Перейти к основному содержанию

قتل أسماك القرش بين حقوق الحيوان وحماية الأرواح

قتلتْ أسماك القرش سبعة أشخاص قبالة سواحل ولاية أستراليا الغربية منذ عام ٢٠١٠. فهل يمكن أن تردعها عمليات القتْل؟ وماذا سيكلف هذا الأمر الحياة البحرية الطبيعية؟

احتشد آلاف المحتجين في وقت سابق من هذا العام أمام شاطئ كوتيسلو بمدينة بيرث بأستراليا، وكانتْ رسالتهم غير متوقَّعة إلى حدٍّ ما؛ فقد كان الحشْد يردد: «انقذوا القرش الأبيض من الهلاك!» إذ كانوا يطالبون بوضع حدٍّ لعمليات قتْل القروش.

جاءتْ عمليات قتْل القروش — أو «استراتيجية تقليل أعداد أسماك القرش المحلية» كما يفضل بعض السياسيين تسميتها — نتيجة وقوع سبع هجمات قاتلة من جانب القروش قبالة سواحل ولاية أستراليا الغربية منذ عام ٢٠١٠؛ مما أدَّى إلى تراجع السياحة والأنشطة الترفيهية في المنطقة. استُخدمتْ شراك مزودة بخطاطيف مُطعَّمة لاصطياد أسماك القرش بالقرب من الشواطئ المخصصة للسباحة في الصيف الماضي، بهدف قتْل القروش البيضاء الكبيرة أو قروش النمر أو قروش الثور التي يزيد طولها على ٣ أمتار. وكان يطلق سراح القروش الأخرى إذا كانتْ لا تزال على قيد الحياة. وبنهاية فصل الصيف الأول، تعرضتْ ٥١ سمكة من أسماك قرش النمر للهلاك.

تدَّعي حكومة الولاية أن عمليات قتل القروش ضرورية حفاظًا على الأرواح واقتصاد الولاية، وترغب في مواصلة هذه العمليات على مدى فصول الصيف الثلاثة القادمة. وفي الوقت نفسه، يدَّعي المحتجون أن عمليات القتل لا تمنع الهجمات ولكنها تضر بالفعل بأعداد أسماك القرش المتناقصة والنظم الإيكولوجية البحرية. إذن، مَن على صواب؟ هل هذا النوع من عمليات القتل ينقذ الأرواح؟ هل يمثل خطرًا على أسماك القرش وغيرها من الحيوانات البحرية المفترسة؟

في حين أنه من السهل أن يتولد لديك انطباع بأن عمليات قتل القروش شيء حديث العهد، فإنها مستمرة بالفعل منذ عدة عقود في ولايات أسترالية أخرى وفي جنوب أفريقيا. تضمنتِ الجهود الأولى لحماية السابحين في بعض الأحيان وضع حواجز لإبعاد أسماك القرش عن مناطق السباحة دون الإضرار بها. ولا تزال طريقة الفصل تلك مستخدمة حتى اليوم؛ إذ تُستخدم شباك ضيقة الفتحات لإبعاد أسماك القرش بالقرب من شواطئ هونج كونج وفي عدد قليل من الشواطئ المحصَّنة الأخرى في جميع أنحاء العالم.

ولكن في الشواطئ عاتية الأمواج، جعَل الضرر المتكرر بالحواجز الشبكية عمليات الصيانة مكلفة جدًّا؛ فأُهملتْ. وبدلًا من ذلك، تحولتِ السلطات المحلية لاستخدام الشباك الخيشومية واسعة الفتحات التي توضع على بُعد عدة مئات من الأمتار عن الشاطئ خلف الأمواج المتكسرة. يفترِض بعض الناس أن هذه الشباك موجودة لإبعاد أسماك القرش، ولكن الهدف منها في الواقع هو التخلص من أسماك القرش الكبيرة في المنطقة عن طريق صيدها وقتلها. إن هذه الشباك لا تطوِّق الشاطئ بالكامل، وأكثر من ثُلُث أسماك القرش التي وقعتْ في شراكها كانت في طريقها إلى مغادرة المنطقة.

استُخدِم هذا النوع من شباك صيد القروش لأول مرة في نيو ساوث ويلز في عام ١٩٣٧، ثم استخدم بعد ذلك في محافظة كوازولو ناتال في جنوب أفريقيا عام ١٩٥٢، ثم في ولاية كوينزلاند في عام ١٩٦٢. استَخدمتْ كوينزلاند الشراك المزودة بالخطاطيف في الوقت نفسه. تتضمن هذه الشراك خطَّافًا واحدًا أو أكثر يحمل طُعْمًا ويتدلى من أسطوانة عائمة مثبتة في قاع البحر.

