تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
محمد زلوم أرق الجماهير في رواية

صدرت في عمان أخيرا، الرواية الأولى للروائي محمد حمودة زلوم بعنوان (الريح العقيم) تقع في 200 صفحة، وتستعرض فنيا وجماليا الأوضاع المعيشية، وتخوض في ارق الجماهير، ولأن شخصياتها بدأت سلبية محبطة، فقد بحث لها الروائي عن سبل التغيير وتحسين الظروف كي ترتقي وتصعد على أمل نهوضها اقتصاديا، ورغم نموّها وتطورها إلا أنها سرعان ما كانت تتعرض للاحتيال وتعود إلى الطبقة الكادحة التي انطلقت منها، ورغم أن روايات الشباب كثيرا ما تتضمن تجديدا يشار اليه بالبنان، فإن محمد زلوم لجأ إلى تقنية قصة داخل قصة، لا سيما وأن فن الرواية يحتمل التداخل بينه وبين الأجناس الأدبية الأخرى، كما لجأ إلى تقنية الحوار، ورغم كونه من لوازم الحوار المسرحي إلا أن زلوم لجأ إليه لتوضيح الحمولة الفكرية التي تمثل رسالته الأدبية، ولجأ أيضا إلى تقنية الفلاش باك بغية استرجاع الماضي زمنيا للمقارنة بين ما كان الوضع عليه سابقا وما آل إليه لاحقا، ويرى زلوم أن الأبناء والأحفاد هم الأقدر على انقاذ الآباء والأجداد مما آلت إليه ظروفهم.

 

روح هذه الرواية، هي روح مبدعها الروائي محمد حمودة زلوم، في الوقت الذي كان فيه جوهرها قائما على الوحدة والتوازن بين قيمتها الفنية والموضوع الجاد الملتزم، والتناغم الذي ألـّفه التشكيل البنائي للرواية القائم على الموقف الحداثي للفن، والمنظور الحضاري للصراع بين الخير والشر.

 

وتتميز هذه الرواية، بذلك التقطيع والتداخل الذي أوجده محمد زلوم بين أحداثها، عبر انتقاله من المشاهد الواقعية إلى مشاهد أخرى مـُتخيّلة، كل ذلك في أثناء بحثه عن الخصب وتجدد الحياة واستمراريتها.

 

وهو تقطيع لا يخلو من التجديد الجمالي، عدا عن إحداثه التعايش بين المشاهد المتضادة، فبدا السرد عبر هذه المفارقة أكثر تشويقا في التصوير والإيحاء والحركة.

 

ويتجلى إبداع محمد زلوم هنا، في ابتكاره الصورة الصوتية السيكولوجية، والتي تمثلت في الأثر الذي تركته الحواس وهي تعبر بصدق وجمال عن وقع الوجود على وجدانها، أثناء استرجاعها ورصدها لردة فعل الشخصيات تجاه شبكة الحمولات الدلالية والفكرية.

 

لم يلاحق الروائي المحطات الإنسانية فحسب، بل واكب أيضا التطورات التي حققتها الرواية العربية عبر تموّجاتها، فهدم الكثير من العلاقات بين الأحداث، وكسر التماسك الذي جمع بينها، واشتغل بمنطقة التفكيك والتشتيت، موجدا لكل حدث، ولكل شخصية، وجها قابلا للتعدد في المرايا وفي الرواة.

 

يقولون:» فرخ البط عوّام»، وأنا اقول، إن الأديب حمودة زلوم، الذي اثرى المكتبة العربية بمؤلفاته القيّمة، يمدّ المكتبة اليوم بإبداع متجدد على يدي ابنه الغالي»محمد».

 

«محمد زلوم» الذي ينم بريق عينيه عن ذكاء متقد، وإبداع كلنا أمل في أنه سيحرك الساكن في مسيرة الرواية العربية.

 

 

 

المصدر: الدستور

12 أغسطس, 2021 11:25:54 صباحا
0