تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
«فوزي الملقـي وحياتـه ونشاطاته السياسية في الأردن 1909 - 1962»

برعاية رئيس الوزراء الأسبق، رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أقيمت يوم أمس الأول ندوة حول كتاب «فوزي الملقي وحياته ونشاطاته السياسي في الأردن 1909 – 1962»، للكاتبة الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة، في المركز الثقافي الملكي.

رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي قال إنه توصل وبعد اطلاعه الدقيق على الأطروحة إلى قناعة تامة بأن الدكتورة المشاقبة قد استندت إلى مجموعة من الوثائق والبيانات وجادت بالتوضيحات في مواقع متعددة من الأطروحة؛ ما أوجد في نفسه كل الاطمئنان من حيث القبول والتوافق حتى وصوله إلى الخاتمة فعندها استوقفه ملاحظتان: الأولى في أسلوب قرارات فوزي الملقي في عهد الملك المؤسس وذلك الأسلوب في قرارته في عهد المغفور له الحسين الباني، فكان في عهده الأول يصدر قراراته دون الرجوع إلى الملك بينما كان في العهد الثاني يعرضها على جلالة الملك.

وأضاف الملقي أن الملاحظة الثانية والتي جاءت في البند الخامس من الخاتمة، فقد أوردت الباحثة معارضة نوال الضفة الغربية لدور فوزي الملقي في اتفاقية رودوس في بادئ الأمر غير انه استطاع أن يكسبهم إلى جانبه خلال فترة حكومته. وأشار إلى أن ما استوقفه في هامش الملاحظتين، أن الدكتورة المشاقبة لم تسترسل ببيان الأسباب أو التعليق سيما وأنها لم تترك شاردة أو واردة خلال البحث إلا وعالجتها بكل حرفية واقتدار؛ فيما يخص البند الثاني من الخاتمة وهو الذي بينه فوزي الملقي إلى مصطفى أمين رئيس تحرير أخبار اليوم والتأكيد أن الأمور تقاس بظروفها وحيثياتها وللتوضيح في تلك الفترة كان الراحل الملك الحسين يتحصل على جزء من مجريات الأمور في المملكة وهو في بريطانيا من السفير الملقي، كما أن طبيعة قرارات الحكومة كانت استراتيجية طويلة الأمد تحتاج إلى ضمانات جلالة الملك الذي كان يقود عملية الإصلاح، فالانتقال النوعي نحو الديمقراطية سياسياً ومن الاقتصاد الرعوي إلى الاقتصاد الحر تنموي وما يصاحبه من تجذير للعدالة الاجتماعية لا يمكن لغير جلالة الملك أن يقودها وهو ما تم بالفعل.

وتابع أنه كان يُخشى في ذلك الوقت عبث الانجليز وإفسادهم لهذه الاستراتيجات وما تبعها من إجراءات وقرارات من ناحية، ومقاومة التغيير في النهج من قبل المعارضة المسموعة والتي كان يقودها دولة توفيق أبو الهدى رحمه الله بدعم من الانجليز أملاً في العودة إلى الحكم من ناحية أخرى، وللتوضيح بصورة اشمل فقد كان وعد بلفور بيانا علنيا صادرا عن الحكومة البريطانية وليس وعدا من وزير خارجية يتغير بتغيير الأشخاص وإنما سياسة ثابتة.

وأوضح الملقي: إن الذي يراجع النص بدقة يستوقف عند عبارة «وطن قومي» الواردة في الوعد الشعب اليهودي في فلسطين، فمن أصر على وضع مثل مصطلح كهذا هو «روتشيلد» أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، فقد وضعه عن سابق إصرار رغم انه تعبير لم يكن له سابقة في القانون الدولي، مشيراً إلى أن هذا الإصرار جاء ليتجنب تحديد حدود لهذا الوطن المزعوم، الأمر الذي جعل من الذي وضع حدود للهدنة مخالفاً لهذا الوعد وللتأكيد على نية بريطانيا المبينة في تمكين «اسرائيل» من التوسع في احتلال أراضي فلسطين».

اختتم حديثه «رحم الله فوزي الملقي وأم هاني سنده واتقدم ببالغ الشكر والامتنان للدكتورة ثروت المشاقبة على ما قدمته من جهد وبحث شامل متميز ولكل من أسهم في هذا المنحنى وإلى الحضور الكريم».

الأستاذ محمد داودية، رئيس مجلس إدارة الدستور، قال في الحفل: «سيتضح لقارئ الكتاب، أن الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة، بذلت جهدا استقصائيا تنويريا بارزا، ساهم بلا شك في انضاجه، المشرفُ على رسالتها، الدكتور محمد العناقرة. إن هذا الاشتباك الإيجابي مع تاريخنا، واجبٌ وفعلٌ وطني ضروري، لتتعرف الأجيالُ الجديدة على تاريخنا، الذي أَصْدقُ إن أنا وصفتَه بأنه «تاريخُ التحديات الكبرى والاستجابات الإبداعية».

