Ana içeriğe atla

لماذا يشكل الخطر أمرا مثيرا لبعض الناس فقط؟

إليكم بحثاً جديداً يدرس سبب كون بعض الناس باحثين عن الإثارة الشديدة، والبعض الآخر لا يستمتع حتى بركوب بسيط للأفعوانية.

المصدر: جامعة كامبريدج.


تناقش فاليري فون Valerie Voon ما يجعل بعض الناس يريدون أن يقفزوا من فوق جرف، في حين أن آخرين لا يتمتعون حتى بركوب الأفعوانية.

لقد كان هذا الصيف هو الأكثر روعةً لرياضة الطيران في الزي المجنح حتى الآن، لكن ما الذي يجعل بعض الناس يريدون القفز من فوق جرف، أو يشربون في حفلة صاخبة حتى الثمالة، أو يطلبون من الغرباء أن ينقلوهم بسياراتهم عن الطريق، في حين أن آخرين لا يتمتعون حتى بركوب الأفعوانية؟ هل هناك شيء من قبيل جينات الجُبن والخوف، أو هل هناك بنية دماغ متهورة وجريئة؟ أم هل يعتبر مقدار انجذابنا للخطر متعلقاً بمقدار حماية الآباء والأمهات لنا؟

سواء كانت نقطة ضعفنا هي الرياضات المتطرفة أو السرعة أو المخدرات أو غيرها من التصرفات الخطيرة، فإنه عادة ما يكون مزيج الخطر والجدة (أي شيء جديد غير مألوف) هو ما جذبنا. ما يسميه علماء النفس "السعي للجديد" novelty seeking هو تفضيل ما هو غير متوقع أو جديد، والناس الذين يمتلكون هذه الصفة غالباً ما يكونون مندفعين وسريعي الملل، ولكن التجارب الجديدة تطلق دفقةً من المواد الكيميائية المسببة للمتعة في أدمغتهم، وإن الفأر أو الإنسان الذي يفضل غير المألوف سيكون أكثر عرضةً لتعاطي المخدرات والشرب بإسراف.

إن مفهومي المخاطر والجدة مرتبطان ببعضهما إلى حدٍ ما، حيث إن المنبهات الجديدة تكون أكثر خطورةً بطبيعتها عندما تكون نتيجتها غير معروفة. ومع ذلك، فإن بإمكاننا أن نفصل هذين الأمرين في المختبر.

 

الأمر متعلق (دوماً) بالدوبامين


يوصف الدوبامين -والذي تستخدمه الخلايا العصبية لنقل الرسائل إلى الخلايا العصبية الأخرى- غالباً على أنه المادة الكيميائية المسؤولة عن اللذة في الدماغ، وتتوضع خلايا الدوبامين في الدماغ المتوسط، عميقاً في قاعدة الدماغ، وترسل استطالات إلى مناطق الدماغ حيث يتم إطلاق جزيء الدوبامين، كالمناطق التي تشارك في السيطرة على العمل، والإدراك والثواب، وقد أظهرت الدراسات أن نظام الدوبامين يمكن تفعيله من خلال تجارب الثواب، مثل تناول الطعام وممارسة الجنس أو تعاطي المخدرات.

في دراسة أجريت على المرضى الذين يعانون من مرض باركنسون، والذين كانوا يتناولون الأدوية التي تحفز مستقبلات الدوبامين وتستخدم لعلاج الأعراض الحركية لديهم، طور 17% منهم إدماناً سلوكياً غير متوقع للغاية للعب القمار أو تصرفات قهرية مرتبطة بالجنس أو التسوق أو تناول الطعام. كما سعى هؤلاء المرضى أيضاً إلى المخاطر أكثر، وأظهروا تفضيلاً لغير المألوف في نتائج الفحوص المخبرية، لذلك، يبدو أن نظام الدوبامين الفعال يمكن أن يجعلنا نخاطر أكثر.