تصطاد هذه الشباك منذ نصبها المئات من أسماك القرش بتلك المناطق في كل عام. فهل هذا النوع من قتل أسماك القرش فعال؟ قبل استخدام الشباك الخيشومية في مدينة ديربان بمحافظة كوازولو ناتال، وقعتْ سبع هجمات قاتلة بين عامي ١٩٤٣ و١٩٥١. وفي أماكن أخرى في المحافظة، قُتل ١٦ شخصًا في الفترة من عام ١٩٤٠ وحتى الستينيات، وحينها استُخدِمتْ هذه الشباك على نطاق أوسع. ومنذ ذلك الحين، لم تقع أية هجمات قاتلة في الشواطئ المحصنة، وإن كانتْ قد وقعت بعض الهجمات غير القاتلة. يقول جيريمي كليف، وهو رئيس الباحثين في هيئة كوازولو ناتال لأسماك القرش: «كان البرنامج فعالًا جدًّا.»

ويبدو أن تلك الإجراءات أحدثتْ فارقًا في ولاية كوينزلاند ونيو ساوث ويلز أيضًا؛ إذ انخفض عدد الهجمات القاتلة في الشواطئ المحصنة بالشباك والشراك المزودة بالخطاطيف المطعَّمة. وحدث هذا الانخفاض على الرغم من أن أنشطة كالسباحة وركوب الأمواج أصبحتْ أكثر شعبية إلى حدٍّ كبير في العقود الأخيرة.

يستشهد منتقدو عمليات قتل القروش بولاية هاواي؛ حيث قُتل نحو ٥٠٠٠ سمكة قرش بين عامَيْ ١٩٥٩ و١٩٧٦، وقُتلتْ مائة سمكة قرش أخرى عندما استأنفتِ الولاية عمليات صيد القروش الموجهة لفترة وجيزة في عامَيْ ١٩٩١ و١٩٩٢. على الرغم من الإشادة بتلك العمليات في البداية باعتبارها آتتْ ثمارها؛ فقد ذكر تقرير صدر عام ١٩٩٤ أن عمليات قتل القروش لم تُحدِث أي تأثير. يقول كارل ماير، باحث بمعهد هاواي لعلوم الأحياء البحرية مختص بتتبع أسماك القرش: «على الرغم مما بُذل من جهود؛ فقد كان الناس لا يزالون يتعرضون للهجمات.»

لماذا لم تنجح عمليات قتل القروش في هاواي؟ ثمة رأي يقول إن عمليات القتل كانت متفرقة للغاية، وهناك رأي آخر يقول إن ذلك يعود إلى نوع أسماك القرش؛ ففي محافظة كوازولو ناتال، يُعتقد أن معظم الهجمات كانت من قِبَل أسماك قرش الثور، وهي أسماك إقليمية. وبمجرد قتل أسماك قرش الثور المحلية، فمن المستبعد كثيرًا أن تحل محلها أسماك قرش أخرى. أما في هاواي، فإن أسماك قرش النمر وراء العديد من الهجمات وهي تنتقل من جزيرة إلى أخرى.

ربما كانتْ أسماك قرش الثور أيضًا مسئولة عن العديد من الهجمات في ولاية كوينزلاند ونيو ساوث ويلز، لكن في ولاية أستراليا الغربية نُسبتْ معظم الحوادث إلى القرش الأبيض الكبير، والذي يمكنه أن يهاجر لعشرات الآلاف من الكيلومترات كل عام. هل يعني هذا أن عمليات القتل لن تنجح هناك؟ يقول كليف: «ستكون أقل فعالية.» لكنه يعتقد أنها ستؤدي مع ذلك إلى انخفاض في عدد الهجمات.

مشكلات ضخمة

يرتاب البعض في أنها ستُحدِث أي أثر. أشار بيتر سبريفليس — وهو طبيب طوارئ في مدينة بيرث — إلى أن القرش الأبيض الكبير تجذبه إلى هذه المنطقة الحيتان الحدباء المهاجرة على طول الساحل؛ إذ تتغذى أسماك القرش على الحيتان النافقة أو التي تحتضر. وأوضح سبريفليس أن هجمات القرش يبدو أنها تزداد بالتوازي مع تزايد أعداد الحيتان.

