Skip to main content
متحف متروبوليتان يفتح أبوابه مجددا بمعرض تاريخي

على مدار قرن ونيف لم يغلق متحف المتروبوليتان في الولايات المتحدة الأميريكية أبوابه أمام الجمهور لأكثر من ثلاثة أيام متواصلة، فما بالك بما يزيد عن ستة أشهر من الإغلاق التام حتى الآن. خلال هذه الفترة العصيبة من الإغلاق بسبب وباء كورونا لجأت إدارة المتحف إلى أساليب مبتكرة للتواصل مع الجمهوراعتماداً على وسائل التقنية الرقمية والعروض الافتراضية. غير أن لا غنى بالطبع عن العروض الحية والتواصل المباشر. ومع استعداد العالم للخروج ببطء من فترة الإغلاق القاسية، يتأهب المتحف كغيره من المتاحف العالمية الأخرى لفتح أبوابه أمام الجمهور من جديد، وذلك في 29 أغسطس (آب) الحالي، أي بعد أيام قليلة فقط، وفي ظل أجواء من الحذر والإجراءات الاحترازية.

يستعد المتحف لاستقبال جمهوره بمعرض كبير يهدف من خلاله إلى مد جسور التواصل مع متابعيه من جديد. يُنظّم العرض تحت عنوان "بناء متروبوليتان" وهو معرض شامل يقدم ملخصاً لتاريخ المتحف منذ إنشائه عام 1870 في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية. يُتيح هذا المعرض للزائرين جولة متنوعة عبر أكثر من 250 قطعة فنية من مقتنياته المميزة.  وهو يأتي في سياق الاحتفال بمرور 150 عاماً على إنشاء المتحف، وتشمل المعروضات التي سيتمكن الجمهور من الاطلاع عليها كما تقول قيمة العرض أندريا باير كافة مجالات العرض الفني في المتحف، بدءاً من المعروضات الشهيرة إلى القطع الفنية النادرة والتي كانت محجوبة عن العرض لتدهور حالها. يُبرز المعرض كما تقول باير لحظات التحول في تاريخ المتحف وإنشاءاته ويسلط الضوء على الشخصيات والمؤسسات البارزة التي ساهمت في نهضته وإثراء محتواه.

يُعد متحف المتروبوليتان أكبر المتاحف الأميركية، وهو واحد من أهم المتاحف الفنية حول العالم. انطلق في البداية كفكرة طُرحت من قِبل مجموعة من الشخصيات العامة في الولايات المتحدة في ستينيات القرن التاسع عشر، بينهم سياسيون ورجال أعمال وفنانون. حين طُرحت فكرة المتحف لم يكن ثمة قطع فنية جاهزة للعرض، أو حتى مبنى أو فريق عمل محترف، وكان على أمناء المتحف الأوائل بناء مجموعة فنية من لا شىء. يضم المتحف اليوم أكثر من مليون ونصف من القطع الفنية الموزعة على مساحة تبلغ مليون قدم مربع، ويعمل بين أروقته ما يزيد عن 2000 موظف، كما يقصده أكثر من 7 ملايين زائر كل عام من الولايات المتحدة وكافة أنحاء العالم.

يتتبع معرض "بناء متروبوليتان" تاريخ هذه المؤسسة الفنية العريقة عبر مراحل تطورها، التي ساهمت في تغيير مسارها وفلسفة العرض فيها. وقد واكبت هذه المراحل المحورية العديد من الأحداث العالمية، والتحولات الواسعة في الذائقة والمجتمع ومفهوم الفن. خلال سنوات التأسيس الأولى إقتصرت عمليات الاقتناء على عدد من المنحوتات التي تعود للسكان الأصليين للولايات المتحدة، إلى جانب بعض القطع الفنية الأخرى التي جُلبت من أنحاء مختلفة من العالم كالآلات الموسيقية والأدوات الحربية البسيطة. ويضم المتحف اليوم أعمالاً لفنانين من دول وثقافات عدة، وتعد مجموعته الفنية واحدة من أكثر المجموعات الفنية شمولاً في العالم، إذ تغطي شريحة واسعة من الفنون المختلفة، من القطع الأثرية القديمة، إلى الأعمال الحديثة والمعاصرة. ساهم في جمع هذه القطع الفنية المختلفة رجال أعمال وشخصيات عامة تبرعت بمقتنياتها الخاصة لدعم المتحف. ويُذكر أن أكبر المجموعات الفنية المعروضة داخل متحف متروبوليتان قد أهديت إليه في نهاية العشرينيات من القرن الماضي من قبل لويزين هافماير أرملة هنري هافماير الذي كان معروفاً باسم "ملك السكر" بسبب هيمنته على صناعة تكريرالسكر في الولايات المتحدة حينها، ويبلغ عدد هذه الأعمال أكثر من 200 عمل فني تعود جميعها لفناني الإنطباعية في الولايات المتحدة.

 

ميتروو.jpg

من لوحات المتحف (موقع المتحف)

خلافاً للتبرعات والمجموعات الفنية الخاصة المهداة، لجأ المتحف أيضاً لمصادر أخرى من أجل إثراء معروضاته من الأعمال الفنية الأثرية، كالقيام بالمشاركة والرعاية في أعمال التنقيب عن الآثار في مناطق مختلفة من العالم. ونتيجة لهذه الإسهامات حصل المتحف على معروضاته الأثرية الحالية، التي تُراوح ما بين المنحوتات الضخمة والأجزاء الهندسية المعمارية والأدوات المنزلية. ومن بين الأعمال الأثرية الهامة المعروضة فيه مثلاً يأتي تمثال الملكة الفرعونية "حتشبسوت" التي حكمت مصر لأكثر من عشرين عاما،ً واكتُشف معبدها الجنائزي في الدير البحري جنوب مصر في عشرينيات القرن الماضي، وقد ساهم المتحف في أعمال التنقيب التي جرت حينها. وكانت القوانين المصرية وقتها تسمح بتقاسم القطع الأثرية المكتشفة مع البعثات والفرق الأجنبية التي تتولى عمليات التنقيب عن الآثار في مصر.

من المفارقات اللافتة في تاريخ متحف المتروبوليتان أن أول مدير له لويجي سيسنولا لم يكن متحمساً لعرض أعمال الفنانين الأميركيين بين معروضات المتحف، ودأب على وصفها بالهراء. ومع الوقت تسللت الأعمال الفنية للفنانين الأميركيين إلى داخل المتحف ببطء شديد، واستغرق الأمر حتى السنوات الأولى من القرن العشرين من أجل السماح بعرضها داخل المتحف إلى جوار رواد الفن الأوروبي. وقد افتُتح الجناح المخصص لعرض أعمال الفنانين الأميركيين لأول مرة في متحف متروبوليتان عام 1924 أي بعد ما يزيد عن خمسين عاماً من إنشاء هذه المؤسسة العريقة.

المصدر:اندبندنت عربية

29 Aug, 2020 02:36:27 PM
0

لمشاركة الخبر