كنوز من الماضي الجميل.. طرائف وحكايا معبرة
مِنْ الْكُتُبِ الصَّادِرَة حديثاً بدعم مِن وَزَارَة الثَّقَافَة الأرْدُنِيَّة كِتَاب بِعِنْوَان «كُنُوز مِنْ الْمَاضِي الْجَمِيل.. طَرَائِف وحكايا معبرة» للكاتبة والأديبة نَوال الحردان، وَقَدْ جَاءَ الْكِتَابُ فِي مِئَتَيْ صَفْحَة مِنَ الْقَطْعِ الْكَبِير، وَقَد زيّن الْغِلَاف الأَمَامِيّ صُوَر مِنْ التُّرَاث، بَيْنَمَا جَاءَت صُورَة قُبَّة الصَّخْرَة لتزين الْغِلَاف الخلفي لِلْكِتَاب.
قُسِمَت الْمُؤَلَّفَة الْكِتَاب إلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ، تَحَدّثَت فِي الْفَصْلِ الْأَوَّل عَنْ طَرَائِف وحكايا مُتَنَوِّعَة بِأُسْلُوب قَصَصِي فِيهِ الْكَثِير مِنْ الْإِيجَازِ وَالْمُتْعَة وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي تَحَدّثَت الْمُؤَلَّفَة عَن الأهازيج وَالْأَغَانِي والأناشيد الَّتِي قيلت فِي مُنَاسَبَاتِ مُتَعَدِّدَة، مِثْلَ مَا يُقَالُ فِي مَوَاسِمِ الْحَصَاد وَالزِّرَاعَة وموسم الزَّيْتُون، وَمَا يُغنى عِنْد خِتَان الصِّبْيَان، وَأَغَانِي للمغترب، وأناشيد وَأَغَانِي أَطْفَال فِي مُنَاسَبَاتِ عَدِيدَة.
وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِث تَنَاوَلَت الْمُؤَلَّفَة طقوس تراثية فِي وَدَاعِ الْحَجَّاج إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا التحنين وَهُوَ لَوْنٌ مِنْ أَلْوَانِ التَّعْبِير الْإِنْسَانِيّ الشَّفَهِيّ عَن أحاسيس النَّفْسِ وَمَا يَعْتَرِيهَا مِنْ فَرَحٍ وَرَغْبَة وشجون رُوحَانِي بِالشَّوْق وَالْحَنِين لِزِيَارَة بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَزِيَارَةِ قَبْرِ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَفِي الْفَصْلِ الرَّابِع تَتَنَاوَل الْمُؤَلَّفَة نَوال الحردان الْأَمْثَال، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْثَالَ هِيَ جُزْءٌ مِنْ الْمَوْرُوثِ الشَّعْبِيّ، يَتَوَارَثُهَا الْأَبْنَاء عَنْ الْآبَاء، وَمُعْظَم هَذِهِ الْأَمْثَال يَأْتِي نَتِيجَة التَّجَارِب الَّتِي يَمُرُّ بِهَا الْأَفْرَاد، تَمَثَّل جَوَانِب مُخْتَلِفَة مِنْ الْحَيَاةِ الْعَامَّة، ثُمّ تَبْدَأ الْمُؤَلَّفَة بِسَرْد مَجْمُوعِة مِنْ الْأَمْثَالِ وَشَرْحِهَا، وَإِذَا وُجِدَتْ الْمُنَاسَبَة الَّتِي قِيلَ فِيهَا الْمِثْلُ فَإِنَّهَا تَثَبُّتُهَا حَتَّى تَكْتَمِل الْفَائِدَة والمعلومة عَنْ ذَلِكَ الْمَثَلِ. وَأَجْمَل مَا قَامَتْ بِهِ الْمُؤَلَّفَة هُو سَرْد قِصَّة الْمِثْل بِأُسْلُوب شائِق وممتع. ثُمّ قُسَّمَت الْأَمْثَالَ مِنْ حَيْثُ الْأَشْهُر، فَلِكُلّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ السَّنَةِ لَهُ مَجْمُوعِة مِنْ الْأَمْثَالِ، فَشَهْرٌ الشِّتَاء قِسْمَتُه ‘إلى شَهْرُ كَانُونَ أَوَّل، كَانُون ثَانِي، وَمَن الْأَمْثَالِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْ شَهْرِ كَانُونَ: «كُلِّ الشَّجَرِ بتتعرى بكانون إلَّا الْعَفْص وَالصَّنَوْبَر وَالزَّيْتُون» وَالْعَفْص شَجَرِ الْبَلُّوطِ، وَهَذِه الْأَشْجَار هِي دَائِمَة الْخُضْرَةِ لَا تَسْقُطُ أَوْراقِها.
ثُمّ تُكمل حَدِيثِهَا عَنْ بَاقِي الْأَشْهُر، شَهْر شُبَاط، شَهْر آذَار، وَشَهْر نِسْيَان..... وَبَاقِي شُهُور السَّنَةِ، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ تَتَحَدّث عَنِ الْأَمْثَالِ الْمَشْهُورَة لِذَلِك الشَّهْر.
ثُمّ تَخَتُّم كِتَابِهَا بِالْفَصْل الْخَامِس حَيْث عنونت هَذَا الْفَصْلِ « مِنْ طِيبٍ كَلَامِهِم»، قدّمت الْمُؤَلَّفَة لِهَذَا الْفَصْلِ قَائِلُة : «كلمات وَعِبَارَات وَحُكْم شَعْبِيَّةٌ صَادِقَةٌ ولماحة تَعْكِس مَلامِح فكرهم الفواح بِالطِّيب وَالتَّطَيُّب اِسْتَخْدَمَها النَّاس، وَذَلِك لقناعتهم أَنَّهَا صَدَرَتْ عَنْ إنْسَانٍ حَكِيم ومجرب وفطن.... «
مِثْل: أَكْلِ لَحْمِ وَجْهِي أَيْ ضايقني بإلحاحه. و»العتب عَلَى قَد الْمَحَبَّة «.... ثُمّ تَحَدّثَت عَن الْأَحَاجِي والحزازير، وَفِي نِهَايَةِ الْفَصْل وُضِعَت الْمُؤَلَّفَة مُعْجَم مُصَغَّر لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ العَامِّيَّة والمتداولة أحياناً بَيْنَ النَّاسِ.
يَظَلّ هَذَا الْكِتَابِ مَرْجِع وَوَثِيقَة يَسْتَطِيع البَاحِث الرُّجُوع إلَيْهَا عِنْدَمَا يُرِيدُ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَن التُّرَاث، فَالْكِتَاب يَتَحَدَّث عَن كُنُوز الْمَاضِي بِإِسْهَاب وَشَرْح يَطُول، نبارك لِلْمُؤَلَّفَة هَذَا الْمُنَجَّز الأَدَبِيّ الْجَمِيل وَالْمُفِيدُ فِي الرُّجُوعِ إلَى التُّرَاث.
المصدر: الدستور