«المزدوج» لدوستويفسكي
طبعة جديدة من ترجمة رواية «المزدَوَج»، العمل الثاني لدوستويفكسي صدرت عن المركز الثقافي العربي (الدار البيضاء- بيروت)، بترجمة سامي الدروبي. وكانت صدرت الرواية هذه أوائل عام 1846 أي أياماً فقط بعد النجاح الكبير الذي حققته رواية «الفقراء». وتطرح موضوع الجنون، وهو أحد المواضيع الأثيرة لدى دوستويفسكي في رواياته الكبرى اللاحقة.
تصوِّر هذه الرواية الصراع الداخلي الذي يعتمل في نفس ياكوف بتروفيتش غوليادكين، الموظف في إحدى إدارات مدينة بطرسبورغ بعدما انقلبت حياته رأساً على عقب عند ظهور شخص يشبهه تماماً، ويكيد له ويحتل شيئاً فشيئاً مكانه في العمل والمنزل، إلى أن يدفع بحياته إلى الانهيار التام. ولعلّ أهم ما أثّر في السيد غوليادكين وأثار دهشته أن الناس من حوله، وعلى رأسهم رئيسه في العمل وخادمه بتروشكا، لم يبدُ عليهم أنهم صُدموا بظهور هذا الشبيه، واعتبروه مجرد رجل يشبهه وعاملوه على هذا الأساس.
إن اعتماد دوستويفسكي على تقنية الحوار الداخلي في شكلٍ مكثّف في هذه الرواية مكّنه من أن يسبر أغوار شخصية بطله، وأن يتغلغل في نفسيته التي غيّرها دخول هذا الآخر، مكرّساً بذلك عبقريته في تحليل النفس الإنسانية، حيث قال عنه نيتشه: «دوستويفسكي هو الكاتب الوحيد الذي تعلمتُ منه شيئاً من علم النفس». على الرغم من أن رواية «المزدَوَج» ليست من أعمال دوستويفكسي الأكثر شهرة، إلّا أنها تُعتبر الحجر الأساس في أسلوبه المتفرّد، حتى أن فلاديمير نابوكوف قال إنها «أعظم كتاب كتبه دوستويفكسي»