تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
الكاتب والباحث علي الفياض لـ الشرق المكتبة القطرية بحاجة لكتب توثق مسيرة الرواد

للكاتب والباحث علي بن عبدالله الفياض كمّ هائل من الإصدارات الثقافية التي توثق مسيرة وحياة رواد الشعر والأدب محليًا، وكانت أحدث إصداراته، تلك الخاصة بتوثيق مسيرة الأديبين خليفة الكبيسي وحمد بن محسن النعيمي.
في حديثه لـ الشرق، يتوقف عند الجوانب الخفية في مسيرة هذين الرائدين، بالإضافة إلى طرح رؤيته حيال الدور المبذول من دور النشر المحلية في توثيق مسيرة رواد الوطن إبداعيًا، بالإضافة إلى تقييمه للمشهد الثقافي، وكيفية استفادة الجيل الحالي من إسهامات جيل الرواد، إلى غير ذلك من محاور ذات صلة، طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:

 

 

 



* في كتابك الأخير عن الراحل خليفة الكبيسي.. ما أبرز الجوانب الثقافية التي توقف عندها الكتاب؟

** كتاب مقالات الأستاذ خليفة الكبيسي، الصادر عن وزارة الثقافة، هو موضوعات ممزوجة في عدة مجالات أدبية منها الأدب الوجداني والأدب الاجتماعي والأدب الملتزم الذي أطلق عليه المؤلف الأستاذ خليفة الأدب المتدين، وتناول فيها بعض السلوكيات والمواقف الإنسانية العامة وبعض القيم والقضايا الاجتماعية، ومواقف أخرى متنوعة في سياق الأدب الوجداني، يتناول ويعبر عن كل ذلك بأسلوب أدبي رفيع ويحتويه في إطار بلاغي جميل قل نظيره.

ويعتبر خليفة الكبيسي من جيل الرواد الذين تأثروا بجيل النهضة الأدبية في العالم العربي، من أمثال العقاد والرافعي والمازني وطه حسين وزكي مبارك وغيرهم من أساطين الثقافة والأدب العربي الحديث، كما كان من أشد المعجبين بهم وحذا حذوهم واتبع أساليبهم الأدبية الرفيعة.
أما ما أضافه الكتاب إلى جمهور المتلقين وكان خافيًا عليهم فهو ما تحدث به عن نفسه وباح به إلى قارئه من أحداث مر بها أو صادفها في حياته ومن قصص واقعية عايشها وشهدها في مراحل عمره المختلفة وكذلك ما رآه ورواه من مشاهد قديمة في قريته قرية العريش في طفولته وغيرها من مواضيع طريفة يزخر بها هذا الكتاب.

* لك إصدار آخر عن الشاعر حمد بن محسن النعيمي.. فما الإضافة التي شكلها من جوانب خفية قد تكون غائبة عن المتلقي؟

** الإصدار الخاص بالشاعر حمد بن محسن النعيمي، والصادر عن دار كتارا للنشر، نوه إلى أن شاعرنا معروف على نطاق الشعر والأدب والإعلام.
أما حياته الخاصة وطفولته ونشأته وشطر كبير من حياته فلم يكن معروفًا للكثيرين وأنا منهم وخصوصًا طفولته ومطلع شبابه وما مر به من ظروف صعبة في تلك الفترة التي صقلت شخصيته واكتسب منها القوة والعصامية والرجولة الحقة والاعتماد على النفس في كل أموره وشؤون حياته، وهي ظروف شكلت نشأة الشاعر وتكوين شخصيته الأساسية وبداياته الأدبية، وهو ما تم الكشف عنه في هذا الإصدار الذي حرصت على أن يكون رواية عن الشاعر نفسه ولم أستعن فيه بأي مصدر آخر وهذا ما يميز هذا الكتاب، ليسد ثغرة في مكتبتنا القطرية.

* وهل وجدت ثمة تحديات أثناء رحلة البحث عن سيرة هذين الرائدين، وغيرهما من جيل الرواد؟

** التحديات بالطبع موجودة في أي عمل يتصدى له الإنسان وخصوصًا في تأليف الكتب فهناك الظروف النفسية والذاتية ما بين النشاط والفتور والإحساس بالإحباط في بعض الأوقات وتلك لعمري عقبة كأداء تعثر وتردى فيها كثيراً من الكتاب والمثقفين ولكننا تخطينا هذه التحديات، كما أن هناك عقبات تصادفنا أثناء البحث والكتابة ومنها قلة المصادر وتضارب الروايات والشك في صحة بعضها وتحفظ البعض ممن لديهم وثائق وأوراق مهمة تتعلق بالشخصيات البارزة وامتناع البعض عن الإدلاء بأي معلومات تفيدنا في بحوثنا وغيرها من معوقات العمل التي تصادفنا في معظم أو كل الأعمال الثقافية والأدبية التي نقوم بجمعها وتحقيقها وتأليفها ولكننا نجتهد ونحرص على التوثيق والتدقيق والأمانة العلمية التي تتطلبها هذه البحوث التراثية التي تبقى مصادر ومراجع موثوقة تستقي منها الأجيال الحالية واللاحقة.

