Ana içeriğe atla

مسكن الألم المفضل في العالم، ليس كما تظن

إنه الملاذ الأول من كل شيء، بدءًا من ارتفاع درجة حرارة الأطفال حتى التهاب المفاصل؛ ولكن الباراسيتامول (أسيتامينوفين) ليس آمِنًا أو فعَّالًا كما كنَّا نظن.

 

إذا أُصِبتَ بصداع رهيب أو ألم مزعج في الركبة أو وجع مؤلم في الظهر، فما الذي تبحث عنه؟ الاحتمالات هي أنك ستفتح خزانة الأدوية لديك وتجلب بعض أقراص الباراسيتامول. بعد نصف ساعة أو نحو ذلك سوف تشعر بتحسن، أليس كذلك؟

أي مسكِّنات الألم نختار؟

أي مسكِّنات الألم نختار؟

الباراسيتامول — المعروف أيضًا باسم الأسيتامينوفين — هو العلاج الشامل لجميع الأمراض في عصرنا، فيُستخدَم لعلاج كلِّ شيءٍ من التواء الكاحل إلى آلام الأسنان، بل حتى آلام المخاض، ويقبع على الدرجة الأولى من «سلم مسكِّنات الألم» لدى منظمة الصحة العالمية، وهو التدرُّج الذي يستخدمه الأطباء في علاج آلام السرطان. نقدِّمه لأطفالنا في صورة شراب لعلاج الحُمَّى؛ وكبالغين نبتلعه كحبوب لتخفيف آلام الصداع أو تقلُّصات الدورة الشهرية، ومع تقدُّمنا في العمر يُوصَف لنا لتسكين آلام التهاب المفاصل أو آلام الظهر. وتباع في الولايات المتحدة ٢٧ مليار جرعة من هذا الدواء كل عام، ويوجد في أكثر من ٦٠٠ منتَجٍ.

ونظرًا لانتشاره الكبير، ربما تفترض أن الباراسيتامول آمِن وفعَّال، على الأقل عند تناول الجرعة المُوصَى بها؛ وهذا هو السبب في أننا نعتمد عليه أكثر من الأسبرين أو الإيبوبروفين اللذين يمكن أن يهيجا بطانة المعدة ويتسبَّبَا في حدوث نزيف. ولكن كما اتضح، هذا الدواء المهيمن على خزانة الأدوية ليس لطيفًا تمامًا على نحوٍ موثوقٍ به كما قد تعتقد.

اكتُشِف الباراسيتامول في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنه رُفِضَ على الفور تقريبًا بسبب أثر جانبي غريب؛ يبدو أنه يُحيل لون بشرة بعض الناس إلى اللون الأزرق (انظر التسلسل الزمني المرفق). ربما كان ذلك بسبب تلوُّثه بدواء مختلف، ولكن نتيجة لذلك استُبعِد الباراسيتامول حتى أربعينيات القرن العشرين، عندما أظهر المزيد من الأبحاث أنه فعَّال في تخفيف الحُمَّى، وخلصت الدراسات اللاحقة إلى أنه مسكِّن للآلام فعَّال للغاية أيضًا. ولكن انطلاقته الحقيقية كانت في ستينيات القرن العشرين نتيجة للمخاوف الناشئة عن الآثار الجانبية الطويلة المدى للأسبرين والأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية الأخرى. وفي الوقت الراهن يوجد حوالي ١٦٥٠٠ حالة وفاة في الولايات المتحدة سنويًّا جرَّاء الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية بين الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل وحده.

ظهور الباراسيتامول.

ظهور الباراسيتامول.

من ناحية أخرى، نرى الباراسيتامول آمِنًا نسبيًّا. بالتأكيد، إذا تناولت الكثيرَ من أقراص الباراسيتامول، فإن ذلك يمكن أن يلحق ضررًا بالغًا بالكبد، ولكن عند تناوله بالجرعة المُوصَى بها، فهو آمِن، أليس كذلك؟

يواجه هذا الافتراض الآن تحديًا من الأبحاث التي تشير إلى أنه عندما يُؤخَذ لفترات طويلة، فإنه ربما يضر المعدة مثل الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية. ربما يكون ذلك مخاطرة مقبولة في مقابل تخفيف الألم، ولكن لدى كثيرٍ من الأشخاص الذين يتناولونه، كان الباراسيتامول بالكاد أفضل من العلاج الوهمي.