 

 

مسارات الثواب الخاصة بالدوبامين في الدماغ البشري. مصدر الصورة:  أخذت الصورة من البيان الصحفي لجامعة كامبريدج

مسارات الثواب الخاصة بالدوبامين في الدماغ البشري... أخذت الصورة من البيان الصحفي لجامعة كامبريدج

وأظهرت دراسة أجريت على توقع الخطر أن توقع فوزٍ ما يترافق بزيادةٍ في نشاط الدماغ في مناطق الدوبامين، في حين أن توقع خسارة ما يرتبط مع انخفاض في ذلك النشاط، وكلاهما يدفعاننا للمغامرة. إن الأنشطة الشبيهة بالطيران بزي مجنح أو ركوب الأفعوانية هي أنشطة يدفعنا للقيام بها توقعنا بالحصول على الثواب -ألا وهو الإثارة والتشويق هنا- ولكن قد يكون الطيران بزي مجنح مدفوعاً أيضاً برغبة في تجنب الخسارة (في هذه الحالة الموت). 


يقارب احتمال الحصول على الإثارة عند القفز من المرتفعات أو ركوب الأفعوانية حوالي 100%. ولكن على الرغم من أن احتمال الوفاة من ركوب الأفعوانية يقارب 0%، فإن فرص الوفاة عند القفز من المرتفعات أعلى بكثير، وكلما كانت الاحتمالات أقرب إلى التطرف، 0% أو 100%، كانت الرغبة مؤكدة أكثر، وكلما كانت الاحتمالات أقرب إلى 50%، كان الأمر مبهماً أكثر.

وجدت العديد من الدراسات (وليس كلها) أن الأشخاص الذين لديهم مستقبل معين للدوبامين هم أكثر احتمالاً ليكونوا باحثين عن الإثارة، ويرتبط هذا المتغير الجيني أيضاً بردود أكبر لمكافآت غير متوقعة في الدماغ، مما يجعل من التشويق غير المتوقع أكثر إثارة. لذا، فإن مضمون التكوين الوراثي قد يفسر الميل نحو القفز من المرتفعات، ويربط بذلك تفضيل الجديد وغير المألوف وربما أيضاً بالخطر والثواب. ولكنّ نشأتنا أيضاً لها تأثير، فمن المعروف أن المراهقين أكثر مخاطرة، ويرجع ذلك جزئياً لكون أدمغتهم ما زالت تتطور وكونهم أكثر عرضةً لضغط الأقران.

وبالطبع، قد تكون هناك أسباب أخرى لاستمتاعنا عندما نمارس القفز بالحبل أو الإسراف في شرب الكحول غير عامل الجذب الذي تقدمه المخاطرة والجدة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يحدث ذلك في الحالات الاجتماعية حيث هناك ضغط من الأقران علينا أن نخضع له، أو إذا كنا نشعر بالتعب أو اليأس.

 

لماذا لسنا ثابتين في سلوكنا؟


ولكن إذا كانت جيناتنا تحدد ما إذا كنا شجعاناً أو خائفين، فلماذا لسنا ثابتين في سلوكنا؟ على سبيل المثال، قد نمارس القفز من السماء في عطلة، بعد شراء تأمين سفر.

نتصرف بشكل مختلف بناءً على ما إذا كان ينظر إلى المخاطرة كمكسب لمكافأة أو كتجنب لخسارة، وهو تأثير يعرف باسم التأطير (أو التغيير بحسب السياق) framing. يميل معظمنا إلى تجنب المكافآت المحفوفة بالمخاطر، إذ نفضل عدم الذهاب للقفز في السماء، ولكن في حالة وقوع حدث غير متوقع مع مكاسب قيمة مثل ورقة يانصيب، فعندها نكون سعداء بالمخاطرة. كما نسعى عادةً للمخاطر من أجل تجنب خسائر ضخمة، ويتأثر هذا الأمر بأرجحية حدوث النتيجة، ففي حالة وجود نتائج سيئة للغاية قليلة الاحتمال لكن ممكنة، مثل خطر تكبد ديون ضخمة عند الاستشفاء في بلد أجنبي، نصبح عندها كارهين للمخاطرة ونشتري تأمين سفر.