سير الأعلام


 

* أمام هذه الإصدارات.. هل ترى أنها يمكن أن تشكل توثيقًا وافيًا لمسيرة الرواد، وتناول محطاتهم الإبداعية؟

** أرى أن هذه الإصدارات التوثيقية عن حياة وسير الأعلام والشخصيات القطرية تشكل خزينًا ثمينًا لاستحضار سير الرواد الأوائل في مجالات العلم والتعليم والثقافة والأدب في قطر، وتتناول سيرهم ومسيرتهم وأعمالهم الإبداعية المتنوعة، ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، إذ إن الباحث قد يصطدم بقلة المراجع وشح المصادر فيضطر للكتابة وتدوين ما توفر لديه من معلومات، كونها قد تكون قليلة جدًا، ولا توفي الشخصية حقها من بسط القول والتفصيل في سيرتها التي قد تكون متعددة الجوانب ذات أبعاد مختلفة ولكن عزاء الباحث أن ما لا يدرك جله لا يترك كله فليظهر وليوثق ما يصل إليه من معرفة ولو كانت ضئيلة لتكون حافزًا لأجيال من الباحثين ستأتي في المستقبل وتستكمل البحث والتنقيب لتستخرج المزيد عن تلك الشخصيات المهمة والرائدة.

توثيق الرواد

* وهل ترى أن هذا التوثيق لمسيرة الرواد يسد نقصًا في التعريف بإسهاماتهم لدى الجيل الصاعد، والأجيال الأخرى القادمة؟


** أرى أن هناك قلة ونُدرة في نشر الكتب المتعلقة بالشخصيات الرائدة محليًا، ولذلك أطالب دور النشر بالاهتمام والحرص على نشر الكتب عن الرواد الأوائل في مختلف التخصصات العلمية وفي مجال التعليم والثقافة والتربية والأدب والاقتصاد والتجارة، سواء الكتب التي تُؤلف على شكل بحوث ودراسات أو على شكل مذكرات أو ذكريات يكتبها ويدونها الشخصيات أنفسهم أو نقلاً عنهم هذه الكتب في غاية الأهمية في استحضار وسرد سير الأعلام والرواد والمكتبة القطرية فقيرة جداً في هذا المجال وهي في أمسِّ الحاجة إلى طرح المزيد من هذه النوعية من الكتب.

* وكيف تنظر إلى جهود دور النشر الأخيرة في استحضار مسيرة الرواد؟ وهل المكتبة القطرية بحاجة إلى المزيد منها؟

** بالنسبة لدور النشر القطرية معظمها حديثة النشأة ويصعب الحديث عنها لكن وجود دور النشر بحد ذاته شيء جميل ويسر ويشرح الخاطر حيث إن قطر قبل أربع أو خمس سنوات لم يكن بها سوى دار نشر واحدة والآن، بها حوالي سبع دور تتنافس في نشر الكتب الثقافية المتنوعة ولكن لنا مأخذ على بعضها وهو أنها أخذت جانب الكم على الكيف ونحن في نفس الوقت نعذرها، فهي في بدايات نشأتها وتكوينها وتريد المنافسة وإثبات الوجود القوي وأحسب أنها فيما بعد ستعمل على الاختيار الدقيق للأعمال المقدمة لها وتنتقي الأفضل والأبقى والأرقى من الكتب التي تنفع القراء والمجتمع.

* وكيف يمكن للجيل الصاعد الاستفادة من إبداعات الرواد؟ وهل يتوقف الأمر عند إصدار الكتب، أم لابد أن يتجاوزه إلى إقامة ورش وندوات لتحقيق هذا الهدف؟

** الاستفادة من إبداعات الرواد بالنسبة للجيل الحاضر تحصل بطريق القراءة عنهم أولاً والتعرف عليهم وتتبع مسيرتهم الإبداعية. والكتب كما هو معروف هي وسيلة التعلم والمعرفة الأساسية التي لا غنى عنها يليها في الأهمية المجلات والصحف ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأرى أن إقامة الندوات والمحاضرات والورش تفيد في هذا السبيل وأقول لأبنائي عليكم بقراءة الكتب، ثم تأتي الوسائل الأخرى بعد ذلك، فالقراءة لا يمكن ويستحيل أن يسد أو يغني عنها أي شيء آخر.

المشهد الثقافي

* وما تقييمك للمشهد الثقافي حاليًا؟ وأبرز التحديات التي تواجهه؟


** تقييم المشهد الثقافي حاليًا يحتاج إلى رصد دقيق وتتبع لكل النشاطات والفعاليات الثقافية ولا أجد الوقت الكافي لهذا الأمر، وليس من اهتماماتي معرفة ورصد هذه الفعاليات الوقتية، ما يهمني من أمور الثقافة هي الأشياء التي تبقى وتستمر وتفيد الأجيال الحاضرة والآتية وتخلد في ذاكرة الوطن الثقافية.
ولا أدري لماذا توقفت مجلة المأثورات الشعبية، وغيرها ، ولماذا تحولت مجلة الدوحة إلى النشر الإلكتروني فقط دون الورقي ولماذا قلت الإصدارات الثقافية؟

 

 

 

المصدر: الشرق

18 نوفمبر, 2021 03:08:08 مساء
0