دواء غامض

كيف يمكن أن يحدث هذا؟ الحقيقة هي أنه على الرغم من انتشاره الكبير، فإننا ما زلنا لا نفهم حقًّا كيفية عمل الباراسيتامول. ثمة نظرية رئيسية تشير إلى أنه جزئيًّا يعمل مثل الأسبرين والإيبوبروفين، من خلال تثبيط عمل الإنزيمات المعروفة باسم «إنزيمات الأكسدة الحلقية»، وهذه الإنزيمات مسئولة عن صنع مركبات تشبه الهرمونات يُطلَق عليها البروستاجلاندين، والتي تستحثُّ الألم والتورُّم في الجسم، فضلًا عن تحفيز إنتاج المواد المخاطية التي تحمي مَعِدَاتنا من الأحماض الهاضمة. تُوقِف مضاداتُ الالتهاب غير الستيرويدية عمليةَ التورم، ولكنها تتسبَّب في تعريض المعدة للمخاطر. وكان يوجد شك في أن الباراسيتامول يثبط عمل إنزيمات الأكسدة الحلقية، ولكن إلى حدٍّ أقل بكثير؛ كما أنه لا يقلِّل الالتهاب كما تفعل هذه الأدوية الأخرى.

وعلى الرغم من أن الدراسات التي أُجرِيت في العقد الماضي أشارت إلى أن استخدام الباراسيتامول على المدى الطويل ربما يؤدِّي إلى نزيفٍ داخليٍّ، إلا أن هذه النتائج رفَضَها النقاد على نطاق واسع، وأشاروا إلى أوجه قصور في تصاميم الدراسات. ومع ذلك، نشر مايكل دوهيرتي — من مستشفى مدينة نوتنجهام بالمملكة المتحدة في عام ٢٠١١ — دراسةً كان من الصعب تجاهُلها، وقد تابَعَ فيها تطوُّرَ حالة ٨٩٢ من الرجال والنساء المصابين بآلام مزعجة في الركبة، تلك الآلام التي غالبًا ما تبدأ في منتصف العمر، وعادة ما تكون عرضًا مبكرًا للفصال العظمي. أُعطِيَ بعضهم عقار باراسيتامول وآخَرون الإيبوبروفين، بينما تناولت مجموعتين ثالثة ورابعة إما جرعة قليلة أو كبيرة من مزيج من الاثنين.

يُعَدُّ الباراسيتامول هو أول عقار يصفه معظم الأطباء للمرضى الذين يعانون من تلك الأعراض، ولكن عندما درس دوهيرتي نتائج تحاليل الدم للأشخاص الذين يتناولونه أُصِيب بصدمة؛ إذ كانت مستويات الهيموجلوبين — وهو البروتين الذي يحمل الأكسجين في الدم — تنخفض على نحوٍ سريعٍ. وعلاوة على ذلك كانت خلايا الدم الحمراء لديهم تنمو أصغر حجمًا وأكثر شحوبًا. كان التفسير الأكثر منطقيةً هو أنهم كانوا يفقدون الدم داخليًّا، وبكميات كبيرة. وبعد ثلاثة أشهر، بَدَا أن خُمْس عددهم فقَدَ ما يُعادل وحدة كاملة من الدم (حوالي ٤٠٠ ملِّيلتر). كان ذلك يساوي الكمية نفسها التي فقدها مَن يتناولون الإيبوبروفين؛ إلا أن مجموعة الإيبوبروفين أفادت بشعورٍ بالألم أقل (دورية أنالز أوف روماتيك ديزيزيس، مجلد ٧٠، صفحة ١٥٣٤).

أما لدى الأشخاص الذين تناولوا جرعات عالية من كلا العقارين الباراسيتامول والإيبوبروفين، فكان فقدان الهيموجلوبين بعد ثلاثة أشهر أكثر إثارةً للدهشة؛ حيث فقد ٧ بالمائة من الأشخاص في تلك المجموعة كمية هيموجلوبين مساوية لما يوجد في وحدتين من الدم. والنتيجة أنه عند تناول الباراسيتامول لفترات طويلة، ربما يكون مضرًّا لبطانة المعدة تمامًا مثل الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية.

