Перейти к основному содержанию

الموهبة الخفية: ما هي أقوى ملكاتك؟

اكتشِفْ مَلَكَة عقلية أو جسدية أو عاطفية أو حسِّية لم تكن تعرف أنك تمتلكها من خلال اتِّباع نهْجٍ علمي لاختبار حدود قدراتك.

 

«يا إلهي، إنك بارعة؛ بارعة حقًّا!» أخيرًا، العبارة التي أمَلْتُ في سماعها لعدة أشهر. أنظر إلى أصابعي ولا أزال أشك في قدراتي؛ ربما كان ذلك مجرد مصادفة، فأنتقل إلى الاختبار التالي، وعندما أنتهي تكون الباحثة على القدْر نفسه من الحماس فتقول: «يا إلهي، إنه رقم قياسي، كيف يمكن أن تكوني بهذه البراعة؟!»

قد تكون شخصًا مذهلًا وأنت لا تعلم!

قد تكون شخصًا مذهلًا وأنت لا تعلم!

بحلول مرحلة البلوغ، نعتقد أننا نعرف نقاط القوة والضعف لدينا، ولكن إذا كنتَ مثلي، فربما تكون قد تساءلت عمَّا إذا كنتَ تمتلك موهبةً غير مكتشَفة حتى الآن. استغرق سعيي وراء رغبتي في اكتشاف ذلك عدة أشهر، وتطلَّب ذلك سلسلة من الاختبارات لاستكشاف قدراتي العقلية والجسدية والعاطفية والحسية. والآن — أخيرًا — وجدت ما كنت أبحث عنه.

ليس هذا مجرد انتصار شخصي؛ فهو يؤكِّد أيضًا فكرة أن العلم يمكن أن يساعد في الكشف عن المواهب التي لم نكن نعرف أننا نمتلكها؛ مما يسمح لنا باتخاذ خيارات أفضل تخصُّ عملنا وأوقات فراغنا وزيادة ثقتنا في قدراتنا. إنك لا تحتاج حتى إلى مختبر أو مُعدَّات متخصِّصة للتوصل إلى الكثير من هذه المعرفة؛ فقد اكتشفت خلال رحلتي مجموعةً متكاملة من الاختبارات التي يمكن لأيِّ شخص القيام بها. قُمْ بتجربتها وربما تكتشف قدراتٍ غير مُكتشَفة في مجموعة من المجالات؛ من البراعة الرياضية والإمكانيات القيادية وصولًا إلى تقييم المخاطر و«الحسِّ الداخلي» الغامض، وهو موطن قوتي الشخصي.

موهبة عبقرية

استلهمتُ رحلة بحثي تلك من دراسةٍ أجْرَتْها مؤخرًا الطبيبة النفسية جوان روزاتس — من جامعة ولاية أوهايو في مانسفيلد — وعازف الكمان الموهوب جوردان أورباخ. لدراسة العمليات البيولوجية للعبقرية، اختبر الاثنان البيانات المعرفية والتنموية لثمانية أطفال شملت مواهبهم الاستثنائية الموسيقى والطهي والفن واللغة. وقد أُثِير الكثير من الجدل حول ما يُعزِّز العبقرية. يرى البعض أن الذكاء العام العالي هو الأساس، والبعض الآخر يؤكِّد على أهمية العوامل البيئية مثل التدريب أو وجود مزيج من الاثنين معًا، ولكن روزاتس وأورباخ اكتشفا أن سِمَةً واحدة فقط تربط بين الأطفال الثمانية جميعهم؛ أَلَا وهي الذاكرة العاملة الاستثنائية (دورية إنتليجانس، المجلد ٤٠، صفحة ٤١٩).

