Skip to main content
محمد شعير يوثق ثورة مصر «العميقة»

في كتاب «الثورة العميقة» (دار بتانة)، يحكي الكاتب محمد شعير عن تجربته مع الأحداث في أعقاب ثورة 30 يونيو كصحافي وكإنسان.


يكتب شعير هذه التجربة الخاصة بأسلوب حرّ ومباشر يكسر صمت المؤلفين المعتاد ليُشعر قارئه بأنّه حاضر معه بصوته وكلماته.

يسوقنا كتاب «الثورة العميقة» إلى ذكرياتٍ تُزاوج بين الألم والفرح، بلغةٍ ممتعة تُعبّر عن دقة صحافي محترف ومشاعر كاتب موهوب.

يستعرض شعير أبرز أحداث الثورة من خلال 12 فصلاً، ومقدمة بمثابة «تحذير» قصير ينصح الكاتب بألا تجتزأ من الكتاب لكونها كتبت في لحظة تاريخية محددة.

ومع أن شعير اعتبر ثورة 30 يونيو هي استكمال لثورة 25 يناير، إلا أنه قسّم حينذاك المواقف ما بين أربع طرق: الأول طريق أطلقت عليه طريق الثوار الرافضين كل شيء يخالف 25 يناير «عقدة وعقيدة»، وطريق المؤيدين لما تلى 30 يونيو وطريق «الإخوان» والطريق الرابع هو الذي اختار أن يسير عليه، وعنوانه عدم التعصب لأي رأي أو جماعة أو موقف.

وبما أنني من الأشخاص الذين يعرفون الكاتب وعايشوه وقت الثورتين، فإنني أدركت أثناء قراءة هذا الكتاب مدى التشابه بين كتابته وشخصيته. سرده هادئ، رزين، وديع تماماً كما نقاشاته ومحادثاته.

وعند متابعة القراءة، يراودك السؤال: «هل الشعب ثار حقاً؟ وهل ثورته كانت حقاً ضد النظام؟».

وهنا أقول إنّ التجربة المصرية بعد الثورتين تثبت أنّ الثورة الحقيقية والخفية هي ثورة أهل «الكامباوندات» على النظام لكثرة «العشوائيات» وثورة أهل العشوائيات على الحكومة لكثرة الكامباوندات، وثورة القبطي على النظام لشدة تساهله مع الإسلاميين وثورة الإسلاميين على الحكومة لأنها تحابي الأقباط وثورة السلفيين بسبب تنامي العلمانيين وثورة العلمانيين بسبب انتشار اللحى والنقاب في الشارع...

من هنا، يمكن أن نطرح نحن السؤال على الكاتب وعلى كلّ كاتب يوثّق مجريات الثورة المصرية: عن أي ثورة نتحدث؟ ومن هو الشعب الذي نقصده؟ فهل يعيش في مصر شعب واحد أم «شعوب»؟

وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة التي تُطالعنا أثناء قراءة العمل، يمكن وصف الكتاب بأنه دراسة موثقة بالمستندات والشهادات، يتحول المؤلف فيها إلى قاضٍ في صورة شاهد يستخدم المنهج العلمي الأكاديمي لتحليل الأحداث. فيستخدم أكثر التعبيرات غموضاً ويصك المصطلحات ويحاور ويناور وهو يؤكد لك في كل فقرة أنه لا يتحدث وإنما ينقل الصورة فقط. واللافت أن معظم من ذكرهم شعير في كتابه هم من أصدقائه وزملائه ومحيطه من الناس العاديين، بعيداً من اعتماد الأسماء «الكبيرة» والشخصيات المعروفة التي أضجرتنا صورها وسيرها.

وهنا، أتفق مع ما قاله الباحث عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ المعاصر، عن كتاب شعير: «إن مثل هذا الكتاب هو الذي يلجأ إليه دارسو التاريخ لأنه يؤرخ لفترة من الفترات الحساسة في تاريخ مصر».

وإضافة الى أهميته التوثيقية، يقدم كتاب «الثورة العميقة» رحلة قراءة ممتعة ومفيدة من خلال البحث عن أجوبة عن أصعب الأسئلة وأعقدها في شأن الثورة، الحدث الذي غيّر تاريخ مصر الحالية.

07 Nov, 2018 10:33:01 AM
0

لمشاركة الخبر