تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
د. ابراهيم خليل والسرد ومظاهره

في كتابه الجديد «السرد ومظاهره في القصة العربية القصيرة»، يتوقف الناقد الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل (أستاذ اللغة والأدب في الجامعة الأردنية منذ العام1992)، عند عدد من المجموعات القصصية المحلية، التي تعود للقاصات:أماني سليمان داود، فداء الحديدي، وللقاصين:كمال ميرزا، حسام الرشيد ، خالد سامح ، مجدولين أبو الرب ، حنان بيروتي، وعند عدد آخر من المجموعات القصصية العربية التي تعود لكل من: شهلا العجيلي (سوريا)، زهرة رميج (المغرب)، محمود الرحبي (عُمان)، سعيد الكفراوي (مصر)، محمود الريماوي وجمال بنورة وحنا إبراهيم وصالح أبو إصبع (فلسطين)، وإبراهيم الكوني (ليبيا).

تحمل مقدمة الكتاب، بشرى يتمناها معظم المبدعين، تتمثل في قوله: (إن القصة العربية القصيرة تمضي بثقة قوية، وعزم متين، على طريق التغيير، والإبداع الجيد المبتكر، والسرد الشيق المُعتبر، وأنه لا صحة إطلاقا لما يقال من أن القصة... في طريقها للانقراض)، وهذا رد مهم على من أعلنوا في المؤتمر الذي عقدته جمعية النقاد الأردنيين عام2006، أن القصة العربية في طريقها إلى الموت،في الوقت الذي يزدهر فيه فن الرواية.

ولست بحاجة للكتابة في»نقد النقد»لكي أدعو الناقد المهم إبراهيم خليل (عضو رابطة الكتاب الأردنيين، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب)، لتبيان وجهة نظره التي اراها غريبة تجاه القصة القصيرة جدا، فهو يرفضها على الإطلاق، ويرى فيها تخليا عن الأركان التقليدية لفن القصة من شخصية وحدث وإطار ومغزى..ويذكرني هنا د.ابراهيم وهو في قمة الوعي واليقظة النقدية للرفض الذي قوبل به الشعر الحر، وقصيدة النثر، فكيف يواصل رفض هذا الصنف من القصص، علما بأن القاصين المحدثين لم يعودوا يتمسكون في قصصهم الطويلة والقصيرة بأركان القصة، وصرنا نرى البطولة للزمان تار، وللمكان تارة أخرى، بعد أن كانت البطولة فيما مضى للشخصيات فقط.

كتب د.ابراهيم خليل (الذي سبق له أن أصدر80كتابا) عن قصص عدد من القاصات: أماني سليمان داود، فداء الحديدي، مجدولين أبو الرب ، حنان بيروتي، شهلا العجيلي، زهرة رميج ، ولولا أنه كتب عن عدد أكبر من عددهن من القاصين الرجال لاتهمناه بأنه ناقد «نسونجي» .

يقول د.ابراهيم خليل: (إن كتابة القصة القصيرة صنعة كغيرها من الصنائع)ولعله في هذا الوصف متأثر بالنقاد القدماء ولا سيما ابن رشيق القيرواني الذي قسم الشعر إلى قسمين:مطبوع ومصنوع، فالدكتور ابراهيم يعرف أن كلمة(صنعة)في ايامنا صارت تعني مهنة، بدليل أن العامة تقول(سبع صنايع والبخت ضايع).

كان القاص والروائي والنقابي الكبير الراحل سالم النحاس، صديق د.ابراهيم خليل ومقرّبا جدا منه، وكان دائما يوصيه أن يخفف من حدّة نقده، وأن يقلل من جلده لأقرانه من المبدعين، وأن يتلطف بهم، غير أنني أرى أن د.ابراهيم في بعض مقالاته النقدية المنشورة في هذا الكتاب، نسي وصايا معلمنا»ابو يعرب»، مقدما هنا وهناك وخزات وقرصات نقدية حادة ومؤلمة، وحين يتجلى، كان ينكش مخه على بعض القاصين وقصصهم.

ويقول د.ابراهيم: (لو نظرنا في نماذج متعددة من القصص لكتاب مختلفين، من عصور متباعدة، لوجدنا اشكالا شديدة الاختلاف بعضها عن بعض، ومع هذا تسمى جميعا قصصا قصيرة، وهذا يعني أن هذا اللون الأدبي لا يحظى بنواة صلبة تستعصي على التغيير، والتحوير، من كاتب لآخر، ومن زمن لآخر)، وأشير هنا، إلى ما تعلمناه من د.ابراهيم خليل حول التداخل بين الأجناس الأدبية، فلم تعد القصة نقية، ومعظم ما نطالعه من قصص يكاد لا يخلو من الشعر والحوار المسرحي والمشاهد السينمائية.

 

 

المصدر: الدستور

26 يوليو, 2021 01:03:57 مساء
0