الذاكرة العاملة هي القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها في الوقت نفسه؛ فعلى سبيل المثال، تستخدمها عند ضرب عددين كلٍّ منهما مُكوَّن من رقمين في رأسك. والأشخاص الذين لديهم ذاكرة عاملة جيدة لديهم «مساحة» أكبر لتنفيذ عمليات المعالجة الذهنية تلك، وهو ما قد يساعد على تفسير وفْرتها لدى الأطفال العباقرة. ولكن ماذا عن بقيَّتنا؟ هل يمكن أن يمتلك بعض الأشخاص العاديين هذه الموهبة أو المواهب دون أن يدروا؟ هل يُحتمَل أن أمتلكها أنا؟

تشير متخصصة علم النفس المعرفي سوزان جازركول — من جامعة كامبريدج — إلى وجود طريقة سهلة لمعرفة حجم الذاكرة العاملة. اطْلُب من صديق لك قراءة قائمة من الأرقام العشوائية؛ رقم كلَّ ثانية. ابدأ بسلسلة من ثلاثة أرقام. احْفَظ الأرقام، ثم كرِّرها مرة أخرى بترتيب عكسي. إذا كان يمكنك تذكُّر الأرقام الثلاثة، فجرِّب أربعة، ثم خمسة وهكذا. ينبغي أن يتمكَّن الشخص العادي البالغ من العمر ٣٠ عامًا من تذكُّر خمسة أو ستة، والشخص البالغ من العمر ٤٠ عامًا نحو خمسة، والشخص البالغ من العمر ٥٠ عامًا حوالي أربعة. كما وجَّهتني جازركول أيضًا نحو سلسلة من اختبارات الذاكرة العاملة التي وضعها مشروع «كامبريدج برين ساينسز».

جاءت نتائجي متوسطة على نحو ​​مخيِّب للآمال، ولكنَّني اكتشفت أيضًا وجود أشياء يمكنني القيام بها لتحسين قدراتي. وعلى الرغم من وجود عنصر وراثي قوي، فإن هناك العديد من الأدلة على إمكانية زيادة الذاكرة العاملة باستخدام برامج التدريب الحاسوبية وبعض ألعاب الكمبيوتر المنتشرة. ويمكن أيضًا الإفادة من زيادة تناوُل زيت السمك الغني بأوميجا ٣ (دورية بلوس وان، المجلد ٧، صفحة e46832)؛ لذلك ربما لا تزال لديَّ فرصة في أنْ أُصْبح عازفة بيانو في الحفلات الموسيقية أو طاهية عالمية.

التذوق

في المرحلة التالية من رحلتي البحثية أجد نفسي جالسة في غرفةٍ بيضاء مُعقَّمة على طاولة طعام مغطاة بمجموعة مخيفة من الجِرار والكئوس. جئت إلى هنا بدافعٍ من فضولي لمعرفة ما إذا كنت أمتلك ما يلزم للقيام بإحدى الوظائف التي أحلم بالقيام بها؛ وهي العمل ناقدةً للطعام. وافقت شركة أبحاث الغذاء والنكهات «إم إم آر» — ومقرها في جامعة ريدينج — على إخضاعي للاختبارات التي تستخدمها لاختيار متذوِّقي الطعام لأقسام البحث والتطوير للمنتجات الجديدة. ووفقًا لكريستين بارناجو — واحدة من علماء النكهة الرُّوَّاد بالشركة — فإن حوالي عُشْر الأشخاص فحسب ينجحون في عملية الاختيار. فهل أنا واحدة منهم؟

حاسة الشمِّ الجيدة جزء حيوي من كوْن المرء ذواقَ طعامٍ محترِف؛ لذلك أبدأ أوَّلًا بشمِّ سلسلة من الجِرار المليئة بقِطَع من القطن الطبي المنقوعة في روائح، وأخبرهم بما أعتقد حيال الرائحة. بعد ذلك، طُلِب مني تناوُل رشفات من مجموعة من الكئوس وتدوين النكهات التي تحتويها. وفي اختبارات أخرى، أحاول أن أميِّز بين الطعوم الأساسية: المر والحلو والمالح والحامض والأومامي (مذاق أحادي جلوتومات الصوديوم). يُخْفِق ربع الأشخاص في هذا الاختبار؛ لأن لديهم اختلافًا في جين ثيوكرباميد الفينيل الذي يُضعِف قدرتهم على تذوُّق الطعم المر. فإذا كانت قهوة الإسبرسو قوية الطعم تبدو عادية بالنسبة إليك، فمن المحتمل أنك عاجز عن تذوق الطعم المر. وينطوي أصعب اختبار على تحديد عدة طعوم في السائل نفسه. عمومًا، دُهِشَتْ بارناجو بأدائي؛ إذ أجبتُ إجابات صحيحة بنسبة ٦٥ بالمائة، وهو ما يقترب من معيار إمكانية قبولي لأتلقَّى المزيد من التدريب.

