا، مؤخرًا من متطوعين المقارنة بين سلسلة من اللوحات الأصلية ومجموعة خضع فيها التركيب للتغيير بتحريك الأشكال داخل الإطار. وتوصل إلى أن الجميع تقريبًا فضلوا اللوحات الأصلية، سواء أكانت رسمًا معبرًا عن حياة ساكنة بريشة فنسنت فان جوخ أم لوحة خوان ميرو التجريدية «بلو ١».

بالإضافة إلى ما سبق، توصل فارتانيان إلى أن التلاعب بالأشكال قلل النشاط في مناطق المخ المرتبطة بالمعنى والتفسير (نيوروريبورت، مجلد ١٥، الصفحة ٨٩٣). وتشير النتائج إلى أن العقل البشري يلاحظ الترتيبات الدقيقة، ويشعر بالمقصد من وراء اللوحات، وإن لم نكن ندرك هذه الحقيقة على مستوى الوعي. ومن المُستبعد — دون مبالغة — أن يبتكر قردة الشمبانزي أو الأطفال مثل هذه البنى المصممة بعناية. وقد يفسر ذلك لماذا فضل المتطوعون في دراسة هاولي-دولان عمل الفنانين الخبراء.

تقول أليكس فروسايث، عالمة النفس بجامعة ليفربول بالمملكة المتحدة، إنه بالإضافة إلى توازن التركيب، يمكن أيضًا أن ننجذب إلى الأعمال التي تثير موضعًا حساسًا في قدرة المخ على معالجة المشاهد المعقدة. استخدمت فورسايث خوارزمية ضغط للحكم على التعقيد المرئي لأعمال فنية مختلفة. يحاول البرنامج العثور على طرق مختصرة لتخزين أي صورة في أقل عدد ممكن من وحدات البيانات (البت)، وكلما زاد تعقد العمل الفني، طالت سلسلة الأعداد المستخدمة في تخزين اللوحة على محرك الأقراص الثابتة، ما يقدم مقياسًا أكثر موضوعية من حكم البشر. وأشارت النتائج إلى أن العديد من الفنانين — بدءًا من إدوار مونيه وصولًا إلى بولوك — قد استخدموا مستوى معينًا من التفاصيل لإمتاع المخ. تقول فورسايث عندما يكون التعقيد ضئيلًا للغاية يكون العمل مملًّا، بيد أن «الكثير جدًّا من التعقيد يؤدي إلى نوع من الحمل الإدراكي الزائد».

فن يحاكي الحياة

إضافة إلى ما سبق، يعكس الكثير من الأعمال الفنية علامات على نماذج كسورية؛ أي أفكار أساسية تتكرر بمستويات مختلفة، سواء أكنت تقترب من اللوحة أم تبتعد عنها (بريتيش جورنال أوف سيكولوجي، مجلد ١٠٢، الصفحة ٤٩). والكسور شائعة بجميع أنحاء الطبيعة؛ فيمكنك أن تراها في القمم المدببة لأحد الجبال أو أوراق السرخس المنبسطة. ومن الممكن أن يجد نظامنا البصري — الذي تطور في الأجواء الخارجية الرائعة — التعامل مع هذا النوع من المشاهد أيسر. مع ذلك، فثمة نقاط ضعف في هذه النظرية، ذلك لأن المحتوى الكسري في اللوحات كان أعلى مما يمكن رؤيته بطبيعة الحال في المشاهد الطبيعية، إلى الحد الذي يمكن أن يكون معه — في ظروف أخرى — مزدحمًا إلى درجة تقلل من تقبله. وتعتقد فورسايث أن الفنانين يمكنهم اختيار الألوان «للتخفيف من التجربة السلبية التي نمر بها عند مشاهدة محتوى على قدر كبير من التكسر».

