تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
ندوة لجمعية النقاد تعاين "النقد السينمائيّ في الأردن بين المُنجز والمأمول"

عقدت جمعية النقاد الأردنيين يوم السبت 14/11/2021 ندوة نقدية بعنوان "النقد السينمائي في الأردن بين المُنجز والمأمول " تمحورت حول واقع النقد السينمائي في الأردنوعلاقتهبما هو كائن وما يفترض أن يكون، وتأتي الندوة، وهي السابعة لجمعية النقاد، في سياق سلسلة من الندوات تعكف الجمعية على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الناقد الأستاذ رسمي محاسنة قراءة نقدية فاحصة لسياق نشوء وتطور النقد السينمائي في الأردن واقع هذا النقد والتحديات التي تواجهه، وقد أدارت الندوة الدكتورة دعاء سلامة.

في مستهل الندوة أشارت الدكتور دعاء سلامة إلى الأهمية التي توليها جمعية النقاد الأردنيين للحالة النقدية المتنوعة في الأردن في مئوية تأسيس الدولة وبما يخدم الإبداع والنقد والتنوير الثقافي، وقد شكلت السينما بوصفها الفن السابع أداة ترفيه وتوجيه ترتقي بمستوى المشاهد وتعلي من ذائقته الفنية. 

أما ضيف الندوة الناقد رسمي محاسنة فاشتغل في بداية ورقته على الإطار التاريخي للسينما وللنقد السينمائي في الأردن منذ عشرينيات القرن الماضي مع إنشاء قاعات السينما الصامتة وبالعودة الى تلك الحقبة وماتلاها من عقود، فانه بالمنطق لن يكون هناك أكثر من الدهشة التي قابلت هذا الفن الجديد، ولم تتكرس بعد ثقافة سينمائية، او اهتمامات اعلامية، ولكن لاحقا وفي أواسط القرن الماضي، فقد بدأت تظهر مؤشرات، مثل الإعلانات عن الأفلام الجديدة، او ما يصل متأخرامن أخبار عن نجوم السينما، وكانت هناك كتابات انطباعية من بعض الكتاب،في الصحافة الأردنية، تتناول السينما بشكل أو باّخر.

ويشير المحاسنة إلى أنّ النقد هو لاحق على السينما، فالنقد هو خطاب على خطاب، والخطاب النقدي ليس هناك اتفاق على تأطيره، او وضعه في تعريف جامع ومحكم، فهو يمتد من الكتابة الانطباعية، الى النقد الاكاديمي الصارم.

وفي تعريجه على دور الصحافة في هذه المجال يؤكد المحاسنة على أنّ اهتمام الصحافة الأردنية بالسينما، قد أخذ حجما أكبربسبب وجود صحفيين متنورين كمحمود الشريف، الذي كان من الطبيعي ان يعطي الضوء الاخضرلتتمدد السينما على مساحة أكبر من الصفحات الثقافية والفنية والمنوعات.وبالرغم من أن نهاية خمسينات القرن الماضي شهدت ولادة أول فيلم روائي أردني،وفي الستينات كانت هناك حركة نشطة،خاصة مع إنشاء دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الثقافة الاردنية، وايفاد شباب لدراسة السينما، وعودة البعض من معاهد السينما، إلا أن ذلك لم يعمل على تحريك أجواء النقد السينمائي في الأردن.

أما عن البداية الحقيقية للنقد السينمائي فكانت أواخر السبعينات و بداية الثمانينات، ويبدو أن الاشخاص هم الذين يصنعون الحالة،وليست المؤسسات، فإنه مع عودة الناقد حسان أبو غيمية، والمخرج والناقد عدنان مدانات إلى الأردن،بعد تجربة ثرية في النقد والثقافة السينمائية ونوادي السينما، في كل من دمشق وبيروت،فقد استطاعا أن يؤسسا لبيئة ثقافية سينمائية،استقبلها المثقف الأردني بالترحاب. لكن المفارقة ان التناقض في الأساليب بين “أبو غنيمة ومدانات” قد باعد ما بينهما، رغم الإيمان المطلق عند كليهما، بأهمية السينمافي صياغة الوعي الجمعي، وكونها واحدا من الروافد الثقافية المهمة، فكلاهما ينتمي بشكل أو بآخر إلى اليسار الذي لم يغفل دور السينما في التعبئة والثقافة الجماهيرية. 