تقول بارناجو: «عادة في الغالب، توجد علاقة مفادها أنه كلما كانت براعم التذوق لديك أكثر، كانت حساسيتك للطعم أقوى.» ويمكنك معرفة عددها بواسطة مسْح لسانك بملوِّن غذائي أزرق وعَدِّ النتوءات الوردية. يمتلك الشخص العادي حوالي ٢٠ منها في منطقة بحجم ثَقْب ثقَّابة الورق، على الرغم من أن العدد يختلف كثيرًا؛ فمَن يُطلَق عليهم «الذوَّاقة المهرة» يمتلكون ٥٠ أو أكثر. ومن المفارقات أنهم قد يُستبعَدون من العمل كذوَّاقة طعام محترفين لأنهم ربما يجدون أطعمة مثل الجرجير والبروكلي والفلفل الحار قوية الطعم للغاية. وأيًّا كانت نقطة بدايتك، يمكنك تحسين براعم التذوق لديك ببساطة عن طريق تعريضها لمزيد من النكهات، وكذلك قد يساعدك شمُّ منتجات مختلفة مثل الأعشابِ وتحديدُها — ولو لبضع دقائق في اليوم — في تحسين حاسة التذوق لديك. وسوف أحتاج هذه الأساليب إذا كنتُ سأعمل على تحسين حاسة التذوق لديَّ لأحقق حلمي بالعمل في هذه الوظيفة.

العَدْو

جعلني اكتشافُ أنَّ الذاكرة العاملة ليست موطن قوتي أرغب فحسب في معرفة المزيد؛ لذلك انتقل انتباهي من التمارين الذهنية إلى شيء بدني أكثر. في أولمبياد لندن ٢٠١٢، أحرزتْ هيلين جلوفر أول ميدالية ذهبية لبريطانيا في رياضة التجديف للسيدات. قبل ذلك بأربع سنوات فقط كانت معلمة في مدرسة، ولم تكن قد وضعت قدمها قط في قارب تجديف. إذا كانت جلوفر تستطيع فعل ذلك، فماذا عن بقيَّتنا؟

لمعرفة ما إذا كان لديَّ موهبة رياضية خفيَّة، قُمتُ بزيارة عالم الفسيولوجيا الرياضية كريس إيستون في جامعة كينجستون في لندن. أتلقَّى تدريبًا للجري لمسافة تساوي نصف الماراثون؛ لذلك أريد أن أعرف ما إذا كان لديَّ الاستعداد لسباقات الجري لمسافات طويلة. أشار إيستون إلى أن تكوين العضلات هو الطريق إلى ذلك؛ فالنوع الثاني من الألياف العضلية — أو الألياف العضلية السريعة الانقباض — قويٌّ ولكنه يتعب بسهولة؛ مما يجعله مثاليًّا للألعاب الرياضية مثل العدو السريع أو رفع الأثقال، بينما النوع الأول البطيء الانقباض أفضل لسباقات الجري لمسافات طويلة، ويقول إيستون: «ثمة أدلة قوية جدًّا على أنك لا يمكنك تغيير نوع الألياف العضلية. فإذا كان لديك ٩٠ بالمائة من الألياف العضلية من النوع الثاني، يمكنك القيام بتدريبات شاقة ولكن من غير المُرجَّح أبدًا أن تربح في ماراثون قصير لا تزيد مدَّته على ٣ ساعات.»

