تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
معرض عمان الدولي للكتاب ندوة نقدية تتأمل رواية «حدائق شائكة» لصبحي فحماوي

 ضمن فعاليات معرض عمان الدولي للكتاب، أقيمت مساء يوم (الاثنين 27 أيلول 2021)، ندوة حول رواية «حدائق شائكة»، للروائي صبحي فحماوي، شارك فيها: الأديب حسن عبادي (من فلسطين)، والدكتورة دلال عنبتاوي، والشاعر نضال برقان، إلى جانب صاحب الرواية.

 

وفي مستهل الندوة قال عبادي إن الرواية (وقد صدرت حديثا عن دار الأهلية للنشر والتوزيع) تتناول ظواهر اجتماعية واقتصادية يعاني منها العالم العربي، وصارت علامة فارقة لشرقنا، وتتناول وضع المرأة العربية، كما تصور بمنظار مهندس الحدائق (جبريل عرسال) الحياة في مدينة (إرم ذات العماد) المحاطة بمخيمات اللجوء من فلسطين ومن غيرها. وقال عبادي إن فحماوي يستخدم السخرية السوداء لتصوير الواقع المرير وتعريته، أما لغة الرواية فجاءت سهلة، جميلة وسلسة.

 

الرواية، والحديث لعبادي، تقدم جرعة كبيرة من (أدب الرحلات)، إذ يصور الكاتب ما صادف الشخصية الرئيسة من أمور وأحداث خلال سفره المتعدد شرقا وغربا.

 

أما الناقد الدكتورة دلال عنبتاوي فتوقفت عند «العنونة المكانية» في الرواية، إذ تأملت بنية العنوان لغويا، قبل أن تقف عند «التصدير» الذي تضمنه الرواية، وهو: «إن أجمل حديقة ننشئها/ لا تعدو كونها تدميرا للطبيعة/ هل الجنائن التي ننشئها على الأرض/ هي تجريب للجنة التي نتخيلها في السماء/ طريق الحرير الهادر هل سيقلب الموازين كلها»، وقالت: «هذا التصدير جاء يحمل دلالات مفضية وملتصقة بعنوان الرواية وما يدور في مداراته حديقة/ جنائن/ جنة/ طريق الحرير وقد حضرت هنا كلها كلمات تدور في مدارات بعضها وتستحق التوقف عندها لتشكل نقطة التقاء وأرضية صلبة يلتقي عندها الراوي والمتلقي (القارئ).

 

وأضافت عنبتاوي: لقد جاء عنوان هذه الرواية عنوانا مكانيا بامتياز، فالحديقة مكان وقد توالت العناوين المكانية في متن الرواية بعد ذلك لقد قامت هذه الرواية على مجموعة من العناوين عددها عشرة عناوين توزعت على مدار 160 صفحة من القطع الكبير وجاءت تلك العناوين موزعة بين الأمكنة والشخصيات. ورأت عنبتاوي أن الحضور المكثف والدال على المكان عناوين أجزاء الرواية يجعله يتجاوز كونه بؤرة سردية وتخييلية للعمل السردي إلى ما يمثله في هذه التجربة السردية من قيمة دلالية نفسية ووجودية وإنسانية كبيرة تجعل المكان بؤرة العالم السردي وفضاءه في هذه الرواية وفيه تتشكل حيوات شخصياته الروائية وأحداثها.

 

وخلصت عنبتاوي إلى أن الحضور المكثف للمكان في العنونة والدلالات إذا كان يؤسس لعلاقة متجدرة وقوية ومتجددة في الرواية «فإن الحضور السيري فيها يعزز عمقها ودلالاتها الوجودية والإنسانية والعاطفية حيث يصبح من المتعذر في كتابة كهذه أن يجري الفصل بين الذاتي الخاص والعام الجمعي من خلال التداخل الحاصل داخل هذه التجربة بين الذاتي الخاص والعام الجمعي. ولمّا كان لا وجود للمكان خارج الزمن أو العكس فإن قراءة هذه العنونة المكانية ودلالاتها في بنية السرد الروائي لا يمكن عزلها دلاليا عن زمنها الخاص، سواء ما كان يحيل على الماضي أو الحاضر المستمر أو ما يحيل على ما هو واقعي أو غير واقعي أو أسطوري طالما أنه يشكل امتدادا لزمن التجربة في تمثلاتها وأشكال تعينها المختلفة».

 

من جانبه قال برقان: «أحداثٌ سياسيةٌ متفاقمةٌ وشائكةٌ، عصفت في منطقة جغرافية ذاتَ طبيعة شائكةٍ، وقد أفرزت، تلك الأحداثُ، حيواتٍ معقدةً وشائكةً، لناسٍ جمعتهم الغربة، والألمُ من قبلها، ومن بعدهما اللجوءُ، ما أهّلهم ليكونوا أصاحب حكاياتٍ مليئةٍ بالتناقضات، حكاياتٍ شائكةٍ تماما، تلك هي المرجعية، أو الشرفة، التي يمكننا الإطلالةُ من خلالها على حدائق الروائي صبحي فحماوي الشائكة، التي هي بين أيدينا اليومَ، بوصفها مقترحا روائيا وجماليا ومعرفيا جديدا له».

 

وأضاف برقان: في الرواية لم يترك الروائي فرصة يمكن من خلالها تمرير رأي أو وجهة نظر (أو لنقل: دبوس)، في شأن سياسي أو اقتصادي عالمي إلا واستثمرها خير استثمار. ولاسم (جبريل عرسال) دلالة تعكس انحياز المؤلف للتراث الكنعاني، الذي ما فتئ يذكر كنعانية المسيح كلما أتاحت له الفرصة بذلك، وفي هذا موقف فكري وسياسي ورؤية تتبنى الكنعانية بوصفها خلاصا للخروج من الأزمات الجمة التي تعصف بالمنطقة منذ مئات السنين. وتقدم الرواية مقاربة لحال المرأة، جوهرا ومظهرا، في بلادنا وفي بلاد الغرب، كما تقدم مقاربة لأخلاق الناس عموما هنا وهناك، وفيها رؤى فكرية وفلسفية وجودية منتشرة من أرجائها، وقد اتخذت لها مكانا متخيلا ذات مرجعيات واقعية، أما زمنها فراهن ومعيش، وقد جسدت ثقافة كاتبها ومعرفته الإنسانية والمهنية خير تمثيل.

 

 

وقبل نهاية الندوة تحدث فحماوي حول الرواية (وهي الثانية عشرة له)، وأهم الأسئلة التي انشغلت بها، إضافة للغتها وعلاقتها باللهجة المحكية، وطبيعة مكانها وعلاقته بالخيال.

 

 

 

المصدر: الدستور

29 سبتمبر, 2021 12:58:40 مساء
0