تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
د. صبري اربيحات المركز الثقافي الملكي يتأمل «المحركات الثقافية العميقة للثقافة الأردنية»

في حوارية ثقافية تحدث أستاذ علم الاجتماع ووزير الثقافة الأسبق د. صبري اربيحات، بحضور نخبة من المثقفين والإعلاميين والمهتمين نظمها المركز الثقافي الملكي َوقدم لها الدكتور سالم الدهام مدير المركز الثقافي الملكي وشارك فيها الكاتب والشاعر الدكتور عبد المهدي القطامين، جرت هذه الحوارية التي حملت عنوان «المحركات الثقافية العميقة للثقافة الأردنية»، وذلك مساء يوم الأحد الماضي.

 

وقال د. اربيحات: الثقافة هي مجموعة الافكار والتصورات والقيم والمعتقدات والتقاليد والاساطير والقصص واللغة والطقوس والرموز واللباس والاطعمة وكل العادات والممارسات التي تنتج عن علاقة الجماعة بالمكان والتفاعلات التي تتولد بين الاعضاء عبر الزمن وعلي مر الاجيال لتصبح العقل الجمعي الموجه للتفكير والشعور والسلوك والصورة التي تشكلها الجماعة لنفسها والقصة التي ترويها لنفسها عن نفسها وتنقلها من جيل الى جيل بواسطة ادوات التنشئة والتدريب.

 

وأضاف: التباين الواضح بين الصورة الوردية التي ترسمها القيم والاخلاق والافكار والمعاني المستمدة من الاشعار والكتب المقدسة والتراث والممارسات البراجماتية المفرغة من القيم والدلالات يجري تجسيرها بخطابات اعلامية تجميلية غير مقنعة الامر الذي اسهم في خلق حالة انفصام عميق في الشخصية واورث المجتمع حالة من القلق والشك والتوتر.

 

المؤسف بحق هو اعادة وتكرار القصص والروايات وتخليق ثقافة هجينة تستند على القيم والتراث لفظيا وتستعير من السوق الممارسات التي لا تمت بصلة للقواعد والموجهات التفسيرية التي نعمد لحشدها عند توصيف وعرض الواقع.

 

وأضاف د. اربيحات: المطلوب اليوم ومع دخول الدولة المئوية الثانية اصلاح ثقافي تربوي اعلامي يتناول كافة الابعاد والمدخلات المتعلقة ببناء الانسان وتجاوز مرحلة التباين والفوضي والتأزيم الناتج عن العلاقة القائمة بين البنى التحتية للممارسات والبنى الثقافية الفوقية لها.

 

في كل المجتمعات تعتبر الثقافة اللحمة التي تجمع الافراد وتشكل خصوصيتهم وتصقل ذواتهم وتميز الجماعة عن غيرها من الشعوب والجماعات الاخرى. في بلادنا بقية الثقافة منفتحة والهوية تحت التشكيل كان ذلك لاسباب تتعلق بالموقع وطبيعة تشكل الدولة وخطابها واسس نشأتها والازاحة في الاولويات وزخم الضغوط الدولية والاقليمية والنزاعات العربية والخريطة الديمغرافية للسكان والتارجح بين الاهداف القومية والمطالب القطرية وغيرها من العوامل التي اخرت البت في ملامح الهوية وجعلت المستقبل مفتوح علي كل الاحتمالات.

 

وقال الكاتب الصحفي الدكتور عبدالمهدي القطامين بما ان الثقافة هي في الأصل قيم تترجم سلوك اقوام وناس وامم ضمن بيئة مجتمعية محددة فان ما يحركها في الأصل محركات تتغير بين مجتمع واخر وتختلف اوزانها النسبية بين قوم واخرين، ووجدت وانا اقلب الامر من كل جوانبه اننا نظلم كثيرا الثقافة حين نصنفها على انها اردنية او سورية او يمنية او مصرية او عراقية فهذه الأقطار كلها تشترك في صياغة مفهوم الثقافة العربية الجامعة التي لا تقبل ابدا ان تنحاز الى تقسيمات سياسية اوجدها شخصان ذات ضعف عربي وهزال وتآمر اجنبي لكننا اذ نغضي قليلا عن بعض مصطلحات لا نقرها في اعماقنا ونلوذ بحمى الواقع الذي القى ظلاله علينا عبر مئة عام من التقسيم والضعف والعصف الذي أطاح بمفهوم الامة الواحدة وثقافتها الجامعة منطلقين من مبدأ ان البحار لها روافدها من الأنهار واذا ما سلمنا بصحة هذا القول يمكن لنا لحظتها الولوج الى الثقافة الأردنية باعتبارها رافد من روافد الثقافة العربية ثم نسمح لأنفسنا ان نتساءل قليلا ما هي محددات وما هي محركات الثقافة الأردنية سواء كانت محددات او محركات عميقة كما هو عنوان هذه الندوة او غير عميقة كما يقول الواقع أحيانا الذي تفرضه مسلمات المجتمع بين الحين والأخر.

 

واضاف القطامين، اجزم من باب التجربة وليس من باب اليقين الذي لا يقبل الشك ان الثقافة المجتمعية هي المحرك الأول للثقافة الأردنية على وجه العموم وان العمل والمنتج الثقافي الأردني ساير مثل هذا التوجه بحثا عن الشعبية والانتشار فلا يمكن لمثقف ان يكون مؤثرا في مجتمعه اذا ما انفصم عن الثقافة المجتمعية السائدة او كان مغايرا لها او على تضاد معها ثم ان من محركات الثقافة الأردنية العميقة الدين باعتباره يمثل القاسم المشترك الأعظم لشرائح المجتمع كافة يليها القيم المجتمعية السائدة في المجتمع والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالتراث ومكوناته وقبل هذا كله تشكل اللغة الوعاء الاثير لحمل الثقافة الى مصافها الحقيقية كبانية نهضة وعمران وتقدم.

 

 

 

المصدر: الدستور

21 سبتمبر, 2021 10:07:59 صباحا
0