يتمُّ تقييم تكوين العضلات عادة عن طريق الخزعات المأخوذة بالإجراء الجراحي، ولكن توجد بدائل بسيطة يمكن لأيِّ شخص أن يجرِّبها. ثمة اختبار جيِّد للألياف العضلية السريعة الانقباض هو اختبار القفز العمودي، الذي ينطوي على القفز عاليًا رافعًا يدك بأقصى ما يمكنك من وضْعِ الوقوف، ثم قياس الفرق بين الطول الذي وصلتَ إليه بقَفْزتك وطولك بينما ترفع يدك لأعلى وأنت واقف. والنتيجة الجيدة للغاية هي ٦٥ سنتيمترًا للرجل و٥٠ سنتيمترًا للمرأة. ولاختبار الألياف العضلية البطيئة الانقباض، اجلِسْ فحسب في وضعية القرفصاء مع إسناد ظهرك لحائط وابقَ هكذا لأطول فترة ممكنة، ويقول إيستون: «إن استطعت الحفاظ على هذا الانقباض لمدة أطول من ٣٠ ثانية، فإن احتمالات امتلاكك لنسبة عالية من تلك الألياف المقاومة للتعب من النوع الأول كبيرة.» ربما يكون هذا محض توقُّع عام، ولكنْ بالنسبة إليَّ، الاختباران في غاية الوضوح: ارتفاع قفزتي مُثيرٌ للشفقة، ولكن عندما يتعلق الأمر بوضع القرفصاء، فقد احتفظت بقوتي بعد مرور عدة دقائق، وهو خبر سارٌّ بالنسبة إلى سباق نصف الماراثون.

بعد ذلك يأتي الاختبار الكلاسيكي لمختبر العلوم الرياضية؛ أي اختبار الاستهلاك الأقصى للأكسجين؛ وهو اختبار يقيس أقصى حجم للأكسجين يمكن للجسم استخدامه في دقيقة واحدة، وهو مؤشر على إمكانية التحمُّل، ويمكن تحسينه بعض الشيء بالتدريب، ولكننا جميعًا لدينا سقفٌ تحدِّده العوامل الوراثية سلفًا. هذا الاختبار كَرِيهٌ على وجه الخصوص؛ فهو ينطوي على ارتداء قناع يحلِّل مكونات النَّفَس بينما أركض على مشَّاية كهربائية بسرعة متزايدة على نحو مستمر. وبالنظر إلى نتيجتي، يشير إيستون إلى أنني لم أضغط على نفسي بقوةٍ بما فيه الكفاية. ولكن نسبة الدهون في جسمي ومؤشر كتلة الجسم يشيران إلى تمتُّعي بمستوًى من اللياقة البدنية مناسب لسباقات المسافات الطويلة. ولكن ما إن بدأت أشعر بالزهو، حتى تلقيت ضربة شديدة؛ فقد كشف اختبارٌ بسيط للدم أن مستويات خلايا الدم الحمراء والهيموجلوبين لديَّ أقل من المتوسط؛ ممَّا يؤثر على كمية الأكسجين التي يمكن لدمي أن يحملها. وعلى الرغم من كلِّ الإشارات الإيجابية، حتى لو تدربت بأقصى ما يمكن، فلن أكون أبدًا عداءة من الدرجة الأولى.

القيادة

ليس لدي العديد من الفرص في حياتي اليومية للقيام بدَوْر القيادة، ولكني اعتقدت دائمًا أني سأكون قائدة جيدة نوعًا ما. ولاكتشاف ما إذا كنت أخدع نفسي، زُرتُ مارك فان فوخت وفريقه في جامعة فراي في أمستردام بهولندا؛ أحد مَن يتبنَّون المنظور التطوري للقيادة، والذي يرى أن أسلافنا الأوائل — الذين كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة وواجهوا مستويات تهديدٍ عالية — كانوا يحتاجون لقادة أكْفاء من أجل البقاء على قيد الحياة؛ ونتيجة لذلك — على حدِّ قوله — تطورنا إلى البحث عن خصائص معينة في القائد، وتحدِّد جماعته هذه الخصائص.

