قُوبِلت فلسفة فريدريك نيتشه بتجاهُلٍ شِبه تامٍّ خلال فترة حياته التي كان فيها سليم العقل، والتي انتهت نهاية مفاجئة ومبكرة بالجنون عام ١٨٨٩. ومنذ ذلك الحين، اعتبر نيتشه أيقونة في نظر طائفة عريضة من الأشخاص ذوي الآراء المتنوعة والمتعارضة على نحو مذهل، والذين تتراوح تفسيراتهم لفِكره ما بين النظرة اللاعقلانية الشديدة والنظرة التحليلية الصارمة. نظرًا لما تميَّز به نيتشه من طابع خاصٍّ متفرد وقوة في الأسلوب ودقة في الصياغة، دائمًا ما كانت أفكاره صادمة وتحض على التفكير، ومن السهل على نحو مُغْرٍ تناول مقتطفاتٍ من أعماله. ويعمد مايكل تانر في هذه المقدمة اليسيرة لحياة هذا الفيلسوف وأعماله إلى دراسة مواضع الغموض العديدة المتأصِّلة في كتاباته. كما أنه ينسف الأفكار الخاطئة الكثيرة التي نمت وترسخت في السنوات المائة منذ أن كتب نيتشه — في عبارة تنبُّئية — يقول: «لكن الأهم ألا تخلطوا بيني وبين شخص آخر!»