تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
واقع النتاج الفكري والتحديات

منال هاني * - 


لا شك دوما أننا حين نتجول بين كل هذا الزخم الفكري الذي أنتجته جوانب من الفكر الانساني المتفوق على سربه «بشكل أو بآخر قد لا يكون منصفا أو محقا دوما»، ورسمت ملامحه المشوشة الخالية من العمق غالبا تلاطمات بزغت من تمازج معقد من الخارج، واهٍ وفارغ من الداخل واختلاط مترنح القوى بين اقتباسات غير مفهومة غالبا واندفاعات إبداعية غير مصقولة وناضجة عموما مما يضعنا أمام تشوه كبير نشأ في رحم الفكرة غير الملموسة وغير المدروسة والتي تمخضت عن عدم وعي وتثقيف حقيقي ومثمر وفعال للعقل النير والتعبير المتحضر الذي لم يمتلك بعد أدواته التي ترسم خطوط السرد وتجيد حياكة العبارة بمنطق مضمون الفهم من المتلقي البسيط أو المثقف.

 

إن عدم كفاية الأدلة على كفاءة الكاتب تجعلنا أمام مفترق طرق خطير يودي بمستقبل النتاج الفكري عموما نحو غوغائية لا تلبث أن تتلاشى تحت سندان النقد للطرح الحقيقي «إذا وجد ومنح الفرصة أصلا للقيام بدوره والقبول به»، ولا تلبث أن تصبح عدمًا أمام امتحان التاريخ وغربلته للنوع والجودة اعتمادا على ضوابط أصلا تعاني خللا تقييميا يؤثر في حسن سير الانتقاء بإنصاف.. ناهيك عن دور القوى الأخرى الموازية لهذا الانتقاء والتي تشكل ثقلا مؤثرا يحرك اتجاه النتيجة حيثما تقرره هذه القوى أو تتقاطع فيه أهدافها.. والتي تبلغ في ذروتها تلك القوى سوء تغذية العقل الحاد والمصادر الملوثة المرتبكة للتاريخ والفكر المطروح كمدرسة يعتمد عليها لتأسيس بنى تحتية للثقافة الانسانية المستديمة التطور بشكل متوازن وعقلاني يتقبل ويتفهم ويناقش ويستوعب ثم ينتج على الوجه الصحيح..

 

وطالما أننا سائرون دون تقويم وإصلاح حقيقي واع تقوده شريحة نخبوية تفهم وتدرك معنى المسؤولية وتتبنى نكران الذات ومصلحة الجميع شعارا لخطوتها ودون السماح لأي اختلال في خط مسير النظام الموضوع تلقائيا والمولود في لاوعي اللحظة دون إسراف وإسفاف، هل سيبقى الحرف يمارس مولوية فارغة حول مركز وهمي معرض للتبدل والتشوه حسبما تقتضيه ظروف الحال أم أننا سنتفق ونتجه إلى ثورة فكرية تعيد نصاب الإبداع الى منصة القلم المجرد من التكرار والقولبة والنمطية؟..

 

ربما سننهض من سباتنا وتحلق أفكارنا خارج حدود القطيع لنرسم مستقبلا يستحق الفخر به.

 

 

 

 

 

المصدر: القبس الثقافي.

16 يناير, 2022 01:57:32 مساء
0