بعض الصفات القيادية بدنية، وأهمها طول القامة. واكتشفت عضوة الفريق نانسي بلاكر أنه بالنسبة إلى كلا الجنسين، يُعتبَر الأفراد الأكثر طولًا «أقرب لشكل القائد». لماذا؟ لأننا نربط الطول أو البنية الجسمانية بعدة صفات ينبغي أن تكون لدى القائد الجيد، وكما تقول: «يُعَدُّ الذكور الطوال أكثر هيمنةً، وأفضل صحةً، وأشد قوةً، وأكثر ذكاءً أيضًا. أما بالنسبة إلى الإناث فإن السِّمَة الوحيدة هي أنهن يُعتبَرْنَ أكثر ذكاءً.» ولكي تُوصَف بأنك «طويل القامة» يجب أن تكون أطول على الأقل بعشرة سنتيمترات من متوسط طول أقرانك من نفس الجنس، وهو ما يعني — للأسف — أنه في ضوء تمتعي بطول يبلغ ١٧٠ سنتيمترًا فإنني لا أصل لهذه المرتبة (دورية جروب بروسيسيز آند إنتر جروب ريليشنز، المجلد ١٦، صفحة ١٧).

من ناحية أخرى، ربما يكون مظهري الشبابي نعمة؛ أعني في مواقف معينة. اكتشف عضوان آخران من أعضاء الفريق — وهما ألين جرابو وبرايان سبيساك — أننا نفضِّل القادة الذين يبدون أصغر سنًّا لقيادتنا خلال مراحل التغيير، والقادة الأكثر نضجًا في أوقات الاستقرار. وتُظهِر دراستُهما أيضًا أنه عند الحاجة للتعاون فإننا نختار قادة من كلا الجنسين ذوي سمات أنثوية أكثر، ولكن خلال فترات الصراع نفضِّل القادة ذوي الوجوه الأكثر رجولية (دورية بلوس وان، المجلد ٧، صفحةe30399)، ويقول جرابو: «الشخص الذي يتمتع بوجهٍ أكثر رجولة من المُرجَّح أكثر أن يتصرف بعدوانية، وربما يكون أداؤه أفضل في الدفاع عن المجموعة.»

إن مدى الرجولة أو الأنوثة التي يبديها الشخص تعتمد جزئيًّا على كَمِّية التستوستيرون الذي تعرَّض له في رحم أمه. أشارت دراسة أجراها جون مانينج — الذي يعمل الآن في جامعة سوانزي بالمملكة المتحدة — في عام ٢٠٠٣ إلى أنه يمكن تقييم هذا التعرُّض عن طريق حساب نسبة طول أصبع السبابة إلى أصبع البنصر، وتشير النسبة المنخفضة إلى التعرُّض لهرمون التستوستيرون بنسب عالية. أصبح هذا الاستنتاج موضع تساؤل في الآونة الأخيرة، ولكن مجموعة كبيرة من الدراسات أظهرت أن النسبة مرتبطة بثباتٍ بمجموعة متنوعة من الصفات. فعلى سبيل المثال، اكتشف لياندر فان دير ماي أن الرجال ذوي النسبة المنخفضة يمتلكون شخصيات أكثر عدوانية وسيطرة (مجلة أجريسيف بيهيفيور، المجلد ٣٨، صفحة ٢٠٨). وهو يشك في أن أسلوب قيادتهم يميل إلى أن يكون أكثر استبدادية وأقل مشاركة عن القادة ذوي النسبة الأعلى. نِسْبتي الرقمية منخفضة للغاية — خارج نطاق النساء «الطبيعيات» — ويشير إلى أنها تُسْهِم في امتلاكي «دماغًا رجوليًّا تنافسيًّا»، كما يمكن أيضًا أن توجه أسلوب القيادة الخاص بي نحو الاستبدادية الكريهة.

تقييم المخاطر

أظهر نصفُ قرن من الأبحاث حول إصدار الأحكام وصُنْع القرار أنَّ معظم الناس يكونوا في أغلب الأوقات في غاية السوء فيما يتعلق بتقييم الخيارات الخطرة. ومع ذلك، فعدد قليل من الأفراد قادرون على التغلُّب على تحيُّزات اللاوعي عندهم واتخاذ القرارات السليمة في الظروف الصعبة. ليس لديَّ أيُّ طموحات في أن أكون مقامرًا أو طيار اختبار أو مستكشِفًا، ولكن هذه السِّمَة ستكون موهبة مفيدة جدًّا في الحياة اليومية، واتضح أنه توجد عدة طرق لمعرفة ما إذا كنتُ أمتلكها.

