تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
رواية فلسفية بترجمة كويتية تشتبك ومسألة الشر في الوجود

استحوذت مسألة "الشر"، التي طالت البشر في كل زمان ومكان، على اهتمام الفكر الإنساني منذ أقدم العصور وحتى الآن، بل وتفوّقت على كل المسائل البشرية الأخرى كمصدر للفزع، القلق والألم والخوف... بالنسبة للإنسان. ومن النصوص العالمية، التي اشتبكت مع هذه المسألة الحيوية واللصيقة بوجودنا المعيش على هذه الأرض، رواية "كانديد" لمؤلفها الفيلسوف الفرنسي الشهير "فولتير". وقد صدر حديثاً ترجمة جديدة كاملة للرواية بترجمة الباحث والكاتب الكويتي المتخصص في الفلسفة "عقيل يوسف عيدان"، الذي استحدث لها عنواناً نقدياً هو (آدم بعد عدن)، وقد صدر هذا الكتاب عن دار الرافدين في بيروت.

ومن أهم ما يلفت الانتباه في هذا العمل، الذي يقع في ٣٥٠ صفحة من القطع المتوسط، التفسير الجديد الذي يقترحه المترجم لهذا الكتاب، فيقلب الفكرة التي غالباً ما يتم قراءة الرواية فيها، والتي غالباً ما تقرأ على أساس أنها خيال غريب، فيؤكد "عيدان" بأنها أقرب إلى الحقيقة، فالخيال حين تكون له قيمة لا يخترع من العدم، وإنما قيمته أن يصف ما يشاهد على السطح وتحته وبين الركام أيضا.

لقد وجد عيدان أن فولتير في هذه الرواية، يريد التخلّصَ من العَمَه في اعتقاد ورأي أولئك المُتَّكِئين على أرائِك التفاؤل الهابِط إلى المَتاهَة بأن "ليس في الإمْكان أبْدَع ممّا كان"، فيَنفُث فيهم - عبر نصّ إنسانيّ أدبيّ، فلسفيّ، تاريخيّ وتنويريّ مُعاصر بالرغم من مرور أكثر من 250 عاماً على تدوينه وظهوره - وَعْياً يانِعاً في عناصرٍ خامِلة، فيُعيد تَقْويم المُمارَسات والوقائِع والرُّموز والمعيش في حياتنا، علاوة على إدْخال حَيَويّة عقلية ناقِدَة تنشأ في المُقاومة والتصدِّي الواعي لمظاهر الشر كافة الذي يخترق حياتنا.

وقد تميزت هذه الترجمة النقدية الحديثة، على مقدمة مستحدثة ودراسة ضافية تسلط الضوء الكاشف على أهم درس في هذا العمل، فبالرغم من رغبتنا في فرض النظام على فوضى السّرد، فإن معنى الرواية يبقى غامضاً، ومن ثم جذّاباً، حتى بعد أكثر من ٢٥٠ سنة من نشرها لأول مرة عام ١٧٥٩.

إلى ذلك، يقع الكتاب في بابين، في الباب الأول وبعد تقديم (مقدمة) موسّعة، يدرس عقيل يوسف عيدان الرواية في ثلاثة فصول، ينبري الفصل الأول لقراءة معمّقة في أصل مسألة الشر، والفصل الثاني فيتفحّص كيفية مواجهة فولتير لهذه المسألة في تجلياتها ومظاهرها كافة. أما الفصل الثالث، فيعرّفنا بأعمق المقاربات التاريخية والمعاصرة حول الرواية وبالجانب الإبداعي فيها. أما الباب الثاني، فيُقدَّم فيه عقيل عيدان ترجمة كاملة غير مختصرة لرواية (كانديد) لمؤلفها فولتير.

وقد اعتمد عيدان على خبرته في مجال الفلسفة ليوفر لقرّائه رؤية مغايرة وشاملة لنصوص وسياق نص رواية فولتير.

يذكر أن عيدان كان قد رفد المكتبة الكويتية والعربية بعدد لافت من المؤلفات والترجمات في مجال الفلسفة وتاريخ الفكر الحر، منها على سبيل المثال (العقل في حريم الشريعة)، (في الحرية والديمقراطية)، (التنوير في الإنسان)، (شؤم الفلسفة)، (معصية فهد العسكر -الوجودية في الوعي الكويتي)، (عقلاني الكويت).

20 مايو, 2018 11:41:11 صباحا
0