"حكايات الليدي ندى".. شبكة التواصل بوصفها أداة لسرد الحكاية
كما عمل الكمبيوتر مهم ظهور رواية الشات، فقد عملت شبكة التواصل الاجتماعي على بروز نوع من الرواية الذي وجد في تلك التشابكات بناءات درامية وحكايات قابلة للحبك الروائي.
ففي رواية كلارا سروجي –شجراوي التي تحمل عنوان "حكايات الليدي ندى" الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون بعمان تتجلى تأثيرات الشبكة العنكبوتية في تقنياتها وفلسفتها وفضاءاتها التي حوّلت العالم إلى قرية صغيرة.
تعتمد الكاتبة في الرواية التي تقع في 135 صفحة من القطع الوسط على الديناميات التي أنتجت تلك الشبكة، والتي تبلورت بفعل العولمة التي أزالت كل الحدود.
هذه الرواية تستجيب لمتاحات هذا العالم الوهمي في بناء حكايتها التي تقول إنها جاءت من خلال التواصل الاجتماعي مع امرأة لا تعرف مكانها، بل دلفت إليها تلك المرأة للخروج من وحدتها تحت ذريعة الإعجاب بكتاباتها الشعرية التي تلامس مشاعرها.
وتحكي عبر ثلاثين ليلة حكاياتها التي تشبه تقنيًّا حكايات ألف ليلة وليلة وتختلف في موضوعها ودافعها وفلسفتها، وهي حكايات تمثِّل مقاطع قصصية تلتئم معا لسرد قصة ثلاثة أجيال من النساء عبر اختلاف المكان والزمان.
وتستجيب الرواية لجهة تقنياتها التقطيعيّة للمناخات التي عاشتها المرأة في قرية "عين ماهل" بالجليل الفلسطيني، وبلادها فلسطين التي تقطعت أوصالها، وتقطعت السبل بأهلها بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وبين فكرة العولمة التي مزّقت الكينونة الإنسانية، وفكرة شبكة التواصل التي حولت الوجود الإنساني إلى كينونة وهمية.
تقول الكاتبة، وهي حاصلة على الدكتوراة في اللغة العربية وأدابها في (ملاحظة) استهلت به الروايةّ: لأنني أكره الحبكة التقليدية المصطنعة؛ ولأنني أكره أن يوضع عملي في قالب ما، أعطيكم فرصة التنقل بين ليالي هذه الرواية كما تشاؤون، مخيرة القارئ أن يبدأ من آخرها أو من أولها أو من منتصفها، بحسب ما يرغب، وهي تقصد بذلك أن الرواية أصبحت تخص المتلقي.
وتنتقل في فضاءات العولمة من حكايات النساء وثرثرتهن في القرى الفلسطينية في الداخل إلى صخب المدينة الأميركية واهتمام نسائها، وأنماط حياتهم.
وتقارب الكاتبة التي صدر لها كتاب" نظرية الاستقبال في الرواية العربية الحديثة.. دراسة تطبيقية في ثلاثية نجيب محفوظ وأحلام مستغانمي"، بين الجرائم الجنسية التي تقع على المرأة والجرائم التي تغتصب الأرض، فالمرأة تتغيّر حياتها للأبد بعد تعرضها للإغتصاب، كما تتغيرالبلاد تغيرت بعد الاحتلال.
الكاتبة لا تتوقف عند شبكة التواصل بوصفها أداة لسرد الحكاية، بل هي الحكاية نفسها التي تتيح فضاءات جديدة لتحول الإنسان، وهي الكفيلة بهدم الجدران المادية الصلبة، وتتيح للإنسان أن يطرح الكثير من الأسئلة التي تتعلق بالحياة والوجود بجرأة. وتتيح له أن يختار دون أن يكون مثقلا بالماضي، وأن يسهم في تحرير نفسه وتحرير التاريخ.
يشار إلى أن الكاتبة محاضرة في جامعة حيفا، أصدرت مجموعتين قصصيتين، وهما:" طواف.. خربشات قصصية" و" ميلانخوليا الوجود..رجفات ولوحات قصصية "، كتبت مقالات في عدد من الدوريات المحكمة باللغتين العربية والإنجليزية.