Salta al contenuto principale

علاج قصر القامة عند الأطفال

علاج قصر القامة

يعتمد علاج قصر القامة (بالإنجليزية: Short Stature) على السبب الكامن خلف هذه الحالة، وعمر الطفل، وصحته، وتاريخه المرضي (بالإنجليزية: Medical history)، وبشكل عام يحتاج الأطفال إلى مراقبة حثيثة لنموهم وتطورهم، ويساعد اختصاصي الغدد الصماء (بالإنجليزية: Endocrinologist) على تحديد ما إذا كانت هنالك مشكلة طبية تكمن وراء قصر القامة للمساعدة على علاجها، وذلك بطرح خيارات العلاج المحتملة، إلا أنَّه في بعض الأحيان لا تكون هنالك حاجة لأي علاج، وبالاعتماد على المسبب يتم التعامل مع قصر القامة كما هو مفصل فيما يأتي:

 

تحسين التغذية

يعدُّ سوء التغذية (بالإنجليزية: Malnutrition) من المشاكل المنتشرة حول العالم أجمع، وهي من أكثر الأسباب شيوعاً لمشاكل النمو، فعدم تناول الأغذية الصحية قد يسبب قصر القامة، وقد يكون ذلك بسبب عدم الحصول على الغذاء المناسب أو بسبب مشاكل طبية أخرى، وفي كلتا الحالتين إنَّ تغيير النظام الغذائي قد يساعد على العلاج، ورغم أنَّه من السهل الوصول إلى نظام غذائي صحي مناسب إلا أنَّ التغيير الناجح يرتبط بتغيير في السلوكات والاعتقادات الغذائية، وقد يشمل زيادة تركيز السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل إلى زيادة كمية الدهون، ويجب التنبيه إلى أنَّ الزيادة المتوقعة يجب أن تؤدي إلى زيادة النمو بشكل طبيعي وليس التسبب بالسمنة (بالإنجليزية: Obesity).

 

معالجة المشاكل الصحية المرتبطة بقصر القامة

ترتبط العديد من المشاكل الصحية بمشاكل في النمو وقصر القامة، وعلاج هذه المشاكل قد يحسن النمو، ومن الأمثلة على هذه المشاكل وكيفية التعامل معها ما يأتي:

  • فقر الدم: (بالإنجليزية: Anemia)، يجب الخضوع إلى العلاج المناسب لحل مشكلة فقر الدم لتحسين النمو، إذ يؤثر فقر الدم غير المعالج في نمو الطفل.
  • الربو: (بالإنجليزية: Asthma)، قد تؤثر بعض الأدوية المستخدمة في علاج الربو مثل الستيرويدات المستنشقة (بالإنجليزية: Inhaled steroids) في نمو الطفل، لذلك فمن المهم اختيار الطبيب لأحد علاجات الربو الأكثر ملائمة للطفل.
  • أمراض العظام: ينتج قصر القامة لدى الأطفال بسبب الإصابة بأمراض العظام الناتجة عن نقص فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D deficiency)، وقد يساعد تناول المكملات الغذائية المحتوية على فيتامين د والكالسيوم على العلاج.
  • الداء البطني: أو مرض سيلياك (بالإنجليزية: Celiac disease)، أو كما هو معروف مرض حساسية القمح، ويمنع هذا المرض امتصاص المواد الغذائية مما يسبب مشاكل في النمو وضعف العظام، وتفيد الحمية الغذائية الخالية من الغلوتين (بالإنجليزية: Gluten-free diet) في تحسين الأعراض المصاحبة للمرض، وعلاج مشاكل النمو المرتبطة به.
  • أمراض القلب: يضخ قلب بعض الأطفال المصابين بأمراض القلب بسرعة وكفاءة مختلفة، وهذا يسبب رفع مستوى عمليات الأيض في الجسم، والذي بدوره يزيد من الحاجة للسعرات الحرارية لمعادلة الزيادة الحاصلة في عمليات الأيض، وذلك للحفاظ على النمو والوزن الصحي، ولكن قد يحدث ويفقد بعض الأطفال المصابين بأمراض القلب الشهية، والذي يسبب بدوره قصر القامة، ولذلك قد يتطلب الوضع تغذية هؤلاء الأطفال عن طريق أنبوب الفغر المعدي (بالإنجليزية: Gastrointestinal tube)، أو تغذيتهم بالحليب، أو الأغذية عالية السعرات الحرارية.
  • قصور الغدة الدرقية: (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، يظهر العلاج باستخدام هرمونات الثايرويد البديلة (بالإنجليزية: Thyroid hormone replacement therapy) فعالية لدى الأطفال المصابين بقصر القامة الناتج عن قصور الغدة الدرقية.