يقول كاي برون، وهو أستاذ علم الصيدلة والسموم في جامعة إيرلانجن نورمبرج في ألمانيا: «الجانب المرعب في هذا الأمر هو أن الناس ينظرون إليَّ ويقولون: «إنه متاح للبيع دون وصفة طبية، لا بد أنه آمِن».» وأطلق برون حملةً لمنع بيع الباراسيتامول دون وصفة طبية في ألمانيا، ولكنه لم ينجح حتى الآن، ويضيف قائلًا: «كان الأطباء في الماضي يقولون ببساطة: «حسنًا، إذا كان غير فعَّال، فربما لا يسبِّب أي ضررٍ.» ولكننا نعلم الآن أنه يمكن أن يسبِّب ضررًا.»

النزيف الداخلي ليس المشكلة الوحيدة التي تُبقِي المسئولين عن الأدوية متيقظين دائمًا؛ ففي يناير طلبت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية من الشركات المصنِّعة وقفَ إنتاج الأدوية التي تباع بوصفة طبية، والتي تحتوي على أكثر من ٣٢٥ ملِّيجرامًا من الباراسيتامول للقرص الواحد؛ بسبب خطر تناوُل جرعة زائدة بطريق الخطأ. فتسمُّم الباراسيتامول مسئول عمَّا يقرب من ٨٠ ألف حالة تَدْخُل غرفة الطوارئ في الولايات المتحدة كل عام، وثُلُث هؤلاء الأشخاص هم أشخاص تناولوا جرعة زائدة بطريق الخطأ.

على الرغم من أن علب الأقراص تشير بوضوح إلى أن أقصى جرعةٍ مُوصًى بها لا تزيد على ٣ أو ٤ جرامات موزَّعة على ٢٤ ساعة (أو ستة إلى ثمانية أقراص بحجم ٥٠٠ مليجرام)، إلا أن بعض الأشخاص يتناولون أكثر من ذلك بسبب سمعة الباراسيتامول بأنه آمِن. ويقول دانيال بودنيتز — من مركز مكافحة الأمراض الأميركي في أتلانتا بولاية جورجيا، الذي درس حالات الجرعة الزائدة: «إنهم يعرفون أنه ليس من المفترض أن يتناولوا ستة أو ثمانية أقراص في المرة الواحدة، ولكنهم ربما يعانون من ألم الأسنان ولا يريدون الذهاب إلى طبيب الأسنان.»

إذا كنت تتناول أكثر من ٤ جرامات على نحو منتظم، يمكن أن تدخل بسرعة في نطاق الخطر؛ فخلال عملية تحلُّل الباراسيتامول تنتج مادة سامة لا بد أن يتخلَّص منها إنزيم معين في الكبد، وإذا تناولت الكثير بسرعة كبيرة، فإن إنتاج هذا الإنزيم يتضاءل بسرعة.

وكمية من ٥ إلى ٧٫٥ جرامات يوميًّا — على الرغم من قلتها — يمكن أن تسبِّب مضاعفات خطيرة في الكبد لدى الأشخاص الأصِحَّاء. أما بالنسبة للأشخاص الذين تكون وظائف الكبد لديهم متدهورة بسبب إدمان الكحول أو أمراض الكبد، فيمكن أن تكون الجرعة الضارة أقل من ذلك. وعلى الرغم من أن الجرعة القصوى الموصى بها لا تزيد على ٤ جرامات يوميًّا، فإن ما يقرب من ٦ بالمائة من البالغين في الولايات المتحدة — حوالي ١٤ مليون شخص — يصف الطبيبُ لهم على نحو منتظم أكثر من هذه الجرعة، وتكون في أغلب الأحيان ضمن وصفات طبية تجمع بين هذا الدواء والمواد الأفيونية لعلاج الألم الشديد.

