تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
طالب الرفاعي.. واسطة عقد الأدب الكويتي الحديث

يمكن أن نطلق على الروائي والقاص طالب الرفاعي بجدارة لقب: «واسطة عقد الأدب الكويتي الحديث»، الرفاعي الشاب النحيل الطويل الذي دخل رابطة الأدباء الكويتيين في منتصف السبعينيات، يوم كانت تضج بالنشاط والأمسيات، ويوم كانت مسرحاً لتلاقي أجيال من الكتّاب الكويتيين والعرب، بشعرائها وكتّابها أمثال: أحمد السقاف، وخالد سعود الزيد، وعبدالله العتيبي، وخليفة الوقيان، وسليمان الشطي، في حينها كان الرفاعي طالباً يدرس الهندسة والبترول في جامعة الكويت، وكان ملاصقاً ينهل من علم وخبرة رائد الرواية الكويتية المرحوم إسماعيل فهد إسماعيل، بحكم القرابة التي تجمع بينهما، ووقتها بدأ الرفاعي بنشر أعماله القصصية في جريدة الوطن الكويتية، يوم كان يرأس تحريرها الكاتب محمد مساعد الصالح، ويشرف ويدير قسمها الثقافي الأديب الفلسطيني وليد أبو بكر. على صفحات جريدة الوطن نشر طالب الرفاعي أولى قصصه القصيرة «إن شاء الله سليمة» بتاريخ 17 يناير 1978، وكان ذلك بمنزلة ميلاد كاتب كويتي عربي يخبّئ المستقبل له حضوراً بطول وعرض الوطن العربي والعالم.


 
ينطلق اليوم في مبادرة عربية غير مسبوقة بإصدار روايته الجديدة «خطف الحبيب» في جميع العواصم العربية مجاناً متنازلا عن حقوقه، ولدى 14 ناشراً عربياً يغطون: الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، عُمان، الرياض، بغداد، بيروت، عمّان، فلسطين، القاهرة، تونس، الجزائر، المغرب، الخرطوم، ولأن المبادرة تُسجّل باسم الرواية الكويتية، ولأن صدور هذه الرواية يُعد حدثاً ثقافياً كويتياً عربياً، غير مسبوق، ويكسر تابوهات النشر العربي وقواعده، فلقد كان لـ القبس هذا اللقاء مع الروائي طالب الرفاعي:

● بداية كيف جاءت فكرة نشر روايتك في عموم أقطار الوطن العربي؟

1631565149548_cErby_large.jpeg

- لم تكن فكرة النشر العربي المشترك وليدة اليوم في رأسي، فلقد عانيت كثيراً من عدم توافر كتبي في هذا القطر العربي أو ذاك. ولفت نظري قيام الكاتب الصديق حجي جابر، بنشر روايته الأخيرة «رامبو الحبشي» لدى ثلاث دور نشر، وكنت في المراحل النهائية لروايتي «خطف الحبيب»، وهذا ما جعلني أتحرك للتواصل مع الناشرين العرب والبحث في إمكانية طبع الرواية لدى أكثر من ناشر.

● في ظل قواعد نشر عربي متوارثة وثابتة، كيف تقبل الناشر العربي فكرة النشر المشترك؟

- لا بدَّ لي من الإشارة إلى أنني ركنت لصداقاتي وعلاقاتي وتواصلي مع الزملاء الناشرين العرب، فبعضهم تحمّس للتجربة، وآخرون ترددوا، لكن بينهم من صارحني باستحالة الدخول في مغامرة نشر عربي يمتد في جميع العواصم العربية، ففي مصر فإن رئيس اتحاد الناشرين العرب السابق الصديق الأستاذ إبراهيم المعلم تكلّم معي مطوّلاً في التجربة، وأبدى مخاوف كثيرة حولها، ولم يكن موقفه بعيداً عن موقف الصديق فخري كريم صاحب دار المدى. لكني بمثابرة وتواصل امتدا لأشهر استطعت إقناع 14 ناشراً يغطون بتوزيعهم جميع العواصم العربية، بإصدار الرواية، وذلك بعد أن تنازلت عن كامل حقوقي المادية، وكان أن حصل الاتفاق بإصدار الرواية في يوم واحد، الأربعاء الموافق 15 سبتمبر، وبصف وإخراج وصورة غلاف تخص كل ناشر.