يتألف اختبار برلين الحسابي من سلسلة من الألغاز المعتمِدة على الاحتمالات التي تقيس «معرفتك بالمخاطر»، وهي القدرة على تفسير المعلومات حول المخاطر بدقة والتصرُّف وفقًا لها. أجِده اختبارًا صعبًا، ولكن نتائجي جاءت جيدة على نحو مدهش؛ حيث أظهرت صفحة النتائج الإلكترونية: «نسبةً إلى عامة الناس، فأنت من بين الأشخاص الأكثر معرفة إحصائيًّا في العالم.» إنها بداية جيدة، ولكنه بدا وكأنه اختبار في الرياضيات بدلًا من كونه استكشافًا لما إذا كان ينبغي أن أثق بغرائزي أم لا. حتى الشخص الذي ابتكره — وهو إدوارد كوكلي من جامعة ميشيجان التكنولوجية في هَوتون — يوافق على أن المعرفة بالمخاطر لا تقتصر فحسب على حساب الاحتمالات؛ ففي أغلب الأوقات تنقصنا المعلومات الكافية لهذا الأمر؛ لذلك فإن المهارة الأساسية ذات الصلة هي معرفة المدى الذي ينبغي أن نكون واثقين فيه في أحكامنا.

وهنا يحين دور الاختبار الثاني، فيُطلَب مني أن أقرِّر ما إذا كانت العبارات المختلفة صحيحة أم خاطئة، وأن أقيِّم ثقتي في إجاباتي. لا تعتمد نتيجتي على ما إذا كنت محقة أم مخطئة، ولكن على قدرتي على فهم حدودي؛ أو كما يصيغها مبتكر الاختبار ديلان إيفانز: مدى «ذكاء المخاطرة» لديَّ. يرى إيفانز — مؤلف كتاب «ذكاء المخاطرة: كيف تعيش مع اللايقين؟» — أن هذا الاختبار يقيس كفاءة الأشخاص في التنبُّؤ بما إذا كانت النتيجة غير المؤكدة مُرجَّحة الحدوث أم لا.

إذا كانت نتائجك غير ممتازة — مثل نتائجي — لا يزال بإمكانك العمل على تحسين ذكاء المخاطرة لديك. يعتقد إيفانز أن السبب في إجادة بعض الأشخاص لتقييم المخاطر على نحو خاصٍّ هو أنهم يتلقون إفادة من النوع الصحيح في كلِّ مرة يخاطرون فيها بشيءٍ ما، فكما يقول: «الأمر يشبه قليلًا تعديل تصويبك مع كلِّ تصويبة لإيصال السهم إلى مركز دائرة التصويب، فالحصول على إفادة حول مدى دِقَّتك يمكن أن يساعد على تحسين ذكاء المخاطرة لديك.» شريطة أن تتعلم من أخطائك.

الحاسة السادسة

بينما ما زلت في خِضَمِّ بحثي عن قوةٍ خارقة لم أكن أعرف أني أمتلكها، قررتُ استكشاف موهبة محتمَلة أثارت اهتمامي منذ أن قرأت عنها لأول مرة في مجلة نيو ساينتيست (١٥ أكتوبر ٢٠١١، صفحة ٣٤). إنها الحسُّ الداخلي، وهو القدرة على الاستماع إلى إشارات جسمك، ويُقاس بمدى دِقَّتك في عدِّ ضربات قلبك دون تحسُّس النبض.

قد تبدو مهارة غريبة يمتلكها المرء، ولكنها أصبحت ترتبط على نحو متزايد بمجموعة من السِّمات المعرفية والسلوكية المفيدة. فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يمتلكون درجة عالية من حساسية الحسِّ الداخلي يعتمدون بدرجة أكبر على الحدْس؛ مما يشير إلى أن «الحس الداخلي» ينبع من إشارات الجسم في اللاوعي. ويستطيع هؤلاء الأشخاص الشعور بالمخاطر التي «تستتر» عن الوعي، كما أنهم أفضل أيضًا في تذكُّر المعلومات العاطفية، ولديهم حياة عاطفية أكثر ثراء، وهو ما قد ينبع من حقيقة أن إشارات الجسم الداخلية يتمُّ رصدها في القشرة الانعزالية في المخ، وهي المنطقة المسئولة أيضًا عن معالجة العواطف. إضافة إلى ذلك، يتَّسم هؤلاء الأشخاص بأنهم أكثر حساسية عاطفيًّا وأكثر تعاطفًا مع الآخرين، وثَبَت أنهم أقلُّ قلقًا عند التحدث إلى الجموع.