هل لهذه المخاطر أهمية؟ بسبب الأعداد الهائلة من الأشخاص الذين يتناولون الباراسيتامول، وبسبب السهولة النسبية لشرائه واستهلاكه؛ فإنه حتى المخاطر الصغيرة تصبح كبيرة. وعلى الرغم من ذلك، فالهيئات الطبية تُقدِّر الباراسيتامول؛ ليس فقط لعلاجه آلام الحياة الخفيفة، ولكن لأنه يُعالج أيضًا الحالات المُنْهكة والمستمرة. ويُوصي المعهد الوطني للتميُّز الصحي والطبي في المملكة المتحدة — وهو الهيئة التي تضع معايير ممارسة الطب — بالباراسيتامول كخيار أوَّليٍّ لعلاج الآلام المزمنة المرتبطة بحالات مثل الفصال العظمي وآلام أسفل الظهر، كما توصي الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم باستخدامه أيضًا في علاج التهاب المفاصل.

يُقدَّر عدد الأشخاص الذين يتناولون الباراسيتامول في الولايات المتحدة ﺑ ٤٣ مليون شخص كل أسبوع؛ حوالي ثُلُثَيْ هؤلاء الأشخاص يتناولونه على نحوٍ منتظمٍ لفترة أطول من ستة أشهر.

إذا كان الباراسيتامول فعَّالًا ضدَّ الألم المزمن، فربما ترى أن تحمُّلَ مشاكله يستحقُّ ذلك، ولكن وُجِد أن العقار يفتقر إلى الفعالية بشكل كبير؛ فقد أُجرِيَتْ مراجعة للأبحاث التي درست الأشخاص الذين يتناولون الباراسيتامول لتخفيف آلام المفاصل المزمنة، ووُجِدَ أن سبع دراسات قارنَتْه مع الدواء الوهمي، وخَمْسًا من هذه الدراسات وجدت أن فعاليته هامشية مقارَنةً بالدواء الوهمي، بينما وجدت دراستان أنه لا فرق بينه وبين الدواء الوهمي.

يتساءل أندرو مور، أخصائي التخدير ومدير أبحاث الألم في جامعة أكسفورد: «لماذا نتحمَّل عناءَ إعطاء دواء سامٍّ للناس ويكون سببًا لمشكلات مُحتمَلة كبيرة ما دام ليس علاجًا ناجعًا؟ هذا أمر غير أخلاقي.»

بطبيعة الحال، يمكن للأدوية الوهمية نفسها أن تُشعِر الناس بتحسُّنٍ؛ وقد أُجرِيت مراجعة أخرى لتجارب خاضعة للعلاجات الوهمية لآلام المفاصل ووجدت أن الكثير من الأشخاص يشعرون براحة متوسطة جرَّاء العلاجات الزائفة، لا سيما عندما تُعطَى لهم في صورة حقن. وعادةً لا يصف الأطباء أدوية وهمية وذلك لأسباب أخلاقية؛ وبالتالي فإنَّ أسلَمَ قرصِ علاجٍ فعَّال غالبًا ما يكون أفضل شيء بعد ذلك.

يتساءل جون ديكسون — اختصاصي الروماتيزم في أمانة الرعاية الصحية الأولية في مدينة رِدكار وكليفلاند بالمملكة المتحدة، والطبيب الإكلينيكي الاستشاري للإرشادات التوجيهية للمعهد الوطني للتميُّز الصحي والطبي لعام ٢٠٠٨: «هل الباراسيتامول دواء وهمي آمِن؟ توضِّح أعمال دوهيرتي أنه ليس كذلك.»

في مارس، غيَّرت الجمعية الدولية لأبحاث الفصال العظمي من إرشاداتها حول الباراسيتامول إلى كونه «غير جدير بالثقة» لتعكس المخاوف المتنامية المتعلِّقة بأمان الاستخدام. بَدَا أن هذه المخاوف — لفترة من الوقت على الأقل — ستثير الاهتمام على نحوٍ مماثلٍ في المملكة المتحدة. عندما أصدر المعهد الوطني للتميز الصحي والطبي مسودةَ إرشاداته الجديدة للفصال العظمي في أغسطس من العام الماضي، ألغى التوصية باستخدام الباراسيتامول كخيار أول للعلاج، وأوضح مَخاطِره المُحتمَلَة، فنصَّ التقريرُ على ما يلي: «بعد وضع كل شيء في الاعتبار، وُجد أن مخاطر الباراسيتامول تفُوق فوائده في سياق السيطرة على الأعراض.»