وأضاف الأستاذ داودية: «أتاح لي دولةُ الدكتور هاني، فرصةً ثمينة للغاية، حينما أهداني هذا الكتاب، الذي يوفر معلوماتٍ مهمة عن تاريخ بلادنا، اطلعت على بعضها لأول مرة! وأرى أن واجبي يدعوني إلى أن أنصح المهتمين بتاريخ بلادنا المجيد، بقراءته، فقد سلطت فيه الدكتورة ثروت، الضوءَ على شخصية الراحل فوزي الملقي، الألمعي، الذي حصل على منحة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، بالتفوق».

وتابع الأستاذ داودية بالقول: «وسأنحاز بقوة إلى فوزي الملقي، وإلى جيله العظيم، والجيل اللاحق، الذي بنى الأردن، لأنهم كانوا أهل قيم ومناقب شخصية وطنية وقومية وإنسانية، ولأنهم استمدوا معظم مناقبهم من عملهم في أسمى مهن الأرض: التعليم. فقد عمل أبو هاني معلما في الكرك والسلط وعمّان، وشاركه التدريس، سليمان النابلسي، وحسني فريز، وفضل الدلقموني، وخليل الساكت، ومحمود أبو غنيمة.

وأدت إيجابية الملقي إلى المشاركة في تأسيس حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الأردني عام 1944 مع محمد علي العجلوني، وشفيق رشيدات، ووحيد العوران، ووصفي ميرزا، وعبد الرحمن خليفة، وسليم البخيت، وكمال الجيوسي وعبد الرحيم الواكد. شكّل أبو هاني، حكومةً من أحد عشر وزيرا، أداروا البلاد بكفاءة، في أحلك الظروف المحلية والإقليمية والدولية، ظروف الحرب الباردة، والأحلاف، وحكم ملك جديد، هو الملك الحسين، والمؤامرات العربية المتلاحقة، وتحديات الاحتلال الإسرائيلي، والعجز عن تحقيق تطلعات أبناء الأمة في الوحدة والحرية والتقدم.

وشكّل فوزي الملقي حكومة ضمت عشرة من رجالات الضفتين: سعيد المفتي، شفيق رشيدات، بهجت التلهوني، مصطفى خليفة، حكمت المصري، حسين فخري الخالدي، سليمان السكر، أحمد طوقان، أنسطاس حنانيا، وأنور الخطيب.

ويلفت النظر في الكتاب، أن رؤساء الوزارات في تلك الحقبة، كانوا يقبلون العمل وزراء وسفراء، في حكومات يشكلها وزراء كانوا في حكوماتهم.

فعمل الرئيس الملقي، بعد استقالة حكومته، نائبا لرئيس الوزراء ووزير دفاع، ووزير خارجية، ووزير تربية وتعليم، ووزير اشغال عامة، ومندوبا للأردن في الأمم المتحدة، وسفيرا في مصر.

كما عمل أصحاب الدولة: سليمان النابلسي، وسمير الرفاعي، وسعيد المفتي، وحسين الخالدي، وزراء وسفراء.

ويلفت النظر في الكتاب، وقوع اشكالات عديدة منها، إعلان حكومة سليمان النابلسي إقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي، دون عِلم الملك!

فوزي الملقي شخصيةٌ ثريةٌ خُلقاً، غنيةٌ تجربةً، مؤثرةٌ دوراً، تستحق جهدَ الكاتبة المميز في تعريفنا بها».

وقد جاءت مشاركة شاغل كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في جامعة اليوموك، الدكتور محمد القناقرة، بقراءة للكتاب قائلًا: أتقدم بخالص الشكر والتقدير من جمعية الحوار الديمقراطي الوطني ومنتدى المفرق الثقافي لعقدها هذه الندوة الهامة حول كتاب فوزي الملقي: حياته ونشاطه السياسي في الأردن (1909- 1962م) للباحثة الزميلة الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة هذا الإصدار الهام من ضمن سلسلة إصدارات وزارة الثقافة بمناسبة مئوية الدولة الأردنية وأتقدم بعظيم الشكر والتقدير إلى جميع من يحضر هذه الأمسية المميزة بهذه المشاركة الهامة من قبل أصحاب الدولة وأصحاب المعالي والعطوفة. وهذا الكتاب يقدم إضاءات لشخصية وطنية هامة ومميزة من تاريخ الدولة الأردنية... محاولا الارتقاء في افقها بما أمكنه من شفافية وصدق وموضوعية في محاولة لإعادة قراءة تاريخ الأردن وإنعاش الذاكرة الوطنية، فهذه الشخصية العظيمة تختزل مراحل مهمة من الحياة في الأردن والجميل في الأمر أنها شخصية متنوعة في إبداعها وعطائها مما يشعر بإمكانية قراءة المشهد الأردني من خلال جهود الرعيل الباني من أبناء هذا البلد المعطاء.

