أخذت ملامح الاقتصاد الأخضر بالنشوء والنمو خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وقد اتخذت من عناوين البيئة الدولية والتحديات الاجتماعية منطلقات رئيسة لها، رافقها نشوء وتنامي الفرص والتحديات الجديدة أمام المنظمات بمختلف أحجامها والقطاعات التي تنتمي إليها. حدثت الثورة الصناعية وكانت نتائجها أن تحققت التنمية الاقتصادية والتقدم في كافة مجالات ومناحي الحياة، وتحقق معها كذلك أضرار تتمثل بتلوث للمناخ وتغييرات مناخية تهدد العالم اليوم بكوارث وأضرار بيئية في أوجه الحياة المختلفة، بدأت بعض آثارها بالظهور وبعضها لم يظهر لحد الآن. فكيف الخروج من هذا المأزق الخطير؟ أيمكن أن يكون هناك منظمات تحقق النمو الاقتصادي وتحافظ على البيئة لتسهم في b نشوء ما يطلق عليه بالاقتصاد الأخضر الذي يقوم على مقومات النظافة والاستدامة دونما حصول حالات تضر بالبشر والأرض والمناخ وعدم الاستثمار في الممنوعات والمحرمات وعدم إهدار الموارد في عمليات الإفساد؟ نعم، لقد ظهر الاقتصاد الأخضر أنموذجاً صالحاً ومناسباً لتحقيق ذلك، فنشأت العديد من المنظمات مثل أصدقاء الأرض و أصدقاء البيئة وغيرها والتي تسعى إلى إقامة مثل هذا الاقتصاد وديمومته. وطالما أن لكل اقتصاد إستراتيجيته، ففي الاقتصاد المادي كانت الإستراتيجية مستندة إلى الموارد، وفي الاقتصاد الرقمي كانت الإستراتيجية مستندة إلى التقانة، فلا بد للاقتصاد الأخضر من إستراتيجية، ألاّ وهي الإستراتيجية الخضراء، فما هي؟ ما خصائصها؟ وما متضمناتها؟ وما هي آلية تبنيها أو صياغتها ؟ فأصبح هناك اقتصاد أخضر تباع فيه سلع ومنتجات خضراء، وله حسابات قومية خضراء مثل: الدخل الأخضر، والميزانية الخضراء، وميزان المدفوعات الأخضر.