تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الثقوب السوداء: أقزام مجرية تحوي وحوشا ضخمة

يقترب علماء الفلك من اكتشاف كيفية تكوُّن أضخم الثقوب السوداء في الكون، وذلك عن طريق دراسة أصغر المَجَرَّات.

منذ ثلاثة أعوام عثر علماء الفلك مصادفةً على ثقب أسود ضخم في مَجَرَّة «هنايز ٢–١٠» القزمة، والذي يَظهر هنا في صورة مُجمعة بصرية وبالموجات اللاسلكية وبالأشعة السِّينيَّة. أدَّى هذا الاكتشاف إلى بحث أكثر توسُّعًا عن الثقوب السوداء العملاقة في ٢٥ ألف مجرة قزمة (الصورة بالأشعة السينية: وكالة ناسا/مرصد شاندرا الفضائي للأشعة السينية/فيرجينيا/إيمي راينس وآخرون، الصورة بالموجات اللاسلكية: المرصد الفلكي الوطني اللاسلكي/شركة أسوشيتد يونيفرسيتيز/مؤسسة العلوم الوطنية، الصورة البصرية: وكالة ناسا/معهد علوم تلسكوب الفضاء).

من السهل تكوُّن ثقب أسود تبلغ كتلته بضعة أضعاف كتلة الشمس؛ فهذا يحدث عندما يخسر نجم ضخم معركته مع الجاذبية، وينهار على نفسه تحت ثقل وزنه، إلَّا أنه ليس هناك نجم يحتوي على ملايين أو حتى مليارات من الشموس، وهو ما يمثل وزن أضخم الثقوب السوداء على الإطلاق.

ثمة رؤيتان أساسيتان حول كيفية تكوُّن هذه الوحوش الضخمة: يرى أصحاب الرؤية الأولى أن الثقوب السوداء فائقة الضخامة يمكن أن تكون بقايا الجيل الأول من النجوم. ونظرًا لعدم تلوُّث هذه النجوم بعناصر أثقل وزنًا؛ فإنها ربما نمَتْ حتى وصلت إلى أحجام هائلة ووصلت كتلتها إلى مئات أضعاف كتلة الشمس. بعد هذا ربما انهارتْ هذه النجوم لتصبح «بذور» ثقوب سوداء كبُرتْ فيما بعدُ لتُصبح ذات أحجام فائقة من خلال ابتلاع المزيد من المادة.

الأفضل من ذلك — على حد قول أصحاب الرؤية الثانية — هو فكرة تكوُّن الثقب الأسود مباشرةً من سحابة غازية. يصعب حدوث هذا، لكن في ظل الظروف المناسبة ربما تتكوَّن ثقوب سوداء تبلغ كتلتها آلاف أضعاف كتلة الشمس. اكتشف الراصدون ثقوبًا سوداء تبلغ كتلتها مليار ضعف كتلة الشمس تكوَّنت عقب حدوث الانفجار العظيم بنحو مليار سنة فقط؛ لذا فإن تلك الرؤية مثيرة للاهتمام.

لمعرفة الرؤية الصحيحة يدرس علماء الفلك المجرات القزمة. لم تتغير هذه المجرات كثيرًا منذ بداية الكون؛ لذا لا بد أنها تحتفظ بذكرى سيناريو تكوُّن الثقوب السوداء. هذا على حد قول إيمي راينس (المرصد الفلكي اللاسلكي الوطني). إذا كانت الثقوب السوداء الفائقة الضخامة قد تكوَّنت من النجوم الأولى؛ فإن كل مجرة قزمة لا بد أن تحتوي على ثقب أسود. من ناحية أخرى، بما أن عملية الانهيار المباشر أكثر صعوبة؛ فمن غير المُحتَمل أن يكون لمعظم المجرات القزمة ثقوب سوداء فائقة الضخامة خاصة بها.

حتى وقت قريب لم يكتشف علماء الفلك إلا عددًا قليلًا من الثقوب الفائقة الضخامة في المجرات القزمة، مثل الثقب الموجود في مجرة إن جي سي ٤٣٩٥، الذي تبلغ كتلته بضع مئات آلاف المرات كتلة الشمس.

عملت راينس وزملاؤها على توسيع هذه العينة. عند حضور فريق راينس اجتماع الجمعية الفلكية الأمريكية، الذي عُقد في الشتاء، أخذوا ٢٥ ألف مجرة قزمة من مسح سلون الرقمي للسماء، وبحثوا في أطياف الضوء المرئي الخاصة بها للعثور على إشارات دالَّة على وجود ثقوب سوداء ضخمة نَهِمة بها. عثروا على هذه الإشارات في ١٥١ مجرة قزمة، وهذا لا يصل حتى إلى ١٪ من العينة بأكملها.

تُنبِّه راينس إلى أن هذه النتيجة هي الخطوة الأولى فقط؛ لأن الفريق لم يستطع إلا رصد الثقوب السوداء النَّهِمة، فقد يتعذر رصد الثقوب الخاملة، ومعظم هذه الأجرام تكون خاملة في معظم الأحيان. إضافةً إلى ذلك، فإن المجرة القزمة التي تحتوي على كثير من النجوم قد تُشوش على الإشارة المُنبعِثة من ثقوبها السوداء.

يخطط الفريق فيما بعدُ إلى إجراء عمليات الرَّصْد باستخدام مصفوف المراصد العظيم ومرصد شاندرا للأشعة السينية التابع لوكالة ناسا. تنبعث من الثقوب السوداء أشعة في صورة موجات لاسلكية وأشعة سِينيَّة حتى عندما لا تكون في حالة نَهَمٍ؛ لذا فإن المسح الموسع سيكشف عن وحوش أكثر هدوءًا لا تظهر في مسح سلون الرقمي للسماء.

21 ديسمبر, 2015 12:39:53 مساء
0