Перейти к основному содержанию

شرارة الشفاء: استخدام كهرباء الجسم بدلا من الأدوية

إننا نتعلَّم تحدُّثَ لغة الجسم الكهربية واستخدامها في تطوير علاجاتٍ لمختلف الأمراض، بدءًا من التهاب المفاصل حتى داء السكري.

بالنسبة لجوران أوستوفيتش كانَتْ قيادةُ شاحنةِ النَّقل معاناةً يوميةً، فمع التورُّم المؤلِم في يديه وراحتيه ومرفقيه كان من المستحيل تقريبًا أن يمسك بعجلة القيادة وأن يلفَّها، ناهيك عن تحميل وإفراغ البضاعة التي تحملها الشاحنة، ولم تساعده كثيرًا الأدويةُ التي داوَمَ على أخذها لسنواتٍ لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، وهجَرَ على مضضٍ ممارسةَ رياضته المفضَّلة — تنس الطاولة — وكفَّ عن العمل. وتمثَّلَ آخِر وجوه قسوة المرض في عجزه عن حمل أطفاله الصغار واللعب معهم.

وعند هذه المرحلة تطوَّعَ أوستوفيتش للخضوع لآخِر سُبُل العلاج المتاحة والمتمثلة في زرع كمبيوتر صغير في رقبته يأمر الخلايا المناعية بالكفِّ عن نشاطها.

إن جهاز الكمبيوتر المزروع في أوستوفيتش هو باكورة ثورة في صناعة الأدوية. لقد بدأ الباحثون ينتبهون لفكرة إمكانية تَحدُّث لغة الأعصاب الكهربية في الجسم البشري ككُلٍّ أكثرَ مما ظنَّهُ الجميع، وهذا سيلعب دورًا محوريًّا في تنسيق عمل الأعضاء والغدد والخلايا. وقد يكون من الممكن استخدام الجهاز العصبي لتحفيز الجسم لشفاء نفسه بطرقٍ لم نحلُم بها من قبلُ.

تهتمُّ صناعة الأدوية بهذه المسألة، فضلًا عن أنه يجري العمل على مجموعة كبيرة من المشاريع حول العالم لتحديد الدوائر التي تسمح للجهاز العصبي بالتدخُّل عند حدوث خللٍ في الجسم تحديدًا دقيقًا. وتُعَدُّ أمراض المناعة الذاتية، والربو، وداء السكري، وأمراض الجهاز الهضمي مجردَ بعضٍ من الاضطرابات التي تستجيب للتدخل الكهربي، وهناك مؤشرات على إمكانية استخدام هذه الطريقة كحلٍّ جذري لعلاج السرطان. وخلال عقد أو عقدين سيصبح من الممكن أن تحلَّ الأجهزة الكهربية المزروعة (المستحضرات الكهربية) محلَّ الكثير من الأدوية الشائعة؛ فمرحبًا بعالم جديد بديع يعتمد على المستحضرات الكهربية!

فكرة قدرة الإشارات الكهربية على السيطرة على الجهاز المناعي ستبدو غريبة لأي شخص درس الأحياء؛ لأن الكهرباء في العموم هي لغة الجهاز العصبي لا الجهاز المناعي. فالإشارات الكهربية، في صورة جهد الفعل، تنتقل من المخ وإليه عبر المسارات العصبية العديدة المنتشرة في الجسم. فعلى سبيل المثال من أجل تنظيم ضربات القلب، تراقِب الأليافُ العصبية الحسية معدلَ ضربات القلب، وترسل هذه المعلومةَ إلى المخ الذي يرسل بدوره التعليمات إلى القلب ليأمره بإسراع ضرباته أو إبطائها. وهناك دائرة مشابهة تتحكَّم في ضغط الدم. ويقول كيفين تريسي الباحث في معهد فاينشتاين للأبحاث الطبية في نيويورك: «يستجيب الجهاز العصبي باستمرار للتغيُّرات، ويُعِيد كلَّ شيء إلى الحد الطبيعي.» يمكننا استغلال هذه اللغة الكهربية عند اختلال منظِّم حرارة الجسم الطبيعي، باستخدام الجهاز المزيل للرجفان الذي يستخدم الكهرباء لإنعاش القلب المتوقف، أو باستخدام جهاز تنظيم ضربات القلب الذي ينظِّم معدل ضخ القلب للدم.

