أسس المالية العامة
المالية العامة ماثلة في أصل الحوادث الكبرى التي غيرت حياة البشر؛ فالواقع أن عدداً كبيراً من الثورات والاضطرابات التي عرفتها البشرية كان سببها مالياً أو على الأقل كانت المالية العامة ذريعة لها.
ونجدها أيضاً أصلاً للحركات الاجتماعية التي قلبت أوروبا رأساً على عقب في القرن الرابع عشر، ومصدراً للاضطرابات الكثيرة في القرن السابع عشر، حيث كان للضريبة - وهي العمود الفقري في المالية العامة - أشكال متعددة منها: السخرة، ومصادرة السلع، والخدمات، والخدمة العسكرية، حيث ألزمت السلطة الأفراد بدفع جزء من أموالهم كالمنزل والحصان والعربة، أو بالعمل دون مقابل من أجل الحاكم في ظرف من الظروف.
وبرزت مكانة وأهمية المالية العامة، وظهرت السياسات المالية كوسيلة أساسية تستخدمها الدولة، لتحقيق معدلات سريعة ومنتظمة للنمو الاقتصادي، ونما الارتباط الوثيق بين السياسة المالية والسياسة الاقتصادية من أجل تحقيق أكبر قدر من الرفاهية لأفراد المجتمع.
وهذا ما حاولنا إبرازه في كتابنا هذا، حيث نتناول فيه الجوانب المالية بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية، وأظهرنا العلاقة الوطيدة بين علم المالية والعلوم الأخرى أيضاً، وذلك بأسلوب مبسط وموثق ومنهجي ليكون مرجعاً علمياً يجد الدارس به ضالته المنشودة بموضوعية ويسر وفقاً لأحدث النظريات التي طرأت على المالية العامة وانصب جهدنا في جزء منه على الأمثلة الواقعية المستمدة من واقع الأردن، آخذين بالاعتبار القوانين والأنظمة المتعلقة بهذا الشأن.