احتدام المنافسة بين مبيعات «السير» و«الروايات الخيالية»
أسبابٌ كثيرةٌ قد تدفع الشخص لكتابة سيرته الذاتية، فيما يفضل البعض أن يكتبها عنهم الآخرون، وفي كل الحالات تمثل السيرة فناً أدبياً متنوع التصنيفات يحقق إقبالاً متصاعداً بين اتجاهات القراءة والإنتاج العلمي حتى أصبحت مبيعات السير الذاتية تنافس مبيعات الرواية، وهو ما ذهب إليه الكاتب المتخصص في السير الذاتية هشام العبيلي خلال ورشة «الاوتوبيوغرافيا» التي قدمها ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2021.
واستعرض العبيلي خلال الورشة نبذةً تاريخيةً عن أهم كتب التراجم والسير، وأبرز نماذج كتابة السيرة الذاتية في العصر الحديث التي أخذت تعريفاتٍ متعددةٍ مثل: «الاعترافات والمذكرات واليوميات والذكريات وغيرها من الأنماط الكتابية المختلفة».
وأشار العبيلي إلى أن قراءة السير الذاتية تعود بفائدةٍ كبيرةٍ على الإنسان، فتجعله يرى نفسه ويحاسبها ويعيش اللحظة، ويستمتع بالقصص والعبر والمواقف، فضلاً عن أنها تمنح القارئ نظرةً شاملةً إلى مستقبله، بل إلى موقعه في عمر الكون.
وسلطَ مقدم الورشة الضوء على دافعين أساسيين لكتابة السيرة الذاتية، أولهما: تبرير الشخص للمواقف المُتخذة من طرفه أو أفعاله أو أقواله، وثانيهما: إبراز شهادته على حقبةٍ زمنيةٍ معينةٍ كان مؤثراً فيها أو شاهداً عليها، وهذا النمط يقوم به كل من يملك المعلومات ويريد توثيقها بشتى الطرق.
أما الدوافع الأخرى خلف كتابة السير الذاتية، -التي ذكرها العبيلي- فمنها رغبة الكاتب في التذكر، أو إيجاد معنى للحياة أو اتخاذ موقف منها، فضلاً عن محاولة تصوير الحياة المثالية، وقال: «هناك من يعتقد أن مجرد كتابة قصة حياته هو تعبيرٌ على نجاحه في إعطاء معنى لها».
من جانب آخر، أشار مقدم الورشة إلى أن بعض السير تكون عمداً فكرياً بحتاً أو سياسياً محضاً، موضحاً أن بعض كتّاب السيرة لا يفصلون بين الجوانب الشخصية والعملية، فيبتعدون عن قصة التجربة الذاتية باتجاه التنظير في التاريخ أو الاقتصاد أو ما شابه ذلك، كما تطرق إلى الفوارق الجوهرية بين نماذج كتابة السير على المستويين العربي والعالمي.
وتناولت الورشة كذلك ما يُقال عن مدى صدقية بعض السير الذاتية التي تصل إلى القارئ، حيث رجّح العبيلي أن الكتابة الحقيقية الخالصة أمرٌ شبه مستحيل خصوصا أن الكاتب قد لا يتذكر كل شيء بالتفاصيل الفعلية، ناهيك عن أن البعض قد يعمدون إلى اختلاق بعض الأشياء والأحداث لمجرد الرغبة في تسويق الكتاب وجذب القراء.
وانتقد العبيلي خلط السيرة الذاتية بالأجناس الكتابية أو الأدبية الأخرى، مشيراً إلى أن هناك من استخدموا الرواية لتمرير سيرتهم الذاتية، مؤكداً أن ذلك يعد ضعفاً في العمل الروائي الذي يستوجب الابتكار والتخيل الإبداعي وليس الاعتماد الكلي على الأحداث الحقيقية.
وفي ختام الورشة، تم استعراضُ عددٍ من الأعمال السعودية المميزة في مجال السيرة الذاتية، ومنها ما كتبه حسين سرحان، وأحمد السباعي، وعزيز ضياء، وحمد الجاسر، كما طلب المقدم من الحضور اقتراح شخصيةٍ أدبيةٍ سعوديةٍ يرغبون منها كتابة سيرتها، وقد رشح المشاركون الناقد الدكتور سعد البازعي.
المصدر: عكاظ