هذا فضلًا عن الضرر البيئي؛ فالشباك الخيشومية لا تصطاد أسماك القرش فحسب، ولكن تصطاد أيضًا العديد من الكائنات البحرية الأخرى، بما في ذلك الدلافين والتونة والسلاحف وأسماك الشفنين وحتى الحيتان العابرة. ويُطلق سراح بعضها بينما لا تزال على قيد الحياة ولكن العديد منها يموت. أما الشراك المزودة بالخطاطيف، فتصطاد عددًا أقل من الحيوانات غير المستهدفة، ولكن لا يزال ضررها كبيرًا.

خلصتْ معظم الدراسات إلى أن عمليات قتل القروش الجارية ليس لها سوى تأثير طفيف. تراجعتْ أعداد بعض الأنواع التي تقع في شباك صيد أسماك القرش بصورة كبيرة، مثل حيوان الأطوم قبالة ساحل ولاية كوينزلاند، ولكن يُعتقد أن عوامل أخرى غير عمليات القتل هي المسئولة عن ذلك إلى حدٍّ بعيد، كنقص الأعشاب البحرية بسبب التلوث.

يرى كليف أنه من المستحيل تقييم أثر عمليات قتل القروش وحدها لأنها تحدث إلى جانب أشياء أخرى بدءًا من التلوث والاحتباس الحراري وحتى الصيد غير المشروع. ولكن ثمة اختلاف بين استمرار عمليات قتل الأسماك في منطقة بعينها وبين إدخال هذه الممارسة إلى منطقة أخرى؛ إذ إنه من المرجح أن قتل القروش له تأثير كبير أوَّلي، وأن أعدادها تستقر بعد ذلك عند مستوًى أقل.

أما من المنظور الأوسع نطاقًا، فعلى الرغم من أن أستراليا تقتل سنويًّا ما يقرب من ألف سمكة قرش، فإن هذا الرقم يبدو ضئيلًا بالمقارنة مع مئات الآلاف من أسماك القرش التي تُصاد — إما عمدًا أو عن طريق الصدفة — بواسطة مصائد الأسماك المتعددة في جميع أنحاء البلاد. وتشير التقديرات إلى أن مائة مليون سمكة قرش تصاد سنويًّا في جميع أنحاء العالم. يقول ماير: «إن برامج قتل أسماك القرش المُدشَّنة تقضي على عدد أقل بكثير عنه من مصائد الأسماك التي تصطاد أسماك القرش من أجل زعانفها.»

مع ذلك، يرى المحتجون أن برامج قتل أسماك القرش في ولاية أستراليا الغربية تستهدف في الأساس القرش الأبيض الكبير المهدد بالانقراض. وقد نال الآن بعضَ الحماية في عدد من البلدان، بما في ذلك أستراليا؛ وبالتالي فإن برامج القتل تتطلب إعفاءً خاصًّا، بَيْدَ أنه لم تُصطد أية سمكة قرش أبيض كبير في هذه المنطقة حتى الآن.

إذن، لا توجد حلول واضحة. فليس الأثر البيئي المترتب على قتل أسماك القرش واضحًا على الإطلاق، كما أنه ليس واضحًا إذا كان سينقذ الأرواح أم لا. في أجزاء أخرى من العالم، انتهتْ هجمات القرش المفاجئة دون اتخاذ أي إجراءات للسيطرة عليها؛ لذا من السابق لأوانه بالتأكيد الادِّعاء بأن عمليات قتل القروش في ولاية أستراليا الغربية كانت ناجحة، كما يفعل بعض الناس بالفعل.

المؤكد في الأمر أن شعبية حساء زعانف سمك القرش تمثل تهديدًا لأسماك القرش أكبر بكثير من برامج القتل، ويمثل الغرق تهديدًا للسابحين أكبر بكثير من أسماك القرش؛ ففي المتوسط، يموت ١٢٠ شخصًا في جميع أنحاء أستراليا غرقًا كل عام، مقارنة بشخص واحد أو اثنين تقتلهما أسماك القرش، ومع ذلك فهذا لا يجعلنا نشعر بطمأنينة أكثر، بطريقة أو بأخرى، حِيَالَ السباحة في المياه التي تغزوها أسماك القرش.

21 дек, 2015 11:52:46 AM
0