Skip to main content
جامعات ما بعد «كوفيد 19»

  • كينيث روجوف - كبير خبراء الاقتصاد الأسبق لدى صندوق النقد الدولي، وأستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة هارفارد.

 

تُـرى هل تُـفضي جائحة فيروس «كورونا» المستجد «كوفيد 19» أخيراً إلى إحداث التحول التكنولوجي الذي طال انتظاره في دوائر التعليم العالي؟

في مختلف أنحاء العالم، أدت عمليات الإغلاق الفجائي وسط الفصل الدراسي بهدف مكافحة الجائحة إلى إجبار الجامعات على التحول للتعلم عن بُـعد بين عشية وضحاها تقريباً، وبرغم أن هذا التحول السريع كان عسيراً على أعضاء هيئة التدريس والطلاب على حد سواء، فقد يأتينا منه بعض الخير.

مثلها في ذلك كمثل الشركات، تعيش الجامعات وقتاً عصيباً في محاولة التوصل إلى الكيفية السليمة لإعادة الفتح وتبني مجموعة من الاستراتيجيات.

من المؤكد أن أزمة «كوفيد 19» تمثل ضربة اقتصادية شديدة للتعليم العالي، فبنايات سكن الطلاب شاغرة، ومدرجات الألعاب الرياضية خاوية، ويقاوم الطلاب دفع الرسوم الدراسية الكاملة.

ولكن هل تساعد صدمة «كوفيد 19» في نهاية المطاف في جلب تعليم أفضل لعدد أكبر من الناس بتكلفة أقل؟ تتوقف الإجابة عن هذا السؤال جزئياً على ما إذا كانت الجامعات لتنحي التكنولوجيا جانباً مع تلاشي الجائحة، أو تبحث بدلاً من ذلك عن أفضل الطرق لتسخيرها.

من المؤكد أن التدريس في قاعات الدراسة سيظل يلعب دوراً بالغ الأهمية. وسيظل الأساتذة يتولون مهمة تجهيز ورعاية المواد والإجابة عن الأسئلة. لم أتصور أن المحاضرات المسجلة قد تحل محل مجموعات الدراسة الأصغر. ولكن في حين أنه من المثير أن نشاهد محاضرة جيدة بشخوصنا، فمن المؤكد أن محاضرة مسجلة جيدة أفضل من محاضرة شخصية متواضعة.

ولكن بعد مرور أربعة عقود من الزمن، لا يزال التقدم محدوداً. أحد الأسباب المحتملة أن إدارة الجامعة: الهيئة التي تدير هذه المؤسسات، وقِلة منهم ربما يميلون إلى سلوك مسار من شأنه أن يقلل الطلب على خدماتهم.

لا شك أن الأساتذة يشعرون بالقلق أيضاً من أن المحاضرات المسجلة من شأنها أن تجعل من الصعب على طلاب الدراسات العليا أن يجدوا وظائف. ويشكل طلاب الدراسات العليا، بطاقاتهم وأفكارهم الجيدة، محركات رئيسية للعمل البحثي.

كانت التحولات الديموغرافية لفترة طويلة تفرض الضغوط على أعداد الملتحقين بالجامعات. وحتى إذا كانت الكليات في بعض المجالات (مثل علوم الكمبيوتر) لا تزال تشهد طلباً قوياً، فمن المؤكد أن انخفاض أعداد الطلاب في العديد من المجالات الأخرى يعمل على تضخيم المقاومة للتكنولوجيات الجديدة الموفرة للعمالة.

Volume 0%

 

ولعل العقبة الأكبر تتمثل في التكلفة العالية اللازمة لإنتاج محاضرات مسجلة عالية الجودة ترضي الطلاب بقدر المحاضرات الشخصية. فإنتاج محاضرة واحدة للاستهلاك الجماعي ممارسة لا تخلو من مجازفة وتستغرق وقتاً طويلاً.

ولأن المحاضرات المسجلة يسهل استنساخها، فربما يكون من الصعب تقاضي ثمن مرتفع بالقدر الكافي لتغطية التكاليف. وتحاول وفرة من المؤسسات التعليمية البادئة (بما في ذلك العديد منها داخل وحول منطقة بوسطن، حيث أقيم) حل هذه المشاكل، لكنها لم تخلف حتى الآن تأثيراً كبيراً على النظام.

لذا، يبدو من المعقول أن نتساءل ما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة يجب أن تتحمل تكاليف إنشاء مواد المحاضرات الجامعية الأساسية المسجلة سلفاً في مجالات بعينها. وبشكل خاص، يجب أن تكون مواد الدورات التمهيدية عبر الإنترنت في الموضوعات غير السياسية.

كما تنطوي تخصصات أكاديمية أخرى على إمكانات كبيرة في ما يتصل ببثها عبر الإنترنت.

يتفق الجميع تقريباً على أن توسيع نطاق الوصول إلى التعليم العالي هو واحد من أفضل الطرق لتضييق فجوات التفاوت بين الناس، وأنه من الممكن أن يساعد في جعل المجتمع أكثر عدالة وإنتاجية.

وهو يشكل ضرورة أساسية أيضاً في عالم حيث تتطلب التكنولوجيا والعولمة (أو ربما انحسار العولمة في أيامنا هذه) قدرة أكبر على التكيف وربما إعادة التدريب لتلبية الطلب المتغير في سوق العمل.

سوف تتسبب أزمة «كوفيد 19»، على الأرجح، في إحداث المزيد من التحولات السريعة والبعيدة المدى على الأرضية الاقتصادية تحت أقدامنا، لكن لا ينبغي لنا أن ننظر إلى هذه التغيرات بخوف أو رهبة إذا ساعدت الجائحة أيضاً في الدفع بالتحول إلى تعليم عال أفضل وأكثر شمولاً.

 

المصدر : البيان 

18 Aug, 2020 01:53:22 PM
0

لمشاركة الخبر