تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
فصول ثقافية في رابطة الكتاب

قصائد تنتصر للمقاومة والشهداء وتدخل جنان الشعر من بوابة اللغة



نضال برقان
ضمن برنامج «فصول ثقافية»، أقامت رابطة الكتاب أمسية شعرية، يوم أمس الأول، بمشاركة: الشاعر صلاح أبو لاوي، الشاعر سعيد يعقوب، الشاعر الدكتور محمد محاسنة، والشاعر الدكتور عبد الله أبو شميس، وقد حضر الأمسية جمهور غفير من المثقفين يتقدمهم رئيس الرابطة الشاعر أكرم الزعبي.
القراءة الأولى، في الأمسية التي أدارها الشاعر والإعلامي نضال برقان، كانت للشاعر صلاح أبو لاوي، الذي انحاز لشعر المقاومة والأرض والشهداء والأسرى في سجون الاحتلال، ومما قرأ قصيدة بعنوان «تنفّسْ»، مهداة إلى الأسير الفلسطيني أمجد عواد، وفيها يقول:
«تنفّسْ/ فإنك تقهر هذا الظلام/ إذا تتنفسْ.
تنفسْ/ إذا ما استطعت الوقوف على قدميكْ/ وقد أمطروك بحقدٍ قديمٍ قديمٍ عليكْ/ إذا سقطوا/ دون أن يسقطوك بغاز مسيلٍ/ ولم يهزموا رئتيكْ.
تنفسْ/ لتنجُو مصادفة من زفير الصدأْ/ وتعلو قليلاً/ إلى أن يمرَّ الزمان الخطأْ.
تنفسْ/ لتمحو لهاث أساطيرهم/ عن دفاتر لحمكَ/ تمحو العواء الثقيل بليلكَ/ رائحة الموت من بين أنيابها.
وتنفسْ/ إذا ما استطعت الثباتَ/ ولم تنس وجه الحبيبة أمّكَ/ أو عطرَها/ أو جدائلَ كانت تلامس وجهكَ/ حين تنام كطفل على صدرها.
وتنفسْ/ وإنْ حرموك الهواءَ/ وإن وضعوك بزنزانة عَجَنَ الموتُ فولاذها.
وتنفسْ/ لتعرف عصفورةٌ خارج القفص الدمويِّ/ بأنك حيٌّ/ وأنك تقهر هذا الظلامَ/ إذا تتنفسْ..».
القراءة الثانية كانت للشاعر سعيد يعقوب، وهو أحد الشعراء الذين يسيرون على نهج مدرسة الإحياء التي التزم روادها بنظم الشعر العربي على النهج الذي كان عليه في عصور ازدهاره، وذلك على صعيدي: الشكل والمضمون، وهو صاحب التجربة الشعرية المميزة كمّا ونوعا، ومن أكثر الشعراء حضورا في المساقات الجامعية الأردنية والعربية، ومما قرأ قصيدة مهداة لرسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، وفيها يقول:
«أَحْنِيْ جَبِينِيْ لِلشَّهِيدِ وَإِنَّهُ/ أَوْلَى الوَرَى بِتَحِيَّتِيْ وَوِدَادي/ نَاجِيْ، وَمَا نَاجَيْتُ إِلَّا مُهْجَةً/ سَطَعَتْ دُجَىً كَالكَوْكَبِ الوَقَّادِ/ دَعْنِيْ أُقَبِّلْ جَبْهَةَ الشَّمْسِ التِيْ/ لَمْ تَنْحَدِرْ لِمَهَانَةِ اسْتِعْبَادِ/ دَعْنِيْ أُعَانِقْ ذُرْوَةَ الطَّوْدِ الذِيْ/ فِيهِ تَبَدَّتْ عِزَّةُ الأَطْوَادِ/ نُحْييكَ ذِكْرَىً لَمْ تُغَادِرْ نَبْضَنَا/ تَبْقَى عَلَى الآزَالِ وَالآبَادِ/ نُقِشَتْ بِحَرْفٍ مِنْ ضِيَاءٍ عَابِقٍ/ بِيَدِ الخُلُودِ بِصَفْحَةِ الأَكْبَادِ/ وَلَسَوْفَ تَبْقَى فِيْ ضَمِيرِ جِرَاحِنَا/ لَحْنَاً يُثِيرُ مَخَاوِفَ الجَلَّادِ/ كُلُّ الجِرَاحِ لَهَا ضِمَادٌ إِنَّمَا/ جُرْحِيْ بِفَقْدِكَ لَمْ يَفُزْ بِضِمَادِ/ يَا رِيشَةَ الفَنَّانِ أَنْتِ مُخِيفَةٌ/ كَمْ قَدْ فَضَحْتِ جَرَائِمَ الأَوْغَادِ/ حَنْظَلْتِ عِيشَتَهُمْ بِمَا أَوْدَعْتِ فِيْ/ أَجْفَانِهِمْ مِنْ غُصَّةٍ وَسُهَادِ/ وَيَرَاعُكَ المُبْتَلُّ مِنْ دَمِنَا لَهُ/ مَا لِلسُّيُوفِ تُسَلُّ مِنْ أَغْمَادِ/ صَوَّرْتَ بِالقَلَمِ البَلِيغِ رُؤَى غَدٍ/ وَكَشَفْتَ سِتْرًا عَنْ سِنِينَ شِدَادِ/ وَفَتَحْتَ عَيْنَ الشَّعْبِ حَتَّى أَبْصَرَتْ/ مَا خَلْفَ مَا أَبْدَوْهُ مِنْ أَحْقَادِ..».
تاليا كانت القراءة للشاعر الدكتور محمد محاسنة، الذي اتخذ من اللغة وجمالياتها منطلقا لجماليات القصيدة، أو هو يدخل جنان القصيدة من بوابة اللغة، ومما قرأ قصيدة بعنوان «تمثلات الذات على هامش النصّ»، وفيها يقول:
«والنَّصُ في عَينِ الحَقيقةِ شَكْلُ/ كالذّاتِ في مَتْنِ الحِكايةِ ظِلُّ/ يصبو على حِقِبِ الزمانِ كأنما/ جمعَ الطّفالةَ في يديهِ الكهلُ/ يَنسلُّ من نبضِ الكلامِ مُخاتِلا/ فَيحارُ في أصلِ المجازِ الأصلُ/ ويعدُّ أكسيرَ الجوابِ لحاضري/ فيثيرُ أشباحَ الغيابِ السؤلُ/ ضدَّانِ يحترفانِ نَحْتَ مَعالِمِي/ يتنزعانِ: قصيدتِي والعَقْلُ/ يتجاريانِ كأنني لا منهما/ وهما فراغي في المدى والشُّغْلُ/ لا وقتَ في عُرفِ القصيدةِ كي نَرى/ ما بعدُ أينَ وما تُرى ما قبلُ/ عبثيةُ الأفكارِ تُبحرُ في دَمي/ وتشدُّني نحوَ الغيابِ لتعلو/ ما بينَ معتركينِ يَسْعى قَلبُهُ/ فيهِ الحَياةُ –بطُهرِها- والقَتْلُ/ فالنصُّ محضُ خرافتي وعقيدتي/ يُوحى إليّ من الخيالِ فأتلو/ أفضتْ زهورُكَ للفَراش بسرِّها/ فأفاقَ من ضحكِ الفَراشِ الرَّملُ/ وانسابَ سحرا في أجنّةِ ظلها/ لِيجاوزَ العلياءَ في السهلُ..».
واختتم الشاعر د. عبد الله أبو شميس القراءات بقصائد اشتبكت مع الموروث، كما في قصيدته «هاجر»، وفيها يقول:
«ليس من أجلكَ/ أو من أجل أحلامٍ تراها.
أيها الشّيخُ/ الّذي ما فارق الرّحلةَ/ أو ألقى عصاها.
لم تعُدْ لي/ عدتَ كي تذبحَ إسماعيلَ/ هل تعرف إسماعيلَ كي تذبحَهُ؟/ هل قلَبتَ الرملَ كي تبحث عن قطرةِ ماءٍ/ وهو يبكي صارخاً فوق يديكْ؟/ هل ذرعتَ الأرضَ/ والرّيح تسفّي ملحَها في شفتيكْ؟/ فوقكَ الشّمسُ/ وخُفّ الرّملِ يشوي قدميكْ؟/ هل تعلّقتَ به عشرين عاماً/ مثل وشمٍ غائرٍ في كتفيكْ؟
أنتَ لا تعرف إسماعيلَ/ فاتْركهُ لمن يعرفهُ/ يعرفُ ما يرضيهِ/ أو يشجيهِ/ ما يرفعهُ أعلى من الغيمِ/ وما يلقيهِ من أعلى/ كما ألقيتَهُ من قبلُ في الوادي.. فَتاها.
أنتَ لا تعرف إسماعيلَ../ إسماعيلُ نخلٌ شامخٌ/ حتّى إذا الليلُ أتى/ سال مياها..».

 

 

المصدر: الدستور

30 أغسطس, 2021 10:49:28 صباحا
0