تحولات الفساد الإداري في مجتمع متغير
شكلت ظاهرة الفساد الإداري أحد أبرز الظواهر الاجتماعية التي تنامت بشكل خطير يومًا بعد يوم، في ظل غياب مؤسسات الدولة الفعلية، وبسبب التناحرات السياسية والفوضى والأمن غير المستتب في العراق، حيث تطورت هذه الظاهرة من جريمة قانونية، لتتحول بعد ذلك، وبفعل تعقد أسبابها ومظاهرها وآثارها المدمرة، إلى ظاهرة بالغة الخطورة على مقومات النهوض الاقتصادي والتنمية المستدامة في المجتمع العراقي، بصورة لم يعد معها الحديث عن الفساد الإداري حديثًا عابرًا عن ممارسات خاطئة أو جرائم منفصلة ترتكب في بعض هياكل المؤسسات البيروقراطية يتم معالجتها رسميًّا، أو يجري بحثها ودراستها بين فترة وأخرى أكاديميًّا، بل إنها أصبحت مشكلة مألوفة على جميع الأصعدة الرسمية والشعبية، وجزءًا من واقع مضطرب تعيشه المؤسسات البيروقراطية العراقية بعد يوم ( 9 -4 -2003 )، وأضحت معها هذه المؤسسات مكانًا خصبًا للكثير من التجاوزات القانونية والصفقات المالية غير المشروعة التي يقوم بها كبار المسئولين والموظفين العاملين في مؤسسات الدولة العراقية.