التزامن مع «طالبان»

● حكاية الرواية تنطلق من واقع أسرة مليونير كويتي، ينتقل ولده ليكون مقاتلاً إسلامياً في سوريا، ومن ثم أسر وخطف الابن على يد جماعة إرهابية من القاعدة، ويقف المشهد الأخير في الرواية في منطقة «زابل» على الحدود الإيرانية ـــ الأفغانية، فهل لذلك علاقة بوصول طلبان للحكم في أفغانستان؟

- أبداً، فأنا بدأت بكتابة الرواية في عام 2016، ثم تركتها وانشغلت في الإعداد لكتابة رواية «النجدي»، وبعدها أصدرت مجموعتي القصصية «رمادي داكن»، ثم انشغلت كثيراً في روايتي «حابي» التي ترصد التحول الجنسي لفتاة كويتية لتكون ولداً، بعدها ومع فزع العالم بـ«كورونا»، عدت إليها لتنتهي بتاريخ 17 يوليو 2021، وعليه فلم يكن وصول «طالبان» للسلطة في كابول في رأسي. لكن القتال في سوريا، وتدخل الجماعات الإسلامية فيه، كان حاضراً منذ 2011.

ترجمة وسيناريو

1631564288317_tmTxA_large.jpeg

● تُرجمت أعمالك الروائية إلى «الإنكليزية» و«الفرنسية» و«الإيطالية» و«الصينية» و«التركية» و«الهندية»، فكيف ترى ترجمة «خطف الحبيب»؟

- الآن، أنا مشغول برصد تجربة صدور الرواية في جميع العواصم العربية، وسأبقى في القرب منها لمعرفة الكثير من تفاصيلها، فهي ستكون مادة أساسية في كتاب أعمل عليه بعنوان «الكاتب والناشر العربي»، ولذا لا أعلم عن إمكانية ترجمتها، وقد يتحمس أي مترجم للتصدي لترجمتها لأي لغة عالمية، ولحظتها لكل حادث حديث.

• بعد تقاعدكم من وظيفتكم مستشاراً للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وإضافة إلى تدريس مادة الكتابة الإبداعية، وكتابة القصة والرواية والمقال الصحافي، فطالب الرفاعي مشغول حالياً بكتابة سيناريو لمسلسل كويتي تاريخي درامي، فما تفاصيل المشروع الجديد؟

- سبق لي أن كتبت السيناريو لمؤسسة البرامج المشتركة، وذلك في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، لكني الآن مشغول بشكل مختلف لكتابة سيناريو حلقات مسلسل تاريخي عن الكويت، وأفضّل أن أترك الحديث عن هذه التجربة لحين تتبلور بشكل كامل، خاصة أنني لا أعمل وحدي بل معي مجموعة عمل من أصدقاء أعزاء، وبالتالي هذا المشروع يخصني بقدر ما يخصهم واحتراماً لاتفاق بيننا فإنني أفضل عدم الحديث عنه.

الثلاثي المُشرق

شكّل: إسماعيل فهد إسماعيل وليلى العثمان وطالب الرفاعي على مدى يزيد على ربع القرن ثلاثياً متألقاً، ووجهاً مشرقاً للأدب الكويتي، وجالوا أقطار الوطن، وشاركوا في مختلف الفعاليات والأنشطة والمحاضرات والمؤتمرات ومعارض الكتب، وبما مكّن الرفاعي من التواصل والاحتكاك وبناء علاقات إنسانية ثقافية وفنية واسعة ومتينة مع أعداد كبيرة من روائيين وقصاصين وشعراء وتشكيليين وسينمائيين وصحافيين وإعلاميين، وهذا ما استثمره الرفاعي على خير وجه يوم غدا مديراً لإدارة الثقافة والفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للفترة (2005 - 2008)، وقتها أسّس «جريدة الفنون»، وكان مديراً لتحريرها، إضافة لكونه مديراً لمهرجان القرين الثقافي، وتالياً مستشاراً ثقافياً لوزير الإعلام الشيخ سليمان الحمود الصباح. 