لم تكن فكرة وجود منظِّم مركزي يتحكَّم في الجهاز المناعي مطروحة؛ فقد كان يُعتقَد أن هناك جيشًا لامركزيًّا يضم خلايا الدم البيضاء والبلاعم التي تلتهم الفيروسات، يتجوَّل في مجرى الدم ويخوض معارك ضد البكتيريا والفيروسات عندما يتوجَّب ذلك، وأن الأنسجة المصابة قد ترسِل طلبًا للتعزيزات، لكن لم يكن هناك أي قيادة مركزية.

شكَّكَ تريسي في هذا التصوُّر في أواخر تسعينيات القرن العشرين، فقد كان يختبر مع زملائه عقارًا جديدًا مضادًّا للالتهابات، وعندما تمَّ حقنه في أمخاخ الفئران لاحظوا أنه قلَّل أيضًا الالتهاب في أطرافهم وأعضائهم الطرفية. ويقول تريسي معلِّقًا: «كانت كمية الدواء التي نستخدمها ضئيلةً للغاية، ومن ثَمَّ عرفنا أن الإشارات ليست آتيةً من مجرى الدم.» كان التفسير الوحيد هو الجهاز العصبي. لقد كانت الفكرة آسرةً لدرجة لا يمكن تجاهلها. أضاف تريسي: «ولذلك بدأنا تحفيز أعصاب مختلفة؛ لنرى إن كان بإمكاننا تكرارُ نفس النتيجة.» وكما هو متوقعٌ وجد أن التحفيز الكهربي للألياف العصبية المرتبطة بالطحال — مكان الخلايا المناعية المسمَّاة الخلايا التائية — قلَّل من نشاطها، وكان هذا أول مؤشرات احتمالية أن المخ يتحدث إلى الجهاز المناعي رغم ما سبق.

لكن كيف ذلك؟ لقد اكتشَفَ تريسي أن الخلايا العصبية تتحدث مع الخلايا المناعية الموجودة في الطحال باستخدام مواد كيميائية تُسمَّى النواقل العصبية، وهي اللغة نفسها التي تستخدمها في التحدُّث بعضها مع بعض. لقد ولَّدَ تحفيز الأعصاب استجابةً معقَّدَة أخبرت الخلايا التائية بأن تكفَّ عن إنتاج المواد المسبِّبة للالتهاب مثل عامل نخر الورم.

في الأشخاص الأصحاء تَضمن هذه الدائرةُ العصبية عدمَ زيادة عاملِ نخر الورم زيادةً بالغة، أما في اضطرابات الجهاز المناعي الذاتي؛ مثل التهاب المفاصل الروماتويدي فيحدث خلل في المكابح الطبيعية ويخرج إنتاج عامل نخر الورم عن السيطرة، فيتراكم في مفاصل الأشخاص مسبِّبًا الألم والالتهاب وانهيار الأنسجة.

وللتخلُّص من هذه الآثار المُوهِنة، يلجأ في الغالب مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي إلى أدوية تُسمَّى مثبطات عامل نخر الورم، إلا أنه بسبب تخلُّص هذه الأدوية من كل ما تجد من عامل نخر الورم، فإنها تزيد من خطورة إصابة الأشخاص بالعدوى. والأسوأ من ذلك أنها لا تعالج دائمًا التهاب المفاصل الروماتويدي، فمثلًا كان أوستوفيتش يتعاطى الكثير من الأدوية المختلفة، ورغم ذلك استمرَّ ألمه المبرح.

