جدة تفقد الحلم .. وحفيدة تغور في أحلامها..!
في كتابها الجديد "جدتي تفقد الحلم" تنقلنا الدكتورة نجمة خليل حبيب إلى مدارات إبداعية عميقة الرؤى وثرة التعبير، تصب عموما في الإطار العام لمشروعها الإبداعي والأكاديمي، الذي يجسد ويستوحي قيم الحق والخير والعدالة والحرية، وفق نهج يطوع القضايا والأفكار للاستجابة الخلاقة إلى متطلبات التعبير الإبداعي الخلاق والمتألق.
وهذا الكتاب الصادر حديثا عن الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت، بـ 190 صفحة من القطع الوسط، هو المجموعة القصصية الثالثة لها، بعد مجموعتها الأولى "... والأبناء يضرسون" الصادرة عام 2001، ومجموعتها الثانية "ربيع لم يزهر" الصادرة عام 2003. كما أنه الكتاب السابع من مجموع إصداراتها، التي تضمنت كتاب " النموذج الإنساني في أدب غسان كنفاني" عام 1999، وكتاب " من أستراليا وجوه أدبية معاصرة" عام 2006، وكتاب "رؤى النفي والعودة في الرواية العربية الفلسطينية" عام 2014، وكتاب " قراءات نقدية في الشعر والرواية" عام 2017.
يحمل الكتاب الجديد عنوان إحدى القصص السبع عشرة التي تضمنها القسم الأول منه، وجاءت الأقسام الثلاثة الأخرى جامعة بين القصة القصيرة، والقصة القصيرة جدا، والنثر الفني الذي اقترب من قصيدة النثر، والخواطر والتأملات. وكانت عناوين هذه الأقسام على التوالي "ذاكرة عشوائية" و "قصيرة جدا" و "وجدانيات". وبلغ العدد الكلي للنصوص التي تضمنها الكتاب 53 نصاً.
أهدت الدكتورة نجمة هذا الكتاب إلى زوجها "أبو سامر" الذي كرست له النص الأول من القسم الرابع في الكتاب تحت عنوان "سكع القلب ولم يهو"، كتبتها بمناسبة إجراء عملية قلب مفتوح له، وجاء فيها:
"حبيب العمر
فرح صباي وأحلامي
رفيق الدرب الصعبة
وطني في غربتي
عكازتي في ضعفي
أبو سامر
أثقلت قلبه المسؤوليات
هيّجت دمه هموم الوطن
سكع القلب ولم يهو"
وعندما نقرأ القصة الأولى التي حمل الكتاب عنوانها، نجد أن راويتها تقرأ على قصاصات صفراء كانت مخبأة بين كنوز جدتها القليلة، كيف أنها عاشت أيامها الأخيرة دون حلم... في وحدة وبؤس قاتلين .. ولكنها لم تعش طويلا بعد أن فقدت حلمها.
تكشف الأوراق عن وقائع جريئة وغريبة عن أحلام كانت تراها الجدة، قبل أن تغيب نهائياً، وصارت راوية القصة تفكر بأحلامها هي، حتى أنها لم يعد يستقر لها بال، دون أن تقف ذاكرتها عند أحد المنامات وتتكشف لها صوره، لتتذكر الحلم وتعيد تفاصيله في خيالها، وقد أصبحت مثل الجدة تعيش مناخ الحلم ويتأثر جسدها بتفاصيله، وفي هذا الخضم حلمت ذات ليلة أنها حرباء، وظل تأثيرات هذا الحلم ترافقها في البيت، وتجاوز الأمر ذلك عندما رمقها مدير تحرير الجريدة التي كانت تعمل فيها بنظرة لم تستطع تفسير معناها، ولكنها عرفت أن مقالة لها قد أدهشته، وكانت تحس أن المقالة قد كتبتها "حرباية" لها ألف لون ولون.
تتلون الرؤى وتتكثف الرموز في النصوص التي ضمها الكتاب، وهي نصوص تجسد في تنوعها وتعدد مسارات مضامينها، بانوراما شاملة تستوحي رحلة عمر وتجارب حياة، ممتدة إلى الكثير من الجوانب والخلاصات الإنسانية ذات الدلالات والإيقاعات المؤثرة.