البحث عن لغة
يضم هذا الكتابِ مجموعةً من الدراسات التي تتنوعُ بين قراءاتٍ لإصداراتٍ سرديةٍ وشعرية، أو لتجاربَ إبداعيةٍ تتناول موضعاً أثيراً عند الشاعر أو القاصّ أو الروائي. وهي قراءاتٌ متباعدةٌ في الحقول والأزمان؛ ولكنها تنطلق للبحث عن اللغةِ التي يتمثلها المبدعُ، بما هي وسيلة للتعبير والتخاطب، وبما هي وسيلة الأسلوب الذي يضارع الخطابَ. في القراءات التي تناولت تجاربَ لمبدعين من أجيال متباعدة، وأساليبَ مختلفة، تتبدى الكثير من العناوين التي تقارب الدراسة باختلاف وسائلها وموضوعاتها وأجيالها. ففي مجموعة الشاعرة زليخة أبو ريشة محاولةٌ للبحث عن مرجعيات الأنثى بمعادل الأسطورة والطبيعة واللغة، بينما تتستّر لغة جميلة عمايرة بانزياحاتِ الحلم للاحتيال على الواقع. وكما يتمثل حكمت النوايسة المشهدَ الدرامي لاجتماع التاريخ بالراهنِ، فإنّ غازي الذيبة يستحضر الغياب لإنكار الحاضر، وهو ما يتضح في رواية هزاع البراري التي أبطن حواشيها بتحولاتِ المكان الأسطورية؛ لفهم مغزى الموت، ومعنى الحياة بما أنتج المكان من وعيٍ، وما تركت المثيولوجيا من حكايةٍ، وربما هو ما قالته رواية «ربيع حار» لسحر خليفة في قراءة التحوّلات التي حملتها رواية المرأة التي فارقتْ السائد. ولكن الشاعر حسين جلعاد في «العالي يُصْلَبُ دائما» تفادى فكرةَ الاعتراف بالأسطورة، ليعيدَ ترتيب الأشياء من جديد، وهو ترتيب يقوم على تشكيل السؤال بلغةٍ جديدةٍ وصادمةٍ، وبعكسه تماماً يذهبُ حكمت النوايسة، في تجربته المتحولة بمقارباتٍ بين شكل النص وإيقاع اللغة وغموضِ التاريخ. في القراءة التي تتسعُ فيها الأزمنةُ والأمكنةُ برمزيات التاريخ والأسطورة، تلجأ الدراسةُ لمقايساتِ المنهج الثقافي لدراسة جملة المرجعيات التي تكوّن نسيجَ النصِّ لتفكيكه وإعادة بناءاته المثيولوجية والأنثربولوجية والثقافية؛ لفهم المكونات التي انطوى عليها النصُّ، وكذلك المؤثثات التي استبعدها النص، ولماذا تم استبعادها؟ فالاستبعاد هو أيضاً حيلة تخيلية لاقتراح كينونة حقيقية بأدواتٍ وهميةٍ، تتجلى في اللجوء إلى لغة الحلم أو الدراما والصورة والإسقاطات التاريخية والاستعارات الأسطورية واللجوء إلى المتخيل. في هذا الكتاب دراسات نشر بعضها في دوريات محلية وعربية، تتناول سبعَ مجموعاتٍ شعريةٍ، لكل من: زليخة أبو ريشة (كلام منحّى)، وخالد محادين (لكَم تزدحم المدينة بالنساء المتعبات)، وحكمت النوايسة (الصعود إلى مؤتة)، وعبدالله رضوان (مقام المليحة)، وغازي الذيبة (خفقة الذرى)، وحسين جلعاد (العالي يصلب دائماً)، ومريم شريف (أباريق الغروب). وفي الرواية، تتناول الدراسات أعمالاً لكلٍّ من: ليلى الأطرش (مرافئ الوهم)، وهزاع البراري (الغريب)، وسحر خليفة (ربيع حار). وفي القصة جرت دراسة أعمال كلٍّ من: محمود الريماوي (فارق التوقيت)، وسعود قبيلات (مشي)، وجميلة عمايرة (الدرجات).