إلا أن الحظ حالَفَه في النهاية؛ إذ كانت العيادة التي يتردَّد عليها قد بدأت لتوِّها في تجنيد الأشخاص من أجل اختبار علاجٍ جديدٍ يعتمد على النتائج التي توصَّلَ إليها تريسي. فبعد الدراسات الناجحة التي أجراها على الحيوانات، أسَّس تريسي شركةً أسماها سيتبوينت ميديكال لعلاج التهاب المفاصل لدى البشر، ولإجراء اختبار تجريبي لهذا العلاج، اختارت شركة سيتبوينت موطنَ أوستوفيتش — البوسنة والهرسك — حيث يستخدم عددٌ قليلٌ من المرضى فيها أدويةً مثبطةً لعامل نخر الورم، وتمثَّلَت الخطة في زرع أجهزة كمبيوتر دقيقةٍ في رقاب ١٢ شخصًا مصابًا بالتهاب المفاصل الروماتويدي لمعرفة إنْ كان التحفيز الكهربي سيؤدِّي إلى تخفيف الأعراض.

اتَّصَل الكمبيوتر المزروع في أوستوفيتش بالعصب الحائر، ذلك الطريق الكهربي الفائق السرعة الذي يربط المخ بكل الأعضاء الرئيسية في الجسم؛ ليحفِّز على فتراتٍ متقطعةٍ الأليافَ العصبية المرتبطة بالطحال (انظر الشكل). وتمنَّى الباحثون أن يتمكَّن الجهاز من توجيه أوامر لجهازه المناعي؛ كي يُوقِف عمله ويكفَّ عن مهاجمة مفاصله.

صدمة للجهاز: من أساليب إيقاف جهاز المناعة عن مهاجمة نفسه زَرْعُ محفزٍ كهربيٍّ في الرقبة، يُحفِّز العصب الحائر على نحوٍ متقطِّعٍ.

صدمة للجهاز: من أساليب إيقاف جهاز المناعة عن مهاجمة نفسه زَرْعُ محفزٍ كهربيٍّ في الرقبة، يُحفِّز العصب الحائر على نحوٍ متقطِّعٍ.

ونجح الأمر، وتوقَّفَ الألم المستمر في مفاصل أوستوفيتش، وعادت مستويات البروتين المسبِّب للالتهاب المسمَّى البروتين الارتكاسي سي إلى مستواها الطبيعي؛ إذ إن هذا البروتين يكون مرتفعًا عادةً لدى الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل. وأفضل ما في الموضوع أن هذا التدخُّل ليس له أيُّ آثار جانبية خطيرة؛ فتحفيز الأعصاب لا يُزِيل سوى ٨٠ في المائة من عامل نخر الورم مقارنةً بالأدوية التي تزيله بالكامل، فضلًا عن أنه يُوقِف إنتاج العوامل المناعية الأخرى التي يمكن أن تدمِّر الأنسجة عند زيادة إفرازها. وكما هو الحال مع أوستوفيتش، فقد شَهِدَتْ سبعُ حالات أخرى من المتطوعين أوجهَ تحسُّنٍ مشابهةً (دورية آرثرايتيس آند روماتيزم، المجلد ٦٤، صفحة ١).

وبهذا الانتصار يعتقد تريسي أنه توصَّل إلى أول دائرة عصبية من دوائر عصبية كثيرة تتحكَّم في الجهاز المناعي. ففي أغسطس الماضي، أعلن كليفورد وولف من كلية طب هارفرد أنه وزملاءه اكتشفوا خلايا عصبية في الجلد بإمكانها إيقاف العدوى عند تحفيزها، وهناك دوائر مشابهة منتشرة في أماكن أخرى في جسم الإنسان؛ فالجسم السباتي — وهو عبارة عن مجموعة خلايا تقيس مستويات الجلوكوز في الشريان الرئيسي الذي يحمل الدم إلى الدماغ — مرتبط بالجهاز العصبي المركزي الذي يُمْكِنه التأثير على حساسية الأنسولين وضغط الدم عند الفئران (دورية ديابيتيز، المجلد ٦٢، صفحة ٢٩٠٥). وتقول سيلفيا كوند، من جامعة ليشبونة الجديدة التي أُجرِيت فيها الدراسة، إن الأقطاب الكهربية المزروعة يمكنها استغلال بعض الإشارات العصبية دون غيرها؛ مما يمكِّن من تغيير الحساسية للإنسولين دون تعطيل الوظائف الحيوية الأخرى للجسم السباتي. وعلى أي حال فقد اتضح أن هذه الدوائر متصلة كلها بشبكة كهربية ممتدة في كل أنحاء الجسم.