وأضاف العناقرة: إن الحديث عن فوزي الملقي هو حديث عن شخصية وطنية مرموقة من الرعيل الأول، ساهمت بدور مميز في سياسة الإصلاح الاقتصادي، وفي إدخال تجربة الديمقراطية إلى الأردن فقد كان قلبه مليئاً بحب الوطن والشعب ولديه الحماسة والكفاءة والتواضع، كما كان لديه القوة، وقد اكتسب هذه القوة من محبة الناس له، كما أنه أحس بهموم الأمة وتأثر بها شخصياً، لأنه عاصرها منذ بداية حياته. وأشار إلى علاقة فوزي الملقي بالأمير عبدالله الملك المؤسس أن الأمير سمع عنه الكثير من أبي الهدى وبعض رجال القصر من خلال الندوات التي كانوا يحضرونها، وتعرف الأمير إليه أكثر عندما كان فوزي مديراً لمدرسة عمان القريبة من فندق فيلادلفيا الذي كان الأمير يقيم فيه؛ إذ كان الأمير يتردد بشكل مستمر إلى المدرسة لحضور الطابور الصباحي، فتعرف عن قرب على فوزي الملقي، وهذه المرحلة من حياته العملية كانت ذات اثر كبير في حياته ومستقبله.

أما مؤلفة الكتاب، الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة، فقالت إن «فـوزي الملقـي اشتهر بكونـه صـاحب مدرسـة سياسـية، آمنـت بضـرورة الإصـلاح السياسي، والنهج الديمقراطي، مهتما بالشأن العلمي الذي كـان مدخلـه للسياسـة، فكـان رفاقه في التعليم هـم رفاقـه في العمـل السياسـي، كمـا أن وزارتـه الوحيـدة شـملت خمسـة وزراء، أصبحوا فيما بعد رؤساء وزراء للأردن. سعى فوزي الملقي طيلة فترة عمله السياسـي الجمـع بـين الأضـداد، رغـم مواجهتـه معارضة داخلية وخارجية، حالت دون تحقيق طموحه والوصول إلى هدفـه، وخصوصـا محاولاتـه المسـتمرة للحـد مـن التـدخل البريطـاني في الشـؤون الداخليـة لـلأردن، وعلـى الرغم من قصر فترة حكومته، فقد اتبعت الحكومات الأردنية اللاحقة بعضا من نهجـه في الإصلاح السياسي والاقتصادي لعدة عقود.

ويحاول هذا الكتاب الإجابة عن مجموعة من التساؤلات أهمها:

متى وكيف ظهر فوزي الملقي على الساحة السياسية الأردنية؟

كيف استطاع فوزي الملقي استقطاب المعارضة في الضـفة الغربيـة رغـم علاقتـه الواضحة في اتفاقية رودس عام 1949؟

هل نجحت التجربة الديمقراطية التي سعى الملقي إلى تطبيقها في الأردن؟

لمـاذا وقفـت بريطانيـا في وجـه فـوزي الملقـي، رغـم أن معظـم إصـلاحاته التـي طبقها في الأردن مستمدة من الأنظمة البريطانية؟

ما موقف فوزي الملقي من مشروع فاصل الجمالي في الوحدة العربية؟

ما الدور الذي لعبه فوزي الملقي عقب تقديمه استقالته عام 1954؟

ما الدور الذي لعبه في القضية الفلسطينية؟

لماذا فرضت الإقامة الجبرية على فوزي الملقي عـام 1957، رغـم أنـه لـم يكـن من الفئة المعارضة للحكم؟

وأضافت الدكتورة المشاقبة: ومن الأسباب التي دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع، أهمية الدور الذي لعبـه فـوزي الملقي في الأردن، وكثرة المؤلفـات التـي تتحـدث عـن تـاريخ الأردن المعاصـر، إلا أنهـا تفتقـر إلـى دراسـة متخصصـة تعطـي هـذه الشخصـية حقهـا، إذ لا توجـد دراسـة واحـدة مستقلة تتحدث عن الملقـي، وإن وجـدت فهـي تتحـدث عـن الـوزارات الأردنيـة وتركـز على دور توفيق أبو الهدى وهزاع المجالي في وزارة الملقي».

وتحدث في الحفل كذلك الدكتور منذر حدادين، والمحامي مازن رشيدات رئيس مجلس النقباء، والأستاذ محيي الدين المصري، فيما أدار مفردات الحفل الدكتور أسامة تليلان.

الكتاب نفسه جاء في أربعة فصول، تناول الفصل الأول السيرة الذاتية لفوزي الملقي، نسبه، ودراسته، وسيرته العلمية، وشخصيته، ونهجه السياسي، وفوزي الملقي في نظر معاصريه.

أمّا الفصل الثاني فقد جاء للحديث عن فوزي الملقي رئيساً للوزراء، والأوضاع السياسية وحكومته، والبيان الوزاري، والمعارضة السياسية، والاستقالة، والسنوات الأخيرة 1955-1962م.

وجاء الفصل الثالث للحديث عن فوزي الملقي والقضايا الوطنية.

والفصل الأخير فقد تحدّث عن فوزي الملقي والعلاقات الأردنية العربية.

 

 

 

 

المصدر: الدستور

23 يناير, 2022 10:57:33 صباحا
0