دعم اقتصادي لاحتواء آثار الجائحة
- جان بيساني فيري - كبير زملاء مركز أبحاث بروجل في بروكسل وكبير زملاء غير مقيم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
قبل اثنتي عشرة سنة، كانت استجابة الحكومات في الاقتصادات الكبرى حول العالم للأزمة المالية سريعة وفعالة: فقد تم تأميم البنوك المُتعثرة، وأضحت السياسة النقدية فعالة للغاية، وتم تقديم دعم مالي هائل، وكان التنسيق العالمي مُكثفاً.
ومع ذلك، تم ارتكاب أخطاء فادحة، والتي نشأت عنها عواقب تدريجية. الفشل في معاقبة المسؤولين عن الانهيار المالي مهد الطريق لصعود الشعبوية في السنوات الأخيرة.
لقد شهد الاقتصاد الأوروبي تحديات مُستمرة، وذلك بسبب تجاهل الأزمات المصرفية لفترة طويلة مع سحب الدعم المالي في وقت مبكر للغاية. لقد خلف ذلك آثاراً اجتماعية واقتصادية وسياسية حادة ظلت واضحة عند اندلاع أزمة وباء كوفيد 19. هل سيتم تجنب نمط مُشابه؟ مع بدء الفصل الثاني من أزمة الوباء، فإن هذا يُعد سؤالاً حاسماً.
لقد بات التفاوت الكبير في تأثير الوباء على البلدان واضحاً بالفعل. الاختلافات مُحيرة: سجلت المملكة المتحدة 650 حالة وفاة لكل مليون نسمة، في حين أن معدل الوفيات في كوريا الجنوبية لكل مليون بلغ خمس حالات وفاة فقط. وبالمثل، فإن معدل الوفيات في الاتحاد الأوروبي أكبر بمئات المرات في البلدان الأكثر تضرراً منها في البلدان الأكثر حماية.
تعكس هذه الفجوات جزئياً الحظ المُطلق. في حين انتشر الفيروس تحت الرادار في إيطاليا، فقد علمت دول شمال شرق أوروبا بقدومه وكان بإمكانها الاستعداد لمواجهته. تنبع هذه الفجوات أيضاً من الفعالية المُتفاوتة لسياسات الصحة العامة. إن الغضب من الدول التي فشلت في حماية شعوبها سيكون عاملاً رئيسياً في تشكيل التطورات السياسية المستقبلية.
أثبتت تدابير الإغلاق الصارمة فاعليتها ولكنها مُكلفة من الناحية الاقتصادية. وتبين أن تشديد الإجراءات الإدارية هو مؤشر جيد جداً لخسائر الناتج في النصف الأول من العام. تُشكل الفوارق الدقيقة أيضاً أهمية كبيرة.
كانت الاستجابات المالية مُتجانسة بشكل ملحوظ في جميع أنحاء أوروبا، حيث نفذت الحكومات خُطط ضمان الائتمان التي ساعدت الشركات في الحصول على السيولة، إلى جانب تدابير أخرى للحفاظ على الوظائف، حيث تحملت الدولة تكاليف رواتب الموظفين المُسرحين. أثبتت هذه الخطط سرعتها وفعاليتها: فقد تم إنقاذ الشركات من الإفلاس، وتم الحفاظ على علاقات العمل، فضلاً عن حماية دخل الأسر.
عندما يتم الحد من انتشار الوباء، يجب التركيز بشكل متزايد على وتيرة وقوة الانتعاش الاقتصادي. لتجنب الضرر الدائم، فإن الأولوية القصوى تتمثل في دعم الانتعاش المُستمر طالما كان ذلك ضرورياً.
مع ذلك، لن تنجح سياسات جانب الطلب وحدها في تحقيق هذه الغاية. تتمثل الأولوية الثانية في منع حدوث موجة من الإفلاس.
لذلك، يتعين إيجاد الحلول لدعم الشركات القابلة للاستمرار والمُثقلة بالديون.
لتجنب هذا السيناريو، ينبغي للحكومات إنشاء آليات لإعادة هيكلة الديون على نطاق واسع.
لقد نجحنا في تجاوز أصعب مرحلة للوباء، على الأقل في أوروبا، ومن المرجح أن تظل الأخبار جيدة في الأسابيع المقبلة. من خلال توفير التأمين للموظفين والشركات، قامت الحكومات بعملها على أكمل وجه حتى الآن. لكن هذه كانت الخطوة الأولى فقط. من الضروري أن تحافظ على الدعم الاقتصادي طالما كان ذلك ضرورياً وأن تتخذ إجراءات جديدة لاحتواء الضرر الدائم.
المصدر : البيان