العلاج بالجهد الكهربي

وفقًا لما هو مفهوم من عمل كوند، فالجهاز المناعي ليس هو الشيء الوحيد الذي يمكن لهذه الدوائر التأثير عليه؛ فشركة إليكتروكور، وهي شركة مصنِّعة لأجهزة العلاج الكهربي ومقرها في باسكينج ريدج في ولاية نيوجيرسي، عكفت على عزل مجموعة مختلفة من الألياف داخل العصب الحائر من أجل علاج الربو. ويقول تريسي: «العصب يشبه سلك التليفون العابر للأطلنطي؛ فهو يضم مجموعة من الكابلات المستقلة بداخله.» ترتبط الألياف العصبية التي يستهدفها محفز إليكتروكور المزروع في الرقبة بمنطقة في المخ مرتبطة بالاستجابة الفسيولوجية الخاصة بالتوتر والفزع. وصَعْقُ هذه الألياف يؤدِّي لإطلاق النورأدرينالين الذي يُثبِّط من نشاط العصبونات المتحكمة في المسالك الهوائية ويجعلها تنفتح؛ مما يمنع أزمة الربو من الحدوث. ويقول جيه بي إيريكو، الرئيس التنفيذي لشركة إليكتروكور: «الرسالة التي نرسلها هي: إن كل شيء على ما يُرام، يمكنكم تنفُّس الصعداء، لن تُضطروا للمرور باستجابة الهروب أو القتال التي يسبِّبها التوتر.»

ويبدو أن هذا الأمر قد نجح؛ ففي ٨١ حالة مصابة بأزمة ربو استقبلتها أقسام الطوارئ ولم تستجب للعقاقير المعتادة خلال ساعة، أدَّى التحفيز الكهربي بقطب إليكتروكور الكهربائي المزروع إلى تحسُّنٍ ملحوظٍ في أداء الرئة لدى هذه الحالات. وفي الوقت الحاضر تختبر شركة إليكتروكور جهازًا يحفِّز الألياف العصبية عبر الجلد.

ويقول بريندن كانينج من مركز جونز هوبكينز للربو والحساسية في بالتيمور بولاية ميريلاند إنه على الرغم من أن تحفيز العصب الحائر استراتيجيةٌ جذَّابةٌ، فقد يكون غير مركَّز بالقدر الكافي؛ فمن غير المحتمل أن تقاوِم الأليافُ العصبية التي يستهدفها جهاز إليكتروكور بعضَ أعراض الربو الأخرى المزعجة، المتمثِّلة في السعال والشعور بعدم الحصول على قدرٍ كافٍ من الهواء. واكتشف كانينج أن هذه الأعراض تتحكَّم فيها مجموعة ألياف أخرى في العصب الحائر، إلا أن تحفيز هذه الألياف يُولِّد استجابات «الهروب أو القتال» المتمثِّلة في زيادة معدل ضربات القلب والتنفُّس؛ مما يُفاقم الأزمة في الغالب بسبب تنشيط استجابة الفزع لدى الشخص.

هذه التدابير المبكرة تُعَدُّ أدوات غير مكتملة نسبيًّا، وليس هناك أي أجهزةٍ يمكن زرعها في الجسم قادرةٍ على عزل الكابلات المستقلة، بل إن الأجهزة التي تزرعها شركة سيتبوينت تستخدم أسلوب التفاف؛ فهذه الأجهزة مضبوطة بحيث يُحفِّز قَدْرُ الكهرباء المُدخَل إليها مجموعةً فرعيةً صغيرة من الكابلات.