ولكن عندما نُشِرت النسخة النهائية في فبراير الماضي، أُعِيدت التوصية القديمة. كان أحدَ أسباب ذلك الاعتراضاتُ التي أثارها الأطباء عن قلة الخيارات البديلة، على الرغم من أن المعهد الوطني للتميز الصحي والطبي أشار إلى أنه أيضًا سينتظر نتائجَ مراجعةٍ أكثرَ شمولًا للمسكِّنات التي تباع دون وصفة طبية من قِبَل وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية بالمملكة المتحدة. أُصِيب ديكسون — مثل الآخرين — بخيبة أمل، وأضاف قائلًا: «إذا لم يكن الباراسيتامول آمِنًا، فلا ينبغي أن نصفه للمريض.»

بطبيعة الحال، معظمنا لا يتناول الباراسيتامول كل يوم، إنما هو دواء نتناوله عندما نصاب بصداع أو التواءٍ في الكاحل، وبالنسبة لألمٍ حادٍّ من هذا النوع، يؤدِّي الباراسيتامول مفعولًا جيدًا على نحو معقول، وإن لم يكن رائعًا كما توحي شعبيته. يقيس الصيادلة فعالية المسكِّنات من خلال النظر إلى ما إذا كان يمكن أن تقلِّل إحساسك المذكور بالألم بنسبة ٥٠ بالمائة على الأقل، وعن طريق حساب عدد الأشخاص الذين سيحتاجون إلى تناوله من أجل أن يشعر شخص واحد بهذا المستوى من تخفيف الألم مقارَنةً بالدواء الوهمي. ويُعرَف هذا بالعدد المطلوب للعلاج.

تخفيف فعَّال للألم

على سبيل المثال، في حالة الألم المتوسط لالتواء الكاحل، فإن ٣٫٨ أشخاص بحاجة إلى تناول جرعة معيارية من الباراسيتامول تبلغ ١ جرامًا واحدًا (قرصين) لكي يحصل واحد منهم على التخفيف الفعَّال للألم. وبالنسبة للجرعة المعيارية من الإيبوبروفين البالغة ٤٠٠ مليجرام، فإن العدد المطلوب للعلاج هو ٢٫٥ (انظر الجدول).

ما مدى فعالية مسكِّن الألم الذي                                تتعاطاه؟ عندما يتعلَّق الأمر بتخفيف الألم الحاد، مثل                            الصداع أو الالتواء أو ألمِ ما بعدَ الجراحة، فليست جميع الأدوية                            سواء.

ما مدى فعالية مسكِّن الألم الذي تتعاطاه؟ عندما يتعلَّق الأمر بتخفيف الألم الحاد، مثل الصداع أو الالتواء أو ألمِ ما بعدَ الجراحة، فليست جميع الأدوية سواء.

ليس من المحتمل أن يتناول معظم الأشخاص الذين يعانون من ألم حادٍّ هذه الأدوية لأكثرَ من بضعة أيام؛ لذلك فإن خطر النزيف الداخلي لا يشكِّل مصدرَ قلقٍ على عكس الحال لدى الأشخاص الذين يتناولونه لفترات طويلة. ولكن، نظرًا لأن الباراسيتامول ليس فعَّالًا مثل بعض البدائل في حالات الألم القصير المدى، يمكن أن يكون أكثرَ منطقيةً تناوُلُ أحدِ هذه البدائل، أو تناوُلُ مزيجٍ من الأدوية التي تعمل من خلال مسارات مختلفة، مثل الباراسيتامول مع إيبوبروفين.

هل ينبغي أن نتوقَّف عن تناوُل الباراسيتامول تمامًا؟ يعتقد معظم الخبراء أنه لا يزال يُعَدُّ أداةً مفيدة في ترسانة مقاومة الحُمَّى والصداع وألم العضلات؛ لأنه لدى الأشخاص الذين ينجح معهم ينجح على نحوٍ جيد إلى حدٍّ ما. فالأمر — كما هو الحال في العديد من المسكِّنات — ليس نمطيًّا فيما يخصُّ نجاحه معك؛ ربما لأن جسم كل شخص يختلف قليلًا عن الآخَرين.

ومع ذلك، عندما يتعلَّق الأمر بالألم المزمن، ربما يكون الوقت قد حان لإعادة التفكير. يقترح مور قياسَ الألم ومتابعة إذا ما كان الدواء يُحدِث فرقًا، فإذا لم يُحدِث فرقًا انتقل بسرعة لدواء آخَر، ويضيف قائلًا: «بصراحة، في حالة الباراسيتامول، إذا لم ينجح في غضون أسبوع؛ فإنه لن ينجح معك على الإطلاق.»