وبما أنني حريصة على استكشاف قدرات حسِّي الداخلي، زرت مركز ساكلر لعلوم الإدراك في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة لمقابلة هوجو كريتشلي وسارة جارفينكل. أولًا، طلبتْ مني جارفينكل تخمين عدد نبضات قلبي في فترة معينة، في حين كانت تراقب معدَّل ضربات قلبي الفعلي. أدائي جيد؛ فحوالي ربع الأشخاص فحسب يمكنهم تخمين معدَّل ضربات قلبهم بدقة تبلغ ٨٠ بالمائة أو أكثر، وهو ما حققته.

يبدو أن الفروق الفردية في الحسِّ الداخلي ثابتة إلى حدٍّ ما، على الرغم من أن الحساسية تقل مع تقدم العمر. ومع ذلك، يعتقد جارفينكل وكريتشلي أن التدريب يمكن أن يؤدي إلى التحسُّن. كما يبدو أن ربط دقات القلب أو إشارات جسدية داخلية أخرى بالأحاسيس الخارجية خطوة وسيطة مفيدة. وتقترح جارفينكل تركيز وعْيِك على منطقة واحدة من الجسم في كلِّ مرة لمعرفة أكثر المواضع التي تكون فيها أكثر إحساسًا بنبضك. بالنسبة إليَّ، هذه المنطقة هي أطراف أصابعي. وتستطيع جارفينكل — بعد بعض التدريب — أن تشعر بضربات قلبها في رأسها. وثمة فائدة علاجية محتملة في تدريب الأشخاص على أن يكونوا أكثر وعيًا بحالات أجسامهم الداخلية، لأسبابٍ ليس أقلها ارتباط انخفاض الحس الداخلي بالاكتئاب.

تتمثل إحدى الطرق التي يستخدمونها في مركز ساكلر للمساعدة على زيادة الحس الداخلي في التغذية الراجعة الحيوية عن طريق الجهاز العصبي المستقل. وسريعًا ما تمَّ توصيلي بجهاز يقيس قدرة الجلد على التوصيل، وطُلِب مني تحريك رسم كارتوني لدودة على الشاشة باستخدام وحدة تحكم غير عادية؛ وهي حالتي الجسدية. وبينما كانت الأجهزة تقرأ مستوى الاستثارة الفسيولوجية في جسدي، كنت كلما استرخيت أكثر تحركت الدودة أكثر نحو اليمين؛ نحو خط النهاية، وإذا شعرت بالتوتر تتحرك نحو اليسار. ولاستكمال اللعبة، عليك أن تكون في تناغم مع جسمك، ولكن حتى لو كان حسُّك الداخلي منخفضًا، فإن اللعبة نفسها تساعدك. تقول جارفينكل: «الأشخاص الذين لا يجيدون تمامًا معرفة حالة الجسم التي يكون فيها مسترخيًا يمكنهم استخدام الإشارة الخارجية للدودة؛ لمساعدتهم على فهم أجسامهم على نحو أفضل.» ونتيجة لذلك، يمكن أن تساعد اللعبة الأشخاص فعليًّا في تعلُّم الاسترخاء.

أما بالنسبة إليَّ، فيشير أدائي إلى أنني ماهرة في هذه المهارة بالسليقة، وتقول جارفينكل: «لا أستطيع أن أصدِّق ذلك؛ كان ذلك مذهلًا!» إذ عبَرَت دودتي خطَّ النهاية في ٢٠ ثانية بالضبط. يفشل بعض الأشخاص في إكمال المهمة في ٣ دقائق؛ وهي أقصى مدة مسموح بها. وأضافت قائلة: «من غير العادي أن يكون شخص ما بهذه المهارة. لقد اكْتشَفْت موهبة جديدة.» أخيرًا! اكتشفتُ موهبتي الخفية؛ أنا مُربِّية ديدان على مستوًى عالمي!

05 дек, 2015 06:22:11 PM
0