تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
محمد مصطفى القباج.. خيطٌ بين المسرح والفلسفة

في كتابه الصادر حديثاً عن "دار أبي رقراق" تحت عنوان "المسرح والفلسفة: بعض من تجلّيات صلات وثيقة"، يعود الباحث المغربي محمد مصطفى القباج إلى جذور العلاقة بين الفلسفة والمسرح والتأثير المتبادَل بينهما، مذكّراً بأنَّ الفلاسفة، منذ العصر الإغريقي وإلى اليوم، اتّخذوا من المسرح موضوعاً لتأمُّلاتهم وتنظيراتهم، بينما يستوحي المسرحيّون أعمالاً من القضايا التي تطرحُها الفلسفة.

يضمّ الكتاب أربعة محاور؛ هي: "أرسطو ابن رشد"، و"أرسطو بريخت"، و"مسرح المواقف"، و"مسرح العبث أو دراما اللامعقول"، إلى جانب ملاحق تضمّ نصوصاً لأرسطو وابن رشد.

في مقدّمته، يكتب القباج، الذي يجمع بين البحث في الفكر الفلسفي وتاريخ المسرح، بأنّ: "ما بين المسرح والفلسفة من الصلات الوثيقة والمراوحات أخذاً وعطاءً بثّت في العطاءات المسرحية أنفاساً فلسفية، وأصبح لأهل المسرح اقتناع بأنه لا مسرح دون مرجعية فلسفية"، مشيراً إلى اعتمادهم على المعرفة الفلسفية التجريدية وفروعها؛ مثل الميتافيزيقا والأنطولوجيا والمنهجيات والجماليات والأخلاقيات.

وفي المقابل، "أسهم المسرح في توسيع قاعدة المستوعبين للفلسفات وأنساقها، وقد بسّط لهم أفكارها ومفاهيمها وبراهينها، وفكّ ألغازها". وبفضلٍ من هذا التبسيط، يضيف القباج، انجذب الفلاسفة إلى المسرح لأنهم وجدوا فيه الوسيلة الأمثل لتبسيط وترويج أفكارهم، مستشهداً في هذا السياق بكل من ألبير كامو وجون بول سارتر اللذين كتبا نصوصاً مسرحية بمشاغل فلسفية، وأيضاً بأعمال بريشت وبيكيت ويونيسكو التي اعتبرها مقابلاً لتنظيرات أرسطو وهيغل وكانط.

ويرى صاحب "من قضايا الإبداع المسرحي" أنّ العلاقة بين المسرح والفلسفة تتمظهر في عدّة مستويات؛ باعتبار أنَّ "المسرح إنتاجٌ مركَّب؛ فهُو لغوي ومعرفي أدبي وتقني، ويشكّل موضوعاً للتفلسف"، مشيراً إلى أصوله التاريخية والطقوسية والمحفلية، والتي لها علاقة بالنظرة "الميثية" للطبيعة والإنسان والتاريخ، أو الفرجة الأولمبية أو بالظاهرة السقراطية.

ويعتبر المؤلّف أنَّ الفلسفة، وهي تتعامل مع المسرح، تنطلق من موقعها كمعرفة تجريدية. وعلى العكس من ذلك، فإنّ المسرح حين يستوحي من الفلسفة بعض تأمّلاتها، فإنّه يُحوّلها إلى مواقف حياتية تعتمد بالأساس حضور جسد الممثّل فوق الخشبة.

 

 

 

المصدر:العربي الجديد

28 أكتوبر, 2021 03:26:27 مساء
0