Skip to main content
«سوحليفة» ضحك على المقاس الشبابي

تعتمد سلسلة «سوحليفة» على ثنائي غير مألوف في الدراما المغربية: شاب وفتاة صغيرة. والأخيرة طفلة اضطرت أمها للهجرة إلى الخارج، فطلبت من أخيها احتضانها في منزله ومشاركته حياته، كي تتمكن من إتمام سنتها الدراسية في ظروف مواتية وعادية. هدف سام يضع المشاهد في حكاية قريبة من المعيش. ولكن وفق النوع الفني المختار ومن علاقة كهذه بين الخال الأعزب وابنة اخته، لا يمكن انتظار سوى جو كوميدي ضاحك، يحاول أن يكون خفيفاً ومرحاً، تأسيساً على طريقة الثنائيات الكوميدية المعروفة، حيث يتم بناء التواصل والحوار على القول وضده، وعلى التنافر في الردود، وخصوصاً المبالغة في الأفعال من جانب ومن آخر.


الجديد في هذا العمل الذي تعرضه القناة الأولى المغربية، هو أن الفرد الآخر في الثنائي فتاة صغيرة كما قلنا. ومظهر أو سمة المبالغة المعتمدة هنا، هي كون الطفلة/ الممثلة تؤدي دوراً أكبر منها، دور امرأة أو دور طفلة تمتلك سلوكيات وقاموس الراشدين مع طريقة خاصة في الحديث والتعبير في تباشير الوجه وحركات اليدين. والمقصود هو أن تلك التي اعتبرها الخال ملاكاً صغيراً طيعاً، ستبدي عناداً حاسماً وشخصية لا تمل من النقد والجدال والمنافحة حول كل ما يصدر منه. أي أنها ستقلب حياته رأساً على عقب، وتمنعه من العيش على هواه كما ألفه. شيطنة وشقاوة وفهم لأمور الحياة اليومية أكبر من سنها.

يظهر ذلك من أول حلقة، حيث حالما تغادر الأم المنزل تاركة الطفلة في عهدة الخال، تفاجئه بسرد لقانون داخلي يجب أن تسير عليه الأمور في المنزل، يدور كله حول حياتها بين البيت والنقل والدراسة. طبعاً، يظهر من حالة كهذه تضاد لا يستقيم كثيراً مع وضع هو أصلاً مختل شكلاً ومضموناً، ولكن يوجد في الكوميديا التلفزيونية هامش شاسع للمسموح به، رغم ما قد يثير من استغراب. هذا بالإضافة إلى كون المادة الفنية هنا لا تدعي الطموح إلى الوصول إلى مستوى فني درامي. هي كبسولة متواضعة ويجب أخذها على هذا المنحى.

في الحلقات التالية، وهي لا تدوم في كل مرة بضع دقائق مكثفة في ثلاثة مشاهد على الأكثر، لا يختلف الجو العام. هنا اختلاق لسيناريوات محتملة مرتبطة بما هو يومي كإيصال البنت إلى المدرسة، أو حكاية صوم في رمضان، أو لحظات اعتناء بحلق الشعر وإعداد الفتاة كي تكون مقبولة الشكل إلخ.. وهي أجواء تستدعي التناقض الضروري لخلق التشويق. فالطفلة لا تكل من مساءلة واستفسار «طانطو المدني» أي الخال المسمى المدني في كل شيء وفي كل حال، خالقة الاندهاش المنتظر لديه ومطالبة إياه بالجواب أو التصرف. لكنه لا يستطيع في غالب الأحيان. هي الغالبة في كل مرة، تمثيلاً وحضوراً. هذا مع أن المخرج والسيناريست لم يمسا شخصها العام احتراماً لطفولتها، عكس الخال الذي يلبس بيريه على الرأس وملابس كلاسيكية ويقود سيارة من موديل قديم ينتمي إلى خمسينات القرن العشرين. ملامح وإضافات لا مجال لها ولا أثر رئيسي، وتبدو تدخل في خانة النزوات عند الكتابة القصد منها أنها تحيل على فرادة، على رغم أنه شاب فتي لا تتوافق مرحلته العمرية مع هذا الشكل.

إذن يحضر هو مظهراً في أكثر المواقف، وتحضر هي دوراً وتشخيصاً. وبطبيعة الحال نستنتج أن السلسلة كلها مكتوبة لها. لولاها لن توجد من الأساس. هل تتحقق متعة المشاهدة؟ وهل يؤدي التشويق المراد إلى المرغوب في حصوله؟ لا بكل بساطة. هنا تحقق لموقف ضاحك خفيف ومرح كما ذكرنا بلا غاية مختلفة. الكوميديا من أجل الكوميديا في تعريفها الأولي المرادف للضحك فقط بدءاً من العنوان «سوحليفة» وليس التعريف الساخر.

وهذا راجع في نظرنا إلى السمة الغالبة حالياً في ميدان الإنتاج التلفزيوني المغربي الذي أصبح شبابياً مع دخول جيل جديد من كتاب السيناريو والمخرجين، بخاصة حين يجدون الدعم والرعاية الإنتاجية. وهي هنا مضمونة من طرف شركة عليان للإنتاج المملوكة للمخرج السينمائي المعروف والخبير في هذا الميدان نبيل عيوش. السلسلة من بطولة يسار والطفلة إسراء بنكرارة، ومن كتابة يسار ونرجس الحلاق وإخراج الكوميدي والسيناريست والمخرج الموهوب طاليس. وغالبيتهم خريجو موجات الكوميديا المرتبطة ببرامج الواقع أو فرضوا أنفسهم من خلال أعمال تلفزيونية سابقة.

30 Aug, 2018 09:15:21 AM
0

لمشاركة الخبر