إنه تعديل أنيق، لكن ماذا لو تمكنت أيضًا من الاستماع إلى الإشارات الكهربية لاكتشاف أوجه الخلل، والتحدث فقط للألياف المسببة للخلل؟ يقول كانينج: «إن هذا القطب الكهربي الذكي بإمكانه أيضًا اكتشاف التغيُّرات في نشاط العصب، وتقديم العلاج كما هو مطلوب ثم التوقُّف عن العمل.»

وهذا هو بالضبط ما تعمل على تطويره جلاكسو سميث كلاين، الشركة العالمية العملاقة في مجال الصناعات الدوائية. ويقول كريستوفر فام من شركة جلاكسو سميث كلاين: «الهدف هو الحصول على أجهزة مزروعة في حجم حبة الأرز لزرعها في الأعصاب الطرفية، وتسجيل تعقيد اللغة الكهربية التي تتدفق بين تلك الأعصاب، واكتشاف الخلل عند حدوثه وإصلاحه. نعتقد أن هذا العلاج يمكن أن يكون حاسمًا لمجموعةٍ كاملةٍ من الأمراض المزمنة؛ مثل: مرض داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب المفاصل، والألم المزمن.»

وتُظهِر أبحاث تريسي ووولف أن تحقيق هدف فام ممكنٌ؛ رغم أن تسويقه تجاريًّا سيكون أكثر صعوبةً؛ إذ سيتطلب تعاونًا بين العلماء الذين لا يتفاعلون عادةً، وبين المهندسين الذين يصمِّمون واجهات أجهزة المخ، وبين خبراء متخصِّصين في الرئة والمناعة، على سبيل المثال. في ديسمبر استضافت شركة جلاكسو سميث كلاين منتدًى في نيويورك لتحديد المعوقات الأساسية المتوقَّع أن تمنع مجالَ المستحضرات الكهربية من المضيِّ قُدُمًا، وعرضت مكافأةً مقدارها مليون دولار أمريكي للمجموعة التي تتغلَّب على تلك المعوقات.

وهذه المكافأة تُعَدُّ جزءًا قليلًا مما تنفقه الشركة على المستحضرات الكهربية؛ فقد موَّلَتْ شركةُ جلاكسو سميث كلاين ستةَ مراكز للبدء في فحص الدوائر العصبية المسبِّبة لأمراض محدَّدة، وقد انضمَّ ١١ مركزًا آخر للفريق انضمامًا غير رسمي.

ورغم أن جلاكسو سميث كلاين قد تكون صاحبة الميزانية الأكبر، لكنها ليست الشركة الوحيدة على الإطلاق التي تراهن رهانًا كبيرًا على هذه التكنولوجيا؛ فإلى جانب شركة إلكتروكور، يضم هذا المجال شركة الأجهزة الطبية العملاقة ميدترونيك التي تعمل على التدخُّل الكهربي لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي الصعبة، وعن هذا يقول فام: «إننا نتعلَّم تحدُّث اللغة الكهربية التي يتحدثها الجسم؛ فشركة جلاكسو سميث كلاين تتوقَّع أن تُعالِج مجموعةً كبيرةً من الأمراض الشائعة باستخدام الأجهزة الكهربية المزروعة.»

وبرغم ذلك، قد يكون هذا مجرد غَيْضٍ من فَيْضٍ، فقد تقدِّم المستحضراتُ الكهربية آفاقًا جديدة لعلاج السرطان.

