أصيلة تحتفي بعميد مؤرخي المغرب محمد القبلي
احتفى موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ 40 بالعميد المؤرخ محمد القبلي، مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، من خلال عقد يوم دراسي شاركت فيه نخبة من الدارسين والباحثين الذين تحدثوا عن سيرة القبلي وإسهاماته الكبرى في كتابة تاريخ المملكة والتأسيس للدرس التاريخي بجامعاتها.
أجمع المتدخلون في الاحتفاء العلمي الذي نظم الخميس، في مدينة أصيلة، على أن محمد القبلي يعد مفخرة للمدرسة التاريخية المغربية وأحد أقطابها الذين أوجدوا لها مكانة في المدارس العالمية للدراسات التاريخية، وأكدوا على أهمية الأدوار التي لعبها في إعادة كتابة تاريخ المملكة الضارب في القدم.
وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إن تكريم المؤرخ القبلي، يندرج في سياق انفتاح المؤسسة في مواسمها المتوالية على الجامعة المغربية، مؤكدًا أن أعمال القبلي تتسم بـ"الصرامة العلمية والنظرة الشمولية إلى الموضوعات التي خصها بأبحاثه التأسيسية".
وأضاف بن عيسى أن إحداث مؤسسة المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، التي أسند الملك محمد السادس إلى المحتفى به إدارتها العلمية والإدارية أداها بكفاءة واقتدار و"تولى إعادة كتابة تاريخ المغرب على يد متخصصين، وفق مقاربة وآليات توافقية ومنهجية علمية مضبوطة، عالجت الإشكالات التي واجهت الباحثين الذين اشتغلوا في هذا الورش الوطني الفريد".
واعتبر رئيس مؤسسة منتدى أصيلة الورش العلمي المذكور "إحدى العلامات المضيئة في عهد ملكنا الهمام، في سعيه إلى تحديث المغرب، وتحرير طاقاته من قيود الماضي المكبلة"، مبرزًا أن القبلي برفقة الفريق الذي قاده "استطاع أن ينجز في زمن قياسي المهمة الموكلة إليه على أحسن وجه، والمتمثلة في إنجاز "تاريخ المغرب.. تحيين وتركيب"، الذي صدر في أكثر من 800 صفحة وبأربع لغات".
تناول عدد من الأساتذة والباحثين المتخصصين في التاريخ المغربي في مداخلات باليوم الدراسي، مناقب المؤرخ محمد القبلي، وما يتميز به من جدية وصرامة في انتصاره للبحث العلمي والأكاديمي وفق مناهجه الأصيلة، منوهين بالإسهامات التي وقع عليها في التأسيس للجامعة المغربية والمعرفة التاريخية بالبلاد.
أما إدريس أوعويشة رئيس جامعة الأخوين بإفران، فشدد بدوره على رسوخ فضيلة الاعتراف في الثقافة المغربية، التي اعتبر أنها ثقافة "تظل ناذرة في بلادنا"، مسجلًا أن القبلي عاش محطات علمية وعملية "مضيئة ومليئة بالدروس والعبر".
ومن بين الخصال التي أشاد بها أوعويشة في المؤرخ القبلي، هي حبه للناس وتشجيعه للشباب، مذكرًا بوقوفه إلى جانبه وتشجيعه على الدراسة في الخارج في إطار منحة حصل عليها للدراسة في إنجلترا في سبعينيات القرن الماضي، رغم التعقيدات الإدارية التي واجهته.
وأضاف عميد جامعة الأخوين أن شخصية الباحث والمفكر محمد القبلي لم تتغير، وظل محافظًا ووفيًا لمبادئه، حيث قال: إن "نزاهة الرجل واحترامه لم يتغير، وظل مشتبثًا بالانضباط للمبادئ التي آمن بها، واعتبرها دائمًا أهم من المناصب"، وأضاف "قوله وفعله وجهان لعملة واحدة".
من جهته، قال محمد فرحان، الأستاذ الجامعي والباحث المتخصص في التاريخ أن مبادرة مؤسسة منتدى أصيلة لتكريم العميد القبلي "نهج ينبغي ترسيخه في الاعتراف بإسهامات الرموز والرواد في المجال الفكري والعلمي بالبلاد"، مشيدًا في الآن عينه، بالأدوار التي لعبها في تقعيد الفكر والمعرفة التاريخية بالبلاد.
واعتبر محمد فرحان، الأستاذ الجامعي والباحث المتخصص في التاريخ أن مبادرة مؤسسة منتدى أصيلة لتكريم العميد القبلي "نهج ينبغي ترسيخه في الاعتراف بإسهامات الرموز والرواد في المجال الفكري والعلمي بالبلاد"، مشيدًا في الآن عينه، بالأدوار التي قام بها في "وصم الحياة الجامعية بالقيم والسلوكيات الرفيعة في التدبير المسؤول والنزيه"، وذلك في مختلف المناصب التي تقودها في إدارة عدد من المؤسسات الجامعية، من أبرزها جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس (وسط البلاد).
وأشار فرحان إلى أن تجربة العمل التي جمعته بالقبلي مكنته من الإطلاع على شخصية الرجل عن قرب والاستفادة من خصاله النبيلة في العمل والتجربة العلمية، حيث قال: "هو مسؤول إداري كفوء وإنسان يعايش حب العمل وصدق القول وبث الشعور بالرقابة الذاتية والتعاون والشفافية والوضوح في العلاقة مع فريق العمل المرافق له".
وأشاد باقي المتدخلين في اليوم الدراسي بالإنجازات العلمية التي حققها المؤرخ القبلي في مجال اختصاصه، إذ نصبوه رائدًا في مجال الدراسات التاريخية وعلمًا من أعلامها في المغرب الحديث، معترفين بأدواره الطلائعية في كتابة تاريخ المغرب، كما عبّروا عن أملهم في استكمال المشاريع العلمية التي يشرف عليها في هذه المرحلة المتقدمة من عمره.
وأعرب العميد القبلي في كلمة بالمناسبة عن شكره لمؤسسة منتدى أصيلة على الالتفاتة التي خصته بها في دورتها الأربعين، معتبرًا أن التجربة التي راكمها موسم أصيلة الثقافي الدولي فريدة من نوعها تستحق الدراسة والتأمل، كما أشاد بمختلف المتدخلين الذين قدموا شهادات حية على تجربته الطويلة في العلم والبحث العلمي.