تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
فوز «نبيل الأدب والنقد» بجائزة «العويس الثقافية»

لكل مجتهد نصيب.. ستون عاماً من التأليف والتميز والإبداع لا بدّ أن تُجنى ثمارها..

أن تحترف الكتابة يعني أن تصبح على عاتقك أمانة كبيرة يجب أن تصل إلى القراء بكل مصداقية..

الروائي والناقد السوري نبيل سليمان أوصل هذه الأمانة بكل مصداقية إلينا، وجعلنا نشعر بكتاباته كأنها مخطوطات نادرة نغوص بأحرفها وكلماتها، وهو من أبرز الروائيين والنقاد في العالم العربي، له بصمة خاصة تميزه عن غيره من الروائيين، فعالم الرواية بالنسبة له هو مزج بين الواقع والخيال لدرجة تجعلك تتساءل هل الخيال حقيقة في رواياته؟ وذلك لقدرته المميزة على صياغة الحروف والأحداث بطريقة تشد القراء بكل أعمارهم وثقافاتهم.

وأهم ما يتصف به الروائي الناقد نبيل سليمان هو البحث الجاد والمصداقية والدقة في البحث عن المصدر والتقصي عن المعلومات الصحيحة إلى أن يصل إلينا بالشكل الذي يرضي ذائقة كل القراء.

ليست الجائزة الأولى

ويمكن القول إن هدف رواياته بالغالب لم يعد «كيف تعيش، بل كيف تنجو».

هي ليست الجائزة الأولى التي ينالها، ولا التكريم الأول وحتماً ليس الأخير...

فقد حاز العديد من الجوائز، أبرزها جائزة «باشراحيل» للإبداع الثقافي، وحازت روايته «مدارات الشرق» المرتبة العشرين في قائمة أفضل مئة رواية عربية، وفي عام 2014 أصدر سليمان رواية «جداريات الشام» التي تمثل الواقع السوري، ومن رواياته الحديثة «تاريخ العيون المطفأة» التي صدرت عام 2019.

ولا بد أن نتفق على أن الجائزة هي منحةٌ أدبية ومعنوية وتكريمية قبل أن تكون دعماً ماليّاً للمجتهد والمختلف والخلاق والمُميَّز بين أقرانه في مجاله، وقد أضاف الناقد الروائي نبيل سليمان، وأسهم، وأتى بجديدٍ في كتاباته، ولذا استحق الجائزة والجائزة ليست تخصُّ الفائز بها فقط، ولكنَّها مؤشرٌ على حال الكتابة والكِتَاب وعملية النشر، ومسار ومصير الإبداع وفنونه المختلفة، ومدارسه واتجاهاته المتنوعة، فالجائزة ــ أية جائزة ــ تكرِّس تجارب جمالية، وتصنع تياراً فنيّاً، وتحفر مجرى مهماً في نهر الكتابة الدافق، وتبني أفقاً رحباً، وتوسِّع الاختيار، وتكشف الجديد الذي كان مخبُوءاً أو مسكوتاً عنه، بمنأى عن الحزبية والأيديولوجيات. أما الجائزة – أية جائزة – إذا نأت عن معيار الجودة، وفضيلة التعدُّد والتنوُّع، والضبط العلمي الذي يحتكم إلى الموضوعية والتجرُّد بعيداً عن اسم المُرشَّح أو اسم دولته، فلا معنى للجائزة وأي أسلوب آخر غير الموضوعية هو تكريس للتخلُّف والتقليدية والتكلُّس والأحادية، ومُعاداة للحداثة والتطور والتقدُّم والتنوُّع والتغيير والابتكار والخلق، ولن يكون هناك تفاعلٌ حقيقي بين أهل الكتابة والكتاب واسم الجائزة. الجائزة أيضاً دافع للكاتب ودفاع عن الكِتاب، هي سبيل للاجتهاد والمجاوزة، ومن يقفل باب الاجتهاد لا يستحق أن يحكم، بل لا يستحق أن يعيش.

الأسلوب والإنجاز

تميز أسلوبه الذي تحدث عنه النقاد والأدباء بأنه أسلوب «روائي يجمع بين التوثيق والخيال»، كما تميزت «تجربته السردية بالقدرة على المزاوجة ما بين التوثيقي والتخييلي، وما بين السوسيولوجي والسياسي، فرواياته، بالرغم من استنادها إلى التاريخ مادة، ترتفع بهذا (التاريخي) إلى مرتبة (المتخيل)» بحسب ما ورد في بيان الأمانة العامة لجائزة سلطان العويس.

كتبه النقدية كانت أشبه بالدستور الذي تربى عليها الكثير من الأجيال، أذكر منها كتابه «الأدب والإيدلوجيا في سوريا» الذي أثار زوبعة من ردود الأفعال في الوسط الثقافي وقت صدوره آنذاك.

وعن فوزه بالجائزة، يقول الروائي نبيل سليمان لموقع تلفزيون سوريا: «فوزي كان مفاجئاً، لأني لم أكن أنتظر إعلاناً من هذه الدورة ولا من سابقاتها. إنها لحظة سعيدة بلا شك، وتمنح شعوراً غامراً بالأمان.. فالكاتب العربي (غير السلطوي) عموماً، الذي لا يدور في فلك سلطة ما سياسية أو دينية أو غيرهما، يعيش في زمن لا يحسد عليه، بدءاً من انعدام حرية التعبير، وانتهاء بالضيق الذي يستهدف حتى لقمة العيش».

سيرة

ولد الكاتب والروائي والناقد السوري نبيل سليمان عام 1945 في مدينة صافيتا بمحافظة طرطوس. تلقى تعليمه في مدينة اللاذقية، وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة دمشق عام 1967.

عمل في التدريس بين عامي 1963 - 1979، وأسس دار الحوار للنشر والتوزيع عام 1982 في اللاذقية.

عضو جمعية القصة والرواية. تفرغ للكتابة منذ عام 1989، وتُرجمت بعض أعماله إلى الروسية والأسبانية والإنكليزية.

النتاج الروائي: «ينداح الطوفان» 1970. وهي أولى رواياته، «السجن» 1972، «ثلج الصيف» 1973، «جرماتي» 1977، «المسلة» 1981، «هزائم مبكرة» 1985، «مدارات الشرق: الأشرعة» 1990، «مدارات الشرق: بنات نعش» 1990، «مدارات الشرق 3: التيجان» 1993، «مدارات الشرق 4: الشقائق» 1993، «أطياف العرش» 1995، «مجاز العشق» 1998، «سمر الليالي» 2000، «في غيابها» 2003، «درج الليل ــ درج النهار» 2005، «دلعون» 2010، «مدائن الأرجوان» 2013.

الأعمال النقدية والفكرية: جماليات وشواغر روائية 2003، أسئلة الواقعية والالتزام 2005، أقواس في الحياة الثقافية 2001، وهي الذات والعالم 2001، أسرار التخيل الروائي 2005، المساهمة الروائية للكاتبة العربية 2011، الرواية العربية والمجتمع المدني 2010.

 

 

المصدر: القبس الأقتصادية

20 نوفمبر, 2021 03:04:35 مساء
0