 

هرمون النمو

تفرز الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland) المتواجدة داخل الدماغ هرموناً مسؤولاً عن نمو الطفل يطلق عليه اسم هرمون النمو (بالإنجليزية: Growth hormone)، وفي حال عدم إفراز الجسم لكمية كافية منه تبدأ أعراض معينة بالظهور على الطفل، مثل: النمو البطيء، أو عدم النمو، أو ظهور الوجه بملامح توحي بأنَّ الطفل أصغر من أقرانه، وبالتالي قد يوصف العلاج بهرمون النمو لمساعدة الطفل على الحصول على النمو الكامل، ويجب التنبيه إلى أنَّ بعض حالات قصر القامة الطبيعية؛ أي غير الناتجة عن الإصابة بمرض معين لا تحتاج للعلاج من الأساس، إلى جانب أنَّه حتى هرمون النمو لا يفيد في زيادة طول الطفل عند بلوغه في هذه الحالات، إذ تمّ إثبات فعالية استخدام هرمون النمو في بعض الحالات الناتجة عن أسباب معينة، مثل تلك الناتجة عن نقص هرمون النمو، أو قصر القامة مجهول السبب، وغيرها، ويعد اتخاذ قرار العلاج بهرمون النمو قراراً صعباً نوعاً ما، وذلك لأنَّ العلاج يتطلب حقن الأطفال يومياً وزيارات دورية لعيادة الطبيب لمراقبة التطور الحاصل، وتتضمن الحالات التي قد يستخدم فيها هرمون النمو ما يأتي:

  • أمراض الكلى، إذ تعد مشاكل النمو من المضاعفات الشائعة المصاحبة لأمراض الكلى المزمنة، وتتطلب حالات قصر القامة عند الأطفال الناتجة عن أمراض الكلى العلاج بهرمون النمو، إلى جانب أهمية التعديل على نظام تغذية الطفل.
  • متلازمة نونان (بالإنجليزية: Noonan syndrome).
  • متلازمة سيلفر-روسل (بالإنجليزية: Russell-Silver syndrome)، وفيها قد تتم الاستعانة بهرمون النمو إلى جانب غذاء غني بالسعرات الحرارية الكافية.
  • متلازمة تيرنر (بالإنجليزية: Turner syndrome).
  • قصور الغدة النخامية (بالإنجليزية: Hypopituitarism)، إذ يؤدي قصورالغدة النخامية إلى نقص هرمون النمو وبالتالي قصر القامة، وهذا يعني ضرورة الاستعانة بهرمون النمو لعلاج هذه الحالة.


ومن الجدير بالذكر أنَّ هرمون النمو يصنع في المختبرات ليكون مماثلاً للهرمون الذي تنتجه الغدة النخامية وذلك لضمان فعاليته وأمان استخدامه، ويحقن الهرمون تحت الجلد (بالإنجليزية: Subcutaneous injection)، أي أنَّه يتوجه للنسيج الدهني المتواجد تحت سطح الجلد مباشرة، وذلك بالاستعانة بحقنة خاصة تشبه القلم إبرتها صغيرة جداً، ومن الجيد ذكره أنَّ هذه الحقن لا تسبب الكثير من الألم،  وبعد مرور 6 أشهر إلى سنة من بداية العلاج يقيم الطبيب الحالة لتحديد مدى الاستفادة وليقرر الاستمرار بالعلاج أو إيقافه، ومن الجدير بالذكر أنَّه يمكن العلاج بهرمون النمو سواءً للأطفال الصغار أو الرضع، وقد يستمر العلاج لعدة سنوات بناءً على الحالة، حتى أنَّه قد يستمر خلال فترة البلوغ وهذا يعني حقن يومية على مدار سنوات عدة، وتختلف الاستجابة من طفل لآخر، إلا أنَّ أفضل استجابة للعلاج بهرمون النمو تكون لذوي قصار القامة الناتج عن نقص هرمون النمو.