 

 

إن مفهومي المخاطرة والجدة مرتبطان إلى حدٍّ ما، حيث أن منبهاً جديداً هو بطبيعته أكثر خطورةً عندما تكون نتيجته غير معروفة. ومع ذلك، فإن بإمكاننا أن نفصل هذين الأمرين في المختبر. مصدر الصورة. أخذت الصورة من البيان الصحفي لجامعة كامبريدج

إن مفهومي المخاطرة والجدة مرتبطان إلى حدٍّ ما، حيث أن منبهاً جديداً هو بطبيعته أكثر خطورةً عندما تكون نتيجته غير معروفة. ومع ذلك، فإن بإمكاننا أن نفصل هذين الأمرين في المختبر.. أخذت الصورة من البيان الصحفي لجامعة كامبريدج

 

الناس الذين يستمتعون بالخطر أو يعانون من اضطرابات الإدمان لديهم ميول مختلفة نحو المخاطر، فجميع المستخدمين المرضيين للمخدرات غير المشروعة والكحول أو المواد الغذائية، يبحثون عن الخطر أملاً بالمكافآت - من خلال سعيهم نحو النشوة- لكن أولئك الذين يستخدمون المخدرات غير المشروعة يدفعهم إلى ذلك مكافآت كبيرة أكثر خطورة، في حين أن أولئك الذين يستخدمون الكحول أو المواد الغذائية بشكل مرضي يدفعهم إلى ذلك مكافآت صغيرة وأقل خطورة.

يمكننا أيضاً أن نتلاعب باحتمالية مخاطرتنا، حيث أظهرت دراسة أجريت على الفئران إمكانية الحد من المخاطرة عبر محاكاة إشارة الدوبامين وتقديم معلومات حول النتائج السلبية للخيارات الخطرة السابقة، كصدمة في القدم أو عدم الحصول على الطعام. كما يمكن أيضاً تخفيض الرغبة في المخاطرة عند من يشربون بنهم عندما يتعرضون صراحة إلى نتيجة خاسرة -كالمعاناة من فقدان المال بدلاً من مجرد توقع تلك النتيجة- وبالتالي، فإن ليلة في غرفة الطوارئ قد تكون كافية لتغيير سلوكهم.

وهنالك سياق جديد وغير متوقع يمكنه أيضاً زيادة سلوكيات المخاطرة، وهو ما قد يفسر لماذا نحن أكثر عرضةً للمخاطرة عندما نكون في عطلة، ففي دراسة حديثة، عرضت وزملائي المشاركون سلسلة من الوجوه -مألوفة أو غير معروفة- وطلبنا منهم أن يختاروا بين مقامرة محفوفة بالمخاطر أو خيار آمن. عندما يظهر وجه جديد، كان الأشخاص أكثر عرضةً لاتخاذ مقامرة محفوفة بالمخاطر، وأظهرت الدراسة أن أولئك الذين يملكون نشاطاً دماغياً أكبر في الجسم المخطط striatum (وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بإفراز الدوبامين) تجاه الوجه الجديد، اتخذوا خيارات مخاطرة أكثر. تشير هذه النتائج إلى أن الجدة تزيد من إفراز الدوبامين في هذه المنطقة من الدماغ، والتي ربما بالنتيجة تعزز توقعات المكافأة.

ولكن الانجذاب للخطر ليس بالضرورة أمراً سيئاً، فمجتمعنا يحتاج كلاً من محبي المخاطر ومتجنبيه ليكون فعالاً، فنحن بحاجة لأولئك الذين يتحدون الحدود -لإقامة معسكر على سطح المريخ أو إنقاذ الناس من الحرائق- كما أننا بحاجة إلى أولئك الذين يكتبون القواعد ويطبقون القوانين للحفاظ على سير المجتمع.

30 May, 2017 12:49:13 PM
1