الناشرون العرب لـ القبس

1631567106048_ZdYEf_large.jpeg

بشار شبارو الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب - دار جامعة حمد بن خليفة للنشر:

1631567170570_Bheue_large.jpeg

مداخلتي سأطلق عليها عنوان «الرواية والكويت والعروبة».. أنا من جيل كان وما زال يحلم بالوحدة العربية وليس سرًا أن الكويت كانت تحمل هذا اللواء.. وهي الرائدة بإشعاعها الثقافي بدورياتها ومجلاتها وكتبها ومواقف أمرائها وحكوماتها، بمحبة شعبها وكرمهم مع إخوانهم العرب. كذلك هذه الرواية وكاتبها محاولة لتوحيد هذه الأمة بقلمه وفكره وكلماته.. فصدرت الرواية لمؤلف ونص ومحتوى واحد في معظم البلدان العربية كي تكون عامل إثبات للوحدة والتوحيد لهذه الأمة.  

سعود المنصور صاحب دار ذات السلاسل عضو اتحاد الناشرين العرب:

1631567221861_WfYrW_large.jpeg

سعدنا بتجربة الأستاذ طالب الرفاعي الجديدة في رواية «خطف الحبيب» فهو يقدم قضايا مهمة ومؤثرة. إنها تجربة كتابة مهمة لأديب كويتي مميز، وقد نشرت له ذات السلاسل من قبل مجموعة مميزة من الاصدارات التي نفخر بها ونعتبرها علامات في الأدب الكويتي المعاصر رواية «النجدي» الممتعة وكتاب «لون الغد» الاستقصائي عن أزمة «كورونا» ورواية «حابي» وقصص «رمادي داكن» وكتاب «القصة القصيرة العربية».. أعمال كلها ناجحة ومهمة.. نفخر بالنشر لقامة بحجم طالب الرفاعي صاحب الفكر المستنير الراقي. 

1631567263456_lkzdY_large.jpeg

إبراهيم المعلم الأمين العام السابق لاتحاد الناشرين العرب صاحب دار «الشروق» المصرية:

1631567300271_cGDjf_large.jpeg

أحيى حرص الروائي طالب الرفاعي على إيصال أدبه وأقدر وجهة نظره ولكني أختلف معها بكل المحبة والود.. ولا أعتذر عن حرصنا على مفهومنا ومبدأنا ومهنيتنا.. وإصرارنا على الحفاظ عليها وعلى ما بنيناه وحافظنا عليه بشق الأنفس وسط العواصف والأعاصير.. وآمل أن يحافظوا عليه من بعدي.

1631567338449_nEOJD_large.jpeg

إن مشكلات إدراك قيمة وحماية حقوق المؤلف والملكية الفكرية أصبحت في مهب الريح.. والأعجب أن الأصوات التي لا تزال تحيي الأمل في صيانتها اقتصرت على قلة من الناشرين وبعض اتحاداتهم على حياء.. والعجب العجاب ألا نسمع صوتاً مدوياً للكتَّاب والأدباء واتحاداتهم. 

نورا رشاد مديرة الدار المصرية - اللبنانية (مصر):

1631567541094_ZWfTZ_large.jpeg

تجربة مختلفة ونحن سعداء بها وشعرنا أنها جديدة، فأحببنا خوض هذه التجربة، خصوصاً في الظروف التي فرضتها علينا «كورونا» تعتبر فرصة أن يُتاح الكتاب في 14 بلداً في وقت واحد بعد أن تم الاختيار بعناية 14 ناشرًا مرموقًا ومميزًا. نحن متحمسون جدًا لهذه التجربة التي يمكن أن تكشف لنا الحل في عوائق التوزيع التي كنا نعاني منها في السابق، لا سيما حينما تنشر كتابًا يكون سعره في بلد المنشأ أرخص من الكتب المستوردة التي تضاف إليها مصاريف الشحن وغيرها. نتمنى أن نحقق شيئًا لافتًا لا سيما أن اسم طالب الرفاعي كبير في عالم الرواية والكتابة الأدبية، وهذا الأمر حفزنا للتعاون معه، فالسوق المصري ينتظر دائمًا الكتاب العرب المميزين. 

محمد سيف الرحبي (دار «لُبان» عمان):

1631567579887_TuWlF_large.jpeg

تجربة تستحق الالتفات كونها أدخلت مفهوماً جديداً في حركة النشر التي لم يعرف عالمنا العربي لها مثيلاً. وبالنسبة لنا في دار لبان بمسقط لم ننظر لفكرة الروائي طالب الرفاعي من خلال حسابات ناشر بل لأن المؤلف له حق علينا. سبقته محبته إلينا، وكان ردي أنه صاحب الدار ويقرر ما يشاء. وسعادتي الشخصية في المشروع الجديد أن عملاً باحترافية كهذه وانتشار كهذا أن نكون جزءاً في النجاح، ولنا شرف ان تخرج لبان من محليتها برواية عليها اسم طالب الرفاعي. وأن تفتح أفقاً على منجز أدبي من الكويت. مدرستنا الثقافية الأولى في خليجنا العربي. 