يتم الحكم على مدى نجاح العلاج بهرمون النمو عن طريق حساب الطول، فعادة ما يزيد طول الأطفال الخاضعين للعلاج بهرمون النمو حوالي 10 سنتيمترات أو أكثر خلال السنة الأولى للعلاج، و7.6 سنتيمترات أو أكثر خلال السنة الثانية والثالثة للعلاج، ثم يبدأ بعدها معدل النمو بالانخفاض ببطء، ومن المهم مراقبة مستويات الكولسترول (بالإنجليزية: Cholesterol)، والسكر في الدم (بالإنجليزية: Blood glucose level)، وكثافة العظم بشكل دوري خلال مدة العلاج للتأكد من أنَّها ضمن المستويات الطبيعية، وذلك لأنَّ لهرمون النمو تأثيراً في استجابة الجسم للإنسولين (بالإنجليزية: Insulin) والذي يتحكم بدوره في مستوى السكر، كما أنَّ عدم علاج نقص هرمون النمو قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكولسترول وهشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis)، وبالرغم من أمان هذا العلاج بشكل عام إلا أنَّ الطفل قد يعاني من آثار جانبية في حالات نادرة ناتجة عن إعطائه جرعات من هرمون النمو أعلى من الكمية التي يحتاجها، وتتضمن هذه الآثار الجانبية الانتفاخ، والخدر، وآلام العضلات، والإحساس بالألم، ولا بدَّ من طلب استشارة الطبيب فوراً في حال ظهور هذه الأعراض لتعديل جرعة العلاج، ثم تبدأ هذه الأعراض بالاختفاء بعد تعديل الجرعة، كما يجب التنبيه إلى أنَّ العلاج بهرمون النمو قد يسبب أحد المضاعفات الخطيرة النادرة، وهي انزلاق مشاش رأس الفخذ (بالإنجليزية: Slipped capital femoral epiphysis) الناتج عن النمو السريع المسبب لمشاكل في الورك (بالإنجليزية: Hip)، ويشكو حينها الطفل من وجود ألم في الركبة أو الورك، ويعاني من العرج (بالإنجليزية: Limping) أثناء المشي، ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق التصوير بالأشعة السينية، ولذلك فمن الضروري طلب التدخل الطبي الفوري عند ظهور أحد الأعراض السابق ذكرها على الطفل أثناء العلاج أو في حال شعور الطفل بصداع شديد (بالإنجليزية: Severe headache) مع أو بدون تقيؤ (بالإنجليزية: Vomiting)، أو عند ظهور طفح جلدي (بالإنجليزية: Rash).


ومن الجدير بالذكر أنَّه قد تتطلب بعض الحالات إيقاف العلاج بهرمون النمو، ومن هذه الحالات:

  • ازدياد سرعة النمو بنسبة تقل عن 50% مقارنة بخط الأساس في السنة الأولى من العلاج، أي أنَّ معدل النمو غير كافٍ بعد العلاج.
  • بلوغ الطول النهائي المطلوب أو الاقتراب من الوصول إليه، أو في حال كانت سرعة النمو أقل من 2 سنتيمترات خلال سنة من العلاج.
  • عدم القدرة على الالتزام بخطة العلاج.

 

مثبطات الأروماتاز

مثبطات الأروماتاز (بالإنجليزية: Aromatase inhibitors)، وهي أدوية فموية تمنع تحول الهرمون الذكري التستوستيرون (بالإنجليزية: Testosterone) إلى الهرمون الأنثوي الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، إذ يغلق هرمون الإستروجين ألواح النمو (بالإنجليزية: Growth plates) في العظام الطويلة مثل عظام الفخذ عند اكتمال النمو في آخر مراحل البلوغ لكلا الجنسين، وتعرف ألواح النمو على أنَّها الأجزاء التي يحدث فيه نمو جديد للعظام وبالتالي تطويلها، وبناءً على ذلك فإنَّ العلاج بمثبطات الأروماتاز مناسب للذكور لكونه يقلِّل من مستويات الإستروجين وبالتالي يزيد من مدة النمو والطول تباعاً، ولكنه غير ملائم للإناث وذلك لحاجة الإناث لهرمون الإستروجين من أجل التطورات الأنثوية المتعلقة بالبلوغ، وبالرغم من أنَّ مثبطات الأروماتاز تستخدم في حالات قصر القامة مجهولة السبب إلا أنَّه لا توجد معلومات كافية عن فعالية وأمان هذا العلاج على المدى الطويل.

 

التستوستيرون أو الإستروجين

ينتج قصر القامة أحياناً بسبب تأخر البلوغ، ويلجأ في هذه الحالات إلى العلاج بالتستوستيرون للذكور والإستروجين للإناث؛ وذلك بهدف تسريع عملية البلوغ، إذ يصاحب البلوغ نمو ملاحظ، ويتم إعطاء التستوستيرون على شكل حقن شهرية بينما الإستروجين على شكل لصاقة جلدية (بالإنجليزية: Transdermal patch)، وتظهر استجابة الطفل لهذا العلاج وحده في حال كانت المشكلة ناتجة عن تأخر البلوغ.

 

الجراحة

يلجأ إلى خيار الجراحة في العلاج بناءً على السبب المسؤول عن قصر القامة، فعلى سبيل المثال تكون الحاجة ملحة للجراحة في حال الإصابة بسرطان الدماغ (بالإنجليزية: Brain tumor) الذي يسبب حدوث نقص في هرمون النمو.

 

الوقاية من قصر القامة

لا يمكن الوقاية من قصر القامة في الحالات العائلية أو الوراثية، ولكن عند الحديث عن الوقاية عن قصر القامة فالقصد هنا في الحالات الناتجة عن مشاكل طبية يمكن تجنبها وعلاجها، وأول النصائح المقدمة لتقليل خطر الإصابة بقصر القامة هو المحافظة على نظام غذائي صحي للطفل، كما ينبغي على الحامل اتباع نظام غذائي صحي، والإقلاع عن التدخين وتعاطي المخدرات.

 

10 Lug, 2021 05:30:18 PM
0