وقد ركّز المحاشنة في ندوته على جملة من النقاد السينمائيين الذين كان لهم الفضل في النهوض في هذا المجال وعلى رأسهم الناقد حسان أبو غنيمة و ناجح حسن لدية تجربة معايشة ورسمي محاسنة وحكم غانم وحسن الدباس، وعودة عودة. أما حسان أبو غنيمةفقد أصدر مجموعة من الكتب السينمائية بدأها بكتاب "السينما ظواهر ودلالات"، ثم كتاب "حوارات مع السينما العالمية" وكتاب "حول النقد السينمائي" وكتاب "عن السينما الصهيونية" وكتاب "فلسطين والعين السينمائية" و"من الجانب الآخر للثقافة السينمائية" بالتعاون مع ريما العيسى،وكتاب "نماذج من سينما مختلفة" و"المفاهيم الجمالية في السينما" و"الأغنية السينمائية في الشكل والمضمون"إلى جانب مجموعة من الكتب التوثيقة حيث كان حريصا على مسألة توثيق الذاكرة. لقد كرس أبو غنيمة حياته للثقافة السينمائية، حيث له محاولات في الإخراج السينمائي، كما أنه استطاع أن يدفع التلفزيون الأردني لتقديم برامج لها علاقة بالسينما والثقافة السينمائية، بدأها عام 1982 بالمنتدي الثقافي،ومحطات صغيرة، وكلاكيت، وسلسلةسينما على مدار أربع سنوات.

كما توقف المحاسنة مطولا عن أبرز المؤلفات النقدية السينمائية التي ظهرت بعد جهود حسان أبوغنيمة منها كتاب ناجح حسن "كتابي" وكتاب السينما والثقافة السينمائية في الأردنوكتاب "الآن على الشاشة البيضاء"، وكتاب "شاشات النور" و"شاشات العتمة". كماأصدر حسن الدباس كتاب”مقعد أمام الشاشة”،وكتاب”سينمائيون أجانب في دائرة المواجهة”للصحفي “عودة عودة” ،كما صدرعن النادي السينمائي الأردني للمخرج السوريمروان حداد كتاب”هموم سينمائية”.

أما الناقد الثاني الذي ركّز عليه من المحاسنة في ورقته فهو عدنان مدانات الذي تخرج في جامعة موسكو عام 1970 وتخصص في التلفزيون والسينما التسجيلية، وأخرج العديد من الأفلام والمسلسلات، ومن أبرز مؤلفاته "بحثا عن السينما"و"الهوية القومية في السينما العربية" و"غرائب الأيام في خفايا الأفلام"و"مختارات سينمائية". و"حكايات من ليالي العنف في بيروت". و"مسارات الدراما التلفزيونية العربية" ، و"تحولات السينما العربية المعاصرة"، و "سينما تبحث عن ذاتها"، و"أسئلة السينما العربية" و "أزمة السينما العربية"، و"وعي السينما"، و"السينما التسجيلية- الدراما والشعر"، و"الحقيقة السينمائية والعين السينمائية"، و"أحاديث حول الإخراج السينمائي".

وبالنظر إلى واقع العروضات السينمائية اليوم يشير المحاسنة إلى جهود النادي السينمائي الأردني، ولجنة السينما في مؤسسة شومان، فإنه بين وقت وآخر تتم بعض العروض، سواء من خلال السفارات الإجنبية في عمان، التي تعرض أفلامها في أماكن العرض العام، أو الهيئة الملكية للإفلام، أو الجامعات، أو الروابط الثقافية التي تحاول أن يكون لها مساهمة في العروض بهدف التثقيف السينمائي، وإن كانت متقطعة ومتباعدة.

وختم المحاسنة محاضرته بإثارة إشكالية تواجه السينما والنقد السينمائي تتعلق بحالة الوعي السينمائي وبين الفنانين بشكل عام الذين قلما يتواجدون في العروض، أوالمخرجين الذين قدموا أفلاما سينمائية أردنية، الذين هم الأكثر غيابا عن الحضور والمشاركة والتفاعل في الحياة الثقافية السينمائية.وهناك شبة فطيعة بينهم وبين جمهور السينما. رغم أن المنطق يقتضي أن يكونوا حاضرين دوما، وفاعلين في الحياة الثقافية. ولابد أيضا أن نشير إلى تلك الاحتفاليات الزائفة، والمبالغات التي نراها أحيانا في صحافتنا الوطنية، بأعمال لاترقى للمستوى المطلوب، ولا تتوفر فيها اشتراطات الحدود الدنيا من الناحية الفنية، إلى جانب المضامين التغريبية، او التي تنهش في بنية المجتمع الأردني في بعض الأفلام. مختتماً بتساؤل مفتوح حول تأثير النقد السينمائي على نوعية ومستوى الأفلام الأردنية المنتجة حديثا فنيا وفكريا.

 

 

 

 

المصدر: الدستور

16 نوفمبر, 2021 10:24:04 صباحا
0