التشكيل والتراث المحلي.. تناغم وتفاعل مجديان
يظل الفنان التشكيلي ابن بيئته، من وحيها يبدع، ليسرد ويروي عبر أعماله سيرة ومسيرة وطن، ويعرف المجتمعات الأخرى بما تتميز به دولته من شواهد وأماكن تاريخية وأثرية عريقة، تعكس قصص وحكايات ما صنعه أجداده من منجز حضاري عبر التاريخ. وانطلاقاً من أهمية تراث الإمارات وتاريخ الدولة الملهم، ولكونهما مصدرين من مصادر الإبداع، فقد أخذ الفنانون الإماراتيون على عاتقهم، وفقاً لما يراه بعض المختصين في هذا الشأن، توثيق تراث وتاريخ الإمارات العريقين، ما يثرى معارف الجمهور بمنجزات وملامح الدولة قديماً وحديثاً.
«البيان» حاولت أن ترصد جهود المبدعين في هذا الشأن، من خلال الاستطلاع الأسبوعي، حيث طرحت سؤالاً على متابعيها عبر منصاتها في فضاءات مواقع التواصل مفاده: هل تسهم نتاجات الفن التشكيلي في توثيق التراث والتاريخ المحليين؟
وأظهرت بيانات الاستطلاع نجاح نتاجات الفن التشكيلي في هذا الجانب، إذ أوضح 60% من المشاركين بالاستطلاع على موقع البيان الإلكتروني، أن نتاجات الفن التشكيلي تسهم في توثيق التراث والتاريخ المحليين، بينما أكد 40% غير ذلك، وجاءت نتائج التصويت على منصة «البيان» على «تويتر» متقاربة، حيث اتفق 68.4% على أن نتاجات الفن التشكيلي تسهم في توثيق التراث والتاريخ المحليين، بينما رأى 31.6 % عكس ذلك تماماً.
وتعليقاً على هذه النتائج، قالت الفنانة التشكيلية الإماراتية نجاة مكي لـ«البيان»:«إن التاريخ والتراث يربط الماضي بالحاضر عبر المبدعين، وإن نتاجات الفن التشكيلي وثقت بكل تأكيد التراث والتاريخ الإماراتي العريقين، فقد جسد الفنان الإماراتي التراث بجوانبه المتعددة من خلال عوالم الفن التشكيلي، فلو أمعنا النظر في أعمال الفنان عبد القادر الريس لوجدنا أن لوحاته وأعماله اهتمت كثيراً بالتراث ولا سيما المعماري، كما جسد في عدة لوحات السفن القديمة والبحر، فضلاً عن أعماله الفنية، التي تتحدث عن بيوت منطقة الفهيدي التاريخية، وغيرها من الأمور».
وأضافت مكي: إن أعمال الفنان الإماراتي عبيد سرور رصدت البيوت القديمة والأبراج العتيقة، التي تمثل طرازاً معمارياً وإسلامياً متفرداً، ووثق الفنان عبد الرحيم سالم التاريخ ومنها تجسيده لشخصية «مهيرة»، والتي استلهمها من قصص التراث وحكايات التاريخ.
وذكرت مكي أن مجموعة كبيرة من الفنانين وثقوا التراث والتاريخ المحليين منهم: منى الخاجة والفنان محمد القصاب والفنان محمد يوسف وغيرهم الكثير. وأشارت مكي لدور الفنانين الشباب في توثيق التراث والتاريخ بصورة فريدة، من خلال ما نراه في المعارض، إذ نلحظ كيف صوروا التراث بصورة جمالية حديثة متفردة، من خلال المزج بين الماضي والحاضر عبر تقنيات التكنولوجيا الحديثة.
معالم تراثية
من جهته، قال الكاتب والباحث الإماراتي الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث: إن الفنون التشكيلية سواء الرسم أو فن النحت أو غيرها من الفنون تسهم بشكل رئيس في توثيق التراث الثقافي والتاريخ المحلي في دولتنا، وذلك من خلال تجسيد مناظر ومعالم تراثية معينة أو تجسيد قضية تاريخية في اللوحات الفنية أو الأعمال النحتية، وعرضها للجمهور، ليتعرفوا على تاريخ الإمارات الضارب بجذوره في عمق التاريخ. وأكد المسلم أن الفن التشكيلي ليس فقط يوثق التاريخ والتراث، بل كذلك يمكن أن يستعيد الكثير من المناطق التراثية أو الأحداث التاريخية، التي حصلت في الماضي، سواء عن طريق تجسيد ذلك في لوحات أو منحوتة فنية معينة. وأشار إلى أن الفن التشكيلي لا ينفصل عن التراث، فالعلاقة بينهم متصلة وغير منفصلة، فالفن يستعير أغلب أفكاره وألوانه وأدواته من التراث.
المصدر: البيان