في الواقع، تشير المتحدِّثة باسم «ماكنيل كونسيومر هيلث كير» — التي تصنع تايلينول في الولايات المتحدة — إلى أن ملصق علبة الدواء ينصُّ بوضوحٍ على أن المستهلكين يجب أن يتوقَّفوا عن استخدامه ويستشيروا الطبيب إذا كان ألمهم يزداد سوءًا أو استمرَّ لأكثر من عشرة أيام.

سيكون الموقف المثالي بطبيعة الحال هو تطوير بديل للباراسيتامول يعمل على نحو أفضل وتكون أضراره أقل. اكتشف ستيوارت بيفان وديفيد أندرسون — من كينجز كوليدج لندن — مؤخرًا أنه عند تناول الباراسيتامول، فإن أحد منتجات تحلُّله ينشِّط بروتينًا على سطح الأعصاب الموجودة في الحبل الشوكي، ويقلِّل من قدرتها على إرسال إشارات الألم. وإذا تأكَّدَتْ هذه النتائج، فإن استهداف هذا البروتين يمكن أن يكون نقطةَ انطلاقٍ واعدةً.

تُجرِي شركات الأدوية أيضًا أبحاثًا وتطوِّر مسكِّنات جديدة، ولكن نظرًا للعقبات التنظيمية الضخمة التي تواجه الأدوية التي تباع دون وصفة طبية، فإن عددًا قليلًا من الشركات يركِّز على هذه السوق. يقول روجر ناجز — من جامعة نوتنجهام بالمملكة المتحدة: «من المرجح أن تصبح الأدوية التي تُصرَف بوصفة طبية، والمتوفرة حاليًّا، متاحةً للبيع دون وصفة طبية؛ إذ إن ثمة قدرًا لا بأس به من بيانات السلامة متوافرًا عنها بالفعل.»

ومع ذلك، من الممكن أن يكون البديل الواعد موجودًا بالفعل؛ فمثلما ظلَّ الباراسيتامول مُودَعًا في غرفة خلفية يغطيه التراب على مدى نصف قرن، ربما تعرَّضت مسكِّنات أخرى للتجاهُل أو الرفض لأسباب خاطئة. عقبات السلامة اليوم أعلى بكثيرٍ مما كانت عليه عند الموافَقة على عقاقير مثل الباراسيتامول لأول مرة. ويشير مور إلى أنه لو أن الباراسيتامول ظهر في وقتنا الحالي، فإنه — على الأرجح — لم يكن ليحصُل على الموافَقة.

من الممكن أيضًا أن يكون سبب فشل بعض الأدوية في الحصول على الموافقة عائدًا إلى سوء تصميم الدراسة، وليس لعيوب خطيرة في الأدوية نفسها. روبرت دوركين — من جامعة روتشستر بنيويورك — هو مدير لمبادرة مشتركة مع إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية مهمتها أن تعيد النظر في المسكِّنات التي لم تنجح في تحقيق القبول في التجارب السريرية الأولية. وتركِّز المبادرة حاليًّا على الأدوية التي تباع بوصفة طبية، ولكن دوركين يقول إن نهجًا مُماثِلًا يمكن أن ينجح مع العلاجات التي تباع دون وصفة طبية أيضًا.

في غضون ذلك، ماذا يجب أن تفعل مع الباراسيتامول الموجود في خزانة أدويتك؟ بالنسبة للآلام والأوجاع القصيرة المدى، فإن النصيحة لم تتغيَّر كثيرًا؛ فيقول بيفان: «إذا اتَّبَعْتَ التعليمات، ولم تتناوله بجرعات كبيرة جدًّا، فإن الباراسيتامول آمِن للغاية.»

ولكن بالنسبة للألم المستمر، ربما حان الوقت للبدء في البحث عن بدائل. بالنسبة إلى الأدوية بشكل عام، ثمة خطر من أن الآثار الجانبية تفوق الفوائد. وبالنسبة للباراسيتامول، نحتاج لأنْ نحدِّد المخاطرَ التي لا تزال تستحقُّ الخوض فيها.

10 Ara, 2015 03:52:54 PM
1