لا يزال علم الجمال العصبي في مهده؛ فهذه الدراسات قد لا تكون سوى لمحة بسيطة لما سيكون عليه الأمر فيما بعد. على سبيل المثال، من المثير للاهتمام أن توضح بعض الأشعة حركة المعالجة بالمخ عند رؤية المرء لخطاب مكتوب بخط اليد. فالأمر أشبه باستعادة اللحظة التي كُتِب فيها الخطاب في عقلنا. وقد يرجع ذلك إلى الخلايا العصبية الانعكاسية المعروف عنها محاكاة أفعال الآخرين. وقد دفعت النتائج البعض إلى التفكير فيما إذا كان عمل بولوك قد يبدو بهذه الحركية لأن مخ المشاهد يعيد بناء الحركات النشطة التي استخدمها الفنان أثناء رسمه للوحة. لكن هذه الفرضية بحاجة لاختبارها بعناية (تريندز إن كوجنِتيف ساينسز، مجلد ١١، الصفحة ١٩٧). وتوقع آخرون أن نتمكن من استخدام دراسات علم الجمال العصبي في فهم طول عمر بعض الأعمال الفنية. ومع أن الصحيات السائدة قد تشكل ما هو رائج في وقت معين، فإن الأعمال التي تتكيف على أفضل نحو مع نظامنا البصري هي التي تبقى على الأرجح عندما تُنسَى الاتجاهات السائدة في أجيال سابقة (سباتيال فيجَن، مجلد ٢١، الصفحة ٣٤٧).

من الحماقة، بالطبع، محاولة اختزال تذوق الفن في مجموعة من القوانين العلمية. وفي حين تساعدنا الأبحاث في فهم الطريقة التي يمكن أن تروق بها التقنية المستخدمة في تشكيل عمل فني للنظام البصري بالمخ، فإن براعة الفنان تعتمد أيضًا على قدرته على تطوير أفكار من سبقوه أو تحديها. ويشير بينو بيلك، وهو فنان صوتي وعالم معرفي ألماني، إلى أنه لا يجدر بنا الاستخفاف بأهمية التعرف على الأسلوب المميز لفنان معين، وإدراك ما يحتله من مكانة في تاريخ الفن أو الثقافة السائدة في عصره، مثلًا. ويذهب بيلك إلى أنه هنا يأتي دور الخبراء لمساعدتك في تذوق الأعمال التي لم يسبق لك الاستمتاع بها من قبل. ويوافق بيبريل على ذلك؛ فيقول: «يتعلق الفن بارتفاع مستوى الوعي والتأثر. وإذا كنت خبيرًا، فستبحث عن التفاصيل الدقيقة.»

يمكن للعلم وضع نهاية أخرى لرحلة الفهم هذه. يقول ذكي: «يمنحنا الفن المعرفة بشأن العالم. بعضها معرفة عاطفية، والبعض الآخر معرفة كامنة داخل صانع العمل الفني، وهي تمنح عالم الأحياء العصبية وسيلة لفهم النظام الذي يعمل به المخ.»

يقدم الفن التجريدي تحديًا وحرية لاستخدام تفسيرات متباينة. ومن بعض النواحي، لا يختلف هذا الفن عن العلم الذي نبحث فيه على الدوام عن نماذج ونفك رموز المعاني لنتمكن من رؤية العالم وتقييمه بأسلوب جديد.

شفرة دوشان

كيف نفك رموز الصور لنجعل لها معنى؟ للسياق دور محوري في هذا الأمر، خاصةً عند مشاهدة فن جاهز من عصر ما بعد الحداثة، مثل تركيب مارسيل دوشان الشهير المعروف باسم «النافورة» الذي وضع فيه مبولة في أحد المعارض، ما أصاب المؤسسة الفنية بالهلع.

تناول كريستيان تيلان، الأستاذ بجامعة آرهوس بالدانمارك، بالدراسة مؤخرًا كيف يمكن لمحيط جسم ما أن يغير إدراكنا للرسالة المرادة منه. وتوصل إلى أن فهم المقصد ينشط المناطق الموجودة في فص المخ الأيمن الذي يرتبط عادةً بالفهم اللغوي. ويسري ذلك سواء أكان المقصد تعكسه التناقضات غير المعتادة في الصورة، كرؤية مبولة في معرض للفنون، أم استخدام رموز مقبولة كباقة من الورود بأحد المداخل. الأمر يبدو وكأننا «نقرأ» الترتيبات غير المعتادة بالطريقة ذاتها التي نقرأ بها المعنى في الإشارات الاعتباطية للغة ما.

03 Ara, 2015 02:38:28 PM
1