والسبب في قدرة الخلايا العصبية على نقل الإشارات الكهربية هو أن داخل الخلية سالب الشحنة مقارَنةً بالخارج، ويُعرَف هذا بجهد الراحة؛ فعندما تُطْلِق الخليةُ العصبيةُ نبضاتٍ كهربيةً تتدفق فجأةً الأيوناتُ الموجبة إلى الخلية من خلال القنوات الموجودة في غشائها، وتنفتح وتنغلق هذه القنوات الأيونية بسرعةٍ أكبر في الخلايا العصبية، لكن الخلايا الأخرى تتحدَّث هذه اللغة الكهربية أيضًا. ويعلِّق مايكل ليفين من جامعة تافتس في ميدفورد بولاية ماساتشوستس، فيقول: «لدى كلِّ الخلايا جهد راحة، وتستخدمه في إرسال إشارات للخلايا المجاورة.»

لكلِّ نوع من الخلايا جهد راحة خاص به، واكتشف ليفين أن هذه الفروق تلعب دورًا أساسيًّا في تحديد أي خلية جنينية ستُصبِح أيَّ جزء من أجزاء الجسم أثناء عملية التطوُّر. ففي أَجِنَّة الضفادع، على سبيل المثال، أدَّى ضبط جهد الخلايا التي ستصبح خلايا معوية على النطاق الطبيعي لخلايا العين إلى نمو عيون كاملة في معدة الجنين، ويعلِّق ليفين قائلًا: «كثير من هذه الأمور يمكن فعلها باستخدام الأدوية المستخدمة حاليًّا في علاج البشر.»

وطبَّق ليفين ذلك على نحوٍ أوسع، فمن خلال نَقْعِ رِجْل ضفدعٍ مبتورةٍ في مزيجٍ من العقاقير التي تحفز تدفُّق أيونات الصوديوم إلى الخلايا، نجح مختبره في تحفيز الضفادع البالغة على إنتاج أَرْجُلٍ جديدةٍ؛ وهو شيء غير ممكن طبيعيًّا.

وتأثُّرًا بهذه النتيجة المدهشة تساءَلَ إنْ كان بإمكانه عكس هذا المنطق لتثبيط الخلايا غير المرغوبة. وفي العام الماضي، استخدم بنجاح أدويةَ قنواتٍ أيونية لإيقاف نمو الأورام في شراغيف الضفادع المستعدة للإصابة بالسرطان.

عملُ ليفين لا يزال في مرحلة مبكرة، ولا يمكن للمستحضرات الكهربية علاج كل الأمراض، لكن ينبغي أن نتوقَّع رؤية قصص أخرى على غرار قصة أوستوفيتش الذي عاد إلى عمله بعد ثمانية أسابيع من زرع الجهاز، وعندما سمع تريسي عن قصة النجاح هذه، قال: «يجب أن أقابل هذا الرجل.»

تريسي لا يتحدَّث اللغة البوسنية وأوستوفيتش لا يتحدَّث الإنجليزية؛ ولذلك كان هناك حاجة إلى وجود مترجم، ورغم ذلك لم يكن الحوار ضروريًّا لمعرفة أن العلاج قد غيَّرَ حياة أوستوفيتش. ويقول تريسي معلِّقًا: «كان التعبير المرسوم على وجهه هو السعادة الغامرة والامتنان والارتياح، وهكذا فالسنوات التي أمضيناها في البحث المختبري الأساسي لم تذهب هباءً وكانت مُجْزية.» وقال أوستوفيتش لتريسي إن الجهاز نجح معه نجاحًا مُبهِرًا لدرجة أنه استطاع العودة لممارسة رياضة تنس الطاولة، وأنه شعر بحماس كبير بعد العودة لممارسة رياضة تنس الطاولة، لدرجة أنه قرَّرَ مزاولة رياضة التنس. في الواقع، ربما يكون هذا الأمر قد كشف عن عيب محتمَل في الجهاز؛ ففي فورة حماسه الخالي من الألم، أَنْهَكَ نفسه في ممارسة الرياضة وانتهى به الحال بإصابة ركبته بسبب رياضة التنس، واضطر الأطباء إلى تحذير الرجل، الذي كان منذ شهرين فقط غير قادر على حمل أطفاله، وطالبوه بأن يترفَّق بنفسه.

15 дек, 2015 01:44:46 PM
0