جمال الشحي (دار «كُتّاب» الإماراتية):

1631564969370_ZqtOU_large.jpeg

بداية تجربة النشر المشترك بين الناشرين العرب، بحد ذاتها فكرة خلاقة.. لأنني مؤمن أن مهام الثقافة هي التعاون.. ولكي تنجح لا بد أن تتعاون في مجال النشر. أعتقد أن رواية «خطف الحبيب» تجربة غير مسبوقة في النشر العربي الذي نطمح أن يتطوّر عامًا بعد عام، ونحن في دار «كُتّاب» جزء من هذا المشروع الذي أتوقع نجاحه إن شاء الله. لهذا المشروع عدة دلالات؛ الأولى - أننا نستطيع أن نتعاون حتى في الأوقات الصعبة.. الدلالة الثانية، أن المنتج الجيّد والكاتب الجيّد سيفرضان أنفسهما.. أن سبب موافقتنا هو جودة المنتج وجودة الكاتب وعندما يكون لديك محتوى جيد، ستفتح لنا كل الأبواب.

موسى الموسوي (دار «فراديس»..البحرين):

1631565177080_CcMfl_large.jpeg

رأيي بالنسبة لمشروع النشر المشترك أنها مبادرة جميلة جدًا وأول تجربة تقام ليس في الخليج فحسب، بل في الوطن العربي بأكمله، وأعتقد أنه سيكون لها صدى جميل جدًا وستكرر الفكرة بأعمال أخرى لأدباء آخرين. مهم للغاية أن العمل الأدبي يصدر بوقت متزامن في أكثر من قطر عربي وعمليًا في يوم محدد، وذلك سيعطي فرصة كبيرة للكاتب أن يتم اقتناء عمله بسرعة فائقة.. أتمنى نجاح هذه التجربة وتعميمها.  

صالح عباسي (دار «مكتبة كل شيء».. فلسطين):

 

أن توزع الرواية في يوم واحد في أكثر من 14 دولة عربية، أمر فيه تجديد ومفاجأة بمعناها الجميل من أجل نشر الكلمة الناقلة للمعرفة والفكر والجمال وهذا التعميم المباشر لكل عشاق الكلمة في الوطن العربي يخفف عن القارئ في كلّ بلد مشقة البحث عن الرواية.. ولا يضطر لانتظار المعارض الدولية من أجل الحصول عليها.. هذا البحث قد يستغرق أحيانًا أكثر من عام ريثما يُقام المعرض في نفس الدولة لغرض الحصول على الرواية. إنه تجديد جميل رغم أنه عصيّ، ويسجل للمؤلف صاحب هذه الفكرة الروائي طالب الرفاعي، فهو مبدع يتميز بفرادته.. آمل أن يصبح ذلك تقليدًا إيجابيًا للروائيين الكبار حتى تنتشر الكلمة بسرعة. 

بسام كردي - المغرب:

هذه التجربة وافقت عليها من أجل طالب الرفاعي فقط، ومستحيل أعملها مع مؤلف آخر. لأني سأفقد دوري كناشر وموزّع وهي عملياً بالنسبة لي تجارياً خاسرة لأن في المغرب الطاقة الشرائية لا تسمح بغلاء الكتاب؛ لذلك أضطر لبيعه بسعر أقل بضعف مما يكلفني. لكنها بالنسبة للكاتب تجربة غير مسبوقة وناجحة وخضت هذه التجربة من أجل شخص الكاتب الكريم ولمعزته.. وكناشر أفهم الكلمة من الانتشار كذلك، لذلك أطمح أن تنتشر كتبي في كل الأقطار العربية ولكن عملية «الانتشار» غير متوافرة في هذه التجربة التي ستبقى محصورة في المغرب وبطبعي أحب خوض تجارب ومغامرات جديدة ويشرفني ذلك.

 

 

المصدر: القبس الثقافي 

15 سبتمبر